ربـط 6 ملايـين أسرة بالإنترنـت الثابـت و1.5 مليون أسـرة بالألياف البصريـة
نشر 200 ألف كيلومتر من الأليـاف البصريـة وربط 58 ولايـة لتلبيــة احتياجات المواطنـين
يعتبر تحسين جودة الاتصال لفائدة المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات العمومية، وتعميم الربط بالإنترنت ذات التدفق العالي والعالي جدا في كل التراب الوطني من بين أولويات عمل الحكومة، التي تستمر في العمل على “تشييد مجتمع للمعلومات” عن طريق تعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال في سياق سعيها لتحقيق “تنمية مستدامة وشمول اجتماعي”، وبذلت في هذا الصدد جهودا كبيرة لخلق بيئة رقمية حيوية، أتاحت النفاذ لتلك التكنولوجيات إلى كافة المواطنين لتقليص الفجوة الرقمية وتقديم خدمات ذات جودة.
تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية، عملت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية على الارتقاء بجودة خدمات البريد والاتصالات وتقريبها من المواطن، مع تحسين ظروف استقباله والإصغاء الدائم لتطلعاته والتكفل الأنجع بانشغالاته، وجعلته هدفا محوريا ينبغي بلوغه في الآجال المحددة.
وسطرت من أجل ذلك ورقة الطريق انبثقت عن مخطط عمل الحكومة، انتهجت فيها مقاربة لتحقيق هذه الأهداف، ارتكزت على محورين أساسيين، الأول تشييد بنية تحتية عصرية للاتصالات، والثاني تطوير شبكة بريدية جوارية، بهياكل تتوزع على كامل التراب الوطني تلبي حاجيات الساكنة على قدم المساواة، لاسيما في المناطق البعيدة ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
بنيـــة تحتيـــة عصريـة للاتصــالات
ومن أجل ترقية اندماج كافة المواطنين في مجتمع المعلومات ومرافقة التحوّل الرقمي للإدارة والاقتصاد الوطني، بواسطة تعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، جسدت وزارة البريد عدّة برامج ومشاريع بالتعاون مع شركائها، بهدف عصرنة وتطوير البنية التحتية لتحسين النفاذ إلى الإنترنت وتدفقها، بعرضيها الثابت والنقال.
ففي شق الأنترنت الثابت، أخذ القطاع على عاتقه رفع تحديين اثنين، في مقدمتهما زيادة عدد الموصولين بالشبكة، والتحسين المتواصل لسعة التدفق، بتسعيرة مقبولة بالنسبة للمواطن، وأظهرت أرقام الوزارة ارتفاع عدد الأسر الموصولة بالأنترنت الثابت فبعدما كان عددها يقترب من 3.5 مليون أسرة في 2020، يقترب اليوم من 6 ملايين أسرة بمعدل يقارب ثلثي الأسر عبر التراب الوطني.
وقد ارتكز توحيد طاقات المتدخلين في هذا الصدد على كسب رهان نجاعة شبكة النفاذ عن طريق عصرنة الشبكة السابقة بإعطاء الأولوية لاستخدام الألياف البصرية لاسيما تكنولوجيا الألياف البصرية وتوصيلها إلى غاية المنزل، حيث تم نشر أكثر من 200 ألف كيلومتر من الألياف البصرية، وربط 58 ولاية لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة، وسجلت طفرة في عدد الأسر الموصولة بتقنية الألياف البصرية الى غاية المنزل حيث بلغ 1.5 مليون أسرة شهر أكتوبر 2024، بعد أن كان عددها حوالي 53 ألف أسرة في بداية سنة 2020، علما أن الجزائر تعتبر من بين الدول القليلة جدا في إفريقيا والعالم العربي التي تمكنت من بلوغ هذا الانجاز.
ولم تقتصر الرؤية الاستراتيجية للجزائر على توفير اتصال واسع النطاق، بل عملت على توفير اتصال معقول من خلال وضع سياسات لتقليل تكاليف الاشتراكات، مما يجعل هذه التكنولوجيا متاحة لشريحة أكبر من السكان، كما سمح زيادة التدفق بتوفير تجربة إنترنت متميزة مع مراجعة تكاليفها وخفضها.
هذه المؤشرات الكمية رافقها تحسن نوعي في جودة التدفق، إذ ارتقى الحد الأدنى لسرعته بمقدار 5 مرات، من 2 إلى 10 ميغابيت/ثا، كما مكنت الاستثمارات المسخرة من تقديم عروض سرعات أعلى للمشتركين تصل إلى 1 جيغابيت/ثا، مع تخفيض أسعار عروض التدفقات العليا، من أجل تشجيع المشتركين على الإقبال عليها.
كل هذه التحسينات لم تكن لتتجسد، بحسب تقرير لوزارة البريد لولا الرفع المحسوس في قدرات عرض النطاق الترددي الدولي للجزائر والذي تضاعف 6 مرات، حيث تبلغ السعة المجهزة للشبكة الدولية للاتصالات حاليا 9.8 تيرابيت/ثا بعد أن كانت تقدر بـ 1.5 تيرابيت/ثا سنة 2020.
أما فيما يخص الأنترنت النقال، فحرصت الوزارة الوصية على توسيع الشبكة لتمكين المواطنين من تغطية جيدة، مع السهر على التحسين المستمر لنوعيتها، وشكل هذا أهم محور تدخلها، لاسيما من خلال متابعة مشاريع نشر تكنولوجيا الجيل الرابع، التي تواصلت بوتيرة متصاعدة على كامل التراب الوطني، ليتجاوز معدل التغطية بتكنولوجيا الجيل الرابع 85 % من الساكنة.
كما كللت الجهود التي بذلها القطاع، لاسيما في ميدان تنظيم الطيف الترددي، من خلال وضع حُزم ذبذبات إضافية تحت تصرف المتعاملين، وكذا المشاريع المجسدة ميدانيا من قبلهم، بمنحنيات تطور إيجابية، إذ تجاوزت الحظيرة الاجمالية للمشتركين في الأنترنت النقال 48 مليون اشتراك، بعد أن كان عددهم يقدر بـ 37 مليون اشتراك في بداية سنة 2020.
هذه المكاسب مكنت بحسب التقرير من مضاعفة متوسط حجم البيانات المستهلكة شهريا من قبل كل مستعمل للأنترنت النقال، والذي انتقل من 3.7 جيغابايت سنة 2020 إلى 10 جيغابايت حاليا.
تحقيق تكافؤ الفرص للجميــع
بالموازاة مع ذلك، حرصت السلطات العمومية على تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وتمكين الجميع مهما كان مقر إقامتهم من مزايا تكنولوجيات الاعلام والاتصال، من خلال إطلاق مشروع الخدمة الشاملة لتغطية 1400 منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة (لا يقل عن 2000 نسمة) بشبكة الهاتف والانترنت النقال من الجيل الرابع.
ويندرج هذا المسعى ضمن مجهود التهيئة الرقمية للإقليم وتقليص الفجوة الرقمية بين مناطق الوطن، اعتمادا على مختلف الوسائل والموارد المتاحة، على غرار آلية دعم الخدمة الشاملة للبريد والخدمة الشاملة للاتصالات الإلكترونية التي كرسها القانون رقم 18-04 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الإلكترونية.
واستهل هذا المشروع، بعملية إحصاء ميداني شامل، بالتنسيق بين مصالح الوزارة، سلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية، السلطات المحلية، متعاملي القطاع، لاحتياجات سكان المناطق التي تقل كثافتها عن 2000 نسمة في مجال الاتصالات النقالة، أعقبتها عملية ضبط قائمة المناطق المؤهلة للاستفادة من التغطية، ثم إعداد دفتر شروط يضم الخصائص التقنية والالتزامات القانونية للأطراف المتدخلة في إنجاز المشروع، ثم عرضها على اللجنة المتعددة القطاعات المكلفة بتسيير صندوق دعم الخدمة الشاملة للبريد والخدمة الشاملة للاتصالات الإلكترونية، وإثر المصادقة عليها من قبل الأعضاء، تمت مباشرة إجراءات المزايدة بإعلان المنافسة التي قادتها سلطة ضبط البريد والاتصالات الإلكترونية.
وقد انطلق المتعاملون الذين تم انتقاؤهم في إنجاز العمليات المسجلة ضمن هذا المشروع، وهذا، وفقا للآجال المحددة ضمن دفاتر الشروط التي تم توقيعها وتبليغها لهم، ويعد المشروع حاليا في مراحل متقدمة من التنفيذ.
تطوير الدفع الالكتروني وتعزيز الشمول المالي
تسليم المنشآت الهيكلية الجديدة في مجال البريد والاتصالات وتشغيلها، سمح للجزائر بجني ثمار تعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في النطاق الاقتصادي، والمالي على وجه التحديد، حيث انخرطت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية في جهود تعميم الدفع الالكتروني وترقية الشمول المالي التي بادرت إليها الحكومة.في هذا الصدد، يتيح متعاملو القطاع، على غرار بريد الجزائر، للمواطنين عددا من وسائل الدفع الالكتروني التي تستجيب لمعايير الأمان والموثوقية الدولية، التي تمكن من إجراء مختلف العمليات المالية ضمن الشبكة البريدية وبالتشغيل البيني مع الشبكة البنكية، التي توجت بإطلاق محول الدفع الالكتروني والبيني عبر الهاتف النقال التي تمكن زبائن البنوك وبريد الجزائر من إجراء عمليات دفع وتحويل الأموال بصفة آنية وبينية باستعمال رمز الاستجابة السريعة، (QR-Code).، كما تم أيضا إبرام عديد اتفاقيات التعاون والشراكة مع مختلف القطاعات (التربية، التعليم العالي، المالية، السكن، التجارة..) لتشجيع تعميم استخدام وسائل الدفع الالكتروني.
وتحققت هذه الإنجازات بفضل الديناميكية التي عرفها إنتاج وتوزيع “البطاقات الذهبية”، حيث ارتفع عددها الإجمالي من 6 مليون بطاقة سنة 2020 إلى 13.4 مليون بطاقة نهاية السداسي الأول من سنة 2024.
وبغرض تفعيل الخدمات المالية بسلاسة وسرعة وموثوقية، طورت مؤسسة بريد الجزائر تطبيقين لصالح أصحاب الحسابات البريدية الجارية، في صورة “بريدي موب” الذي يعتبر التطبيق النقدي الأكثر تحميلا في الجزائر، وتطبيق ECCP، ويمكن هذان التطبيقان المستخدم من الاستفادة من عدة خدمات على غرار تعبئة رصيد الهاتف النقال للمتعاملين الثلاثة، تسديد فواتير الهاتف الثابت ودفع اشتراكات الأنترنت، إلى جانب تسديد فواتير الماء لمؤسستي سيال والجزائرية للمياه، دفع زكاة المال، الاطلاع على الحساب، تحويل الأموال من حساب إلى حساب آخر وغيرها من الخدمات.
وبلغة الأرقام، انتقل عدد عمليات الدفع الإلكتروني بواسطة بطاقة “الذهبية”، من 5 مليون عملية سنة 2020 إلى أكثر من 55 مليون عملية سنة 2023، مع ترقب بلوغ 80 مليون عملية سنة 2024، وهي نتائج مشجعة في ميدان الشمول المالي والدفع الإلكتروني، وتتضمن هامش تطور كبير بالنظر لما تتيحه البنية التحتية الحالية، سواء من حيث شبكات الاتصالات أو تطور وسائل الدفع الإلكتروني.