تثمــــــــــين لجهـــــــود الدولــــــة ومواكبــــــة لرهانــــــات قطاعـــــات حيويــــــــــة
رافقت “الشعب” الجزائر المستقلة في جميع محطاتها التنموية على مدار 62 سنة، باعتبارها أول جريدة ناطقة باللغة العربية. وسخرت أقلامها لخدمة المصلحة العليا للبلاد، فكانت العين الساهرة والحريصة على مسايرة معركة البناء التي أعلنتها بكل تحدياتها من أجل تدعيم استقلالها السياسي وتعزيز سيادتها على كل المستويات.
رافقت “الشعب” ونشرت ونقلت كل ما تقرر وما أنجز بقيادة جزائرية تركت بصمتها وأثرها، سواء على حياة المواطن البسيط أو الاقتصاد وحتى في علاقاتها الإقليمية والدولية، بعد أن أصبحت بلادنا قلعة من قلاع نصرة قضايا التحرر والمطالبة بنظام دولي جديد وعادل يكفل للجميع نفس الحقوق والفرص.
ومن معركة البناء واكبت “الشعب” كل التحديات التي مرّت بها بلادنا وساهمت، من خلال التقرّب وإعطاء القول للخبراء والحكماء، كل في مجاله، في تسليط الضوء على مكامن الضعف والقوة وإعطاء المخارج والحلول الممكنة لتجاوزها وتنوير الرأي العام كحق حرصت على ضمانه في إطار الخدمة العمومية، رغم كل الظروف والتطورات التي عرفتها الساحة الإعلامية بالجزائر وبروز عناوين أخرى كانت أمّ الجرائد مشتلة لكوادرها، وها هي اليوم تحاول البقاء كرمز سيادي رافق الدولة، مستفيدة من التطور التكنولوجي في وسائل الإعلام والاتصال لتبقى وجهة ولسان حال الدولة الجزائرية.
ومن أهم القضايا التي حرصت “الشعب” على متابعة تطوراتها، تلك التي شكّلت تحديا كان لابد على السلطات العمومية كسبها والتحكم في رهاناتها، لارتباطها الوثيق بالسيادة الوطنية، سيما أمام تزايد آثار التغير المناخي، فما كان منها سوى مرافقة الجزائر في معركتها في كسب أمنها المائي، أحد ركائز الأمن القومي لارتباطه الوثيق بعدة قطاعات استراتيجية كالفلاحة والصناعة.
وأخذ الأمن المائي في جريدة “الشعب” حيّزا مهمّا، حيث رافقت القطاع في كل مشاريعه التي أطلقها عبر الوطن من أجل حشد الموارد المائية، سواء بتغطيات يومية، حوارات، ربورتاجات، بداية بتعزيز البنية التحتية لشبكة السدود الوطنية حتى وصلت اليوم إلى 82 سدا، من خلال إطلاق العديد من البرامج لمواجهة شح الأمطار وتزايد النمو الديموغرافي، وفنّدت كل الادعاءات المشكّكة في جودة هذه البنى الهيكلية الكبرى وربط بعض الظواهر الطبيعية بها كالزلازل أو التلوث وذلك من خلال الخرجات الميدانية إليها وتقديم آراء الخبراء في هذا الخصوص. ناهيك عن التوجه نحو الحلول البديلة لتخفيف الضغط عن المياه التقليدية وتسليط الضوء على أهم القرارات الرامية إلى تجسيد استراتيجية فعّالة، قصد معالجة إشكالية التزود بالماء نهائيا وتحقيق أمن مائي للبلاد.
وشكّل الاستثمار في المصادر التكميلية البديلة لحشد الموارد المائية غير التقليدية لتدعيم المصادر التقليدية، واتخاذ العديد من الإجراءات التي تصب في الاستغلال الرشيد والأمثل للماء والحد من التبذير، حفاظا على الأمن المائي للجزائر خيارا استراتيجيا، سيما تحلية مياه البحر، وهو الخيار الذي رافقته “أم الجرائد” بكل أبعاده وأهدافه، والمتمثل في إنتاج 2 ملياري م3 من المياه المحلاة في آفاق 2030، بعد دخول مشاريع المحطات المرصودة لهذا الهدف ليصل العدد مستقبلا إلى 24 محطة تحلية، مع قيام ذات السعة الإنتاجية الكبيرة بتمويل البلديات والولايات المحاذية لها على امتداد 150 كلم نحو الداخل.
وتمتلك الجزائر حاليا 11 محطة تحلية ذات الحجم الكبير، والبرنامج الاستعجالي في هذا المجال مفتوح لتغطية 14 ولاية ساحلية وتغطية ولايات داخلية بعمق 150 كلم، وتدخل في هذا البرنامج محطتا المرسى وقورصو، ناهيك عن خمس محطات أخرى صغيرة الحجم، على غرار تلك المنجزة بكل من موقع الباخرة المحطة ببرج الكيفان، لتضاف إلى محطتي فوكة ورأس جنات للتخفيف من أزمة المياه. كما سيتم إنجاز 6 محطات أخرى بكل من تيبازة، وهران، بجاية، بومرداس، الطارف بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف م3/ اليوم بحيث سترتفع الكمية المنتجة إلى 60٪ من المياه المحلاة.