يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، أن الجزائر وضعت خطوات ثابتة نحو المرحلة الثانية من مشروع التحوّل الرقمي، من خلال الرفع من أدائها لتجسيد هذا المشروع، مؤكدا أن الحكومة قامت بجهد جبار من أجل تحسين تدفق الإنترنت.
قال هادف في تصريحه لـ«الشعب”، “إن الجزائر دخلت مرحلة جديدة من تنفيذ مشروع التحوّل الرقمي، الذي يعتبر مشروعا حقيقيا يأخذ منحى جيدا من التنفيذ، بل أصبح واقعا وليس مجرد شعار”، من خلال ما يلاحظ من مساعي لإزالة وتدارك كل التأخير المسجل في جانب التأطير والتنظيم، من حيث عمل المحافظة السامية للرقمنة على وضع كل الأطر التي تسمح بتسريع منحى تجسيد مشروع التحوّل الرقمي، من خلال الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي تعتبر بمثابة الانجاز الكبير بالنسبة للجزائر، زيادة على اعداد قانون الرقمنة، الذي سيسمح بتأطير كل ما يتعلق بتعميم التكنولوجيات الرقمية، إلى جانب المشروع الاستراتيجي الخاص بإنجاز مركز البيانات الوطنية للخدمات الرقمية، وشبكة التواصل الحكومية المؤمنة”، الأمر الذي سيسمح بتنفيذ مشروع التحول الرقمي، الذي اعتبره المتحدث مشروعا مجتمعيا.
وأعطى الخبير هادف، تقييما عاما لمسار التحول الرقمي في الجزائر، قائلا، أنه خلال السنوات الأخيرة، تم تركيز الجهود على تهيئة الظروف والبيئة المواتية لإنجاح مشروع التحول الرقمي، زيادة على تجنيد كل الفاعلين في مجال التكنولوجيات الرقمية لإشراكهم في انجاح هذا المشروع، موضحا أن الركائز الأساسية للمشروع جاهزة، بما فيها الجانب المتعلق بالمنشآت القاعدية وكل ما يتعلق بقدرات الجزائر في الجانب التكنولوجي، حيث قامت الحكومة بعمل جبار في سبيل تحسين تدفق شبكة الانترنيت، الذي ارتفع بـ6 مرات منذ 2020 ليصل الى 9.8 تيرابايت، مشيرا إلى أن الجزائر من الدول الأوائل على مستوى القارة الافريقية، في هذا المجال، فضلا عن ما يتعلق بالشبكات الداخلية التي عرفت تعميم استعمال شبكات الألياف البصرية للوصول إلى انترنت عالي التدفق، زيادة على عمل الكثير من المتدخلين على الجانب التكنولوجي والمعدات، خاصة في ما يتعلق بصناعة البيانات ومراكز البيانات ومراكز التخزين.
وبالإضافة إلى جاهزية البنية التحتية من أجل اقلاع رقمي وتكنولوجي، تحدث الخبير هادف، عن الركيزة الثانية لمشروع التحوّل الرقمي في الجزائر، الذي يتيحه مجال صناعة المحتوى وصناعة وتطوير الحلول وتطوير التطبيقات، التي أصبحت من بين الميزات التي تعمل عليها الجزائر، بالنظر إلى الكفاءات البشرية التي تزخر بها في القطاع العمومي وعلى مستوى القطاع الخاص، موضحا أن قدرة المورد البشري على الإبداع والابتكار في مجال صناعة المحتوى وتطوير التطبيقات، زيادة على جانب الأمن السيبرياني الذي خصّ بمكانة كبيرة في مشروع التحوّل الرقمي.
ويرى هادف، أنه مع بداية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي، يمكننا القول أن الجزائر بصدد التأسيس لمنظومة جديدة تتعلق بتعميم استعمال التكنولوجيات الرقمية على مستوى الهيئات العمومية، وهذا مشروع يحقق تطلعات تحسين أداء الإدارة العمومية، في ما يتعلق بالتسيير وجودة الخدمات العمومية المرقمنة بمنظومة عالية الجودة وعالية الأداء، مشيرا إلى أن الجزائر ماضية نحو تأسيس اقتصاد رقمي حقيقي يشكل أكثر من 15 بالمائة من الناتج الخام العالمي، وتهدف أيضا من خلال الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، إلى أن تصبح قطبا تكنولوجيا على المستوى الاقليمي.
وأوضح هادف، أن التكنولوجيات الرقمية هي رافد من روافد النمو والاستدامة، مستدلا بتجربة الدول التي تستند على اقتصاد عصري من خلال إدماج التكنولوجيات الرقمية في الجانب الاقتصادي والجانب الصناعي، لافتا أنه لا يمكن الحديث عن أداء اقتصادي متطور في مختلف القطاعات، دون استغلال مزايا التكنولوجيات الرقمية، التي تمثل أداة لتحسين أداء التجارة الخارجية وتطوير وترقية الصادرات، مؤكدا أن الرقمنة سيكون لها دور كبير في تحسين أداء الصادرات الجزائرية من خلال تصدير الحلول الرقمية من طرف المؤسسات الجزائرية العاملة في المجال، بالإشارة إلى الكفاءات الجزائرية الشابة التي تعمل في سبيل تطوير هذا الجانب.