عندما نسترجع ماضي الإعلام الجزائري، ولاسيما انطلاقاته الأولى بعد الاستقلال، لايستوقف المتأمّل فيه سوى حدث بارز، يتمثل في تأسيس يومية “الشعب” التي ظلّت بحقّ أحد المنارات الشامخة التي نذرت أعمدتها وصفحاتها لتكون لسانا ناطقا بحال الشعب...وكذلك كانت من يوم ميلادها إلى اليوم.
وبعد عقود طويلة من الحضور المتميّز على الساحة قدّمت يومية الشعب أجيالا ذهبية من المسؤولين والصحافيين الذين خدموا المهنة بأقلامهم وآرائهم وخرّجوا أجيالا شكّلوا بدورهم نواة الكثير من العناوين الصحفية بعد الانفتاح السياسي والإعلامي.
لا يسع المقام لذكر أسماء هؤلاء الصحفيين جميعا، ولكن يكفي من ذلك أن نشير إلى الشيخ محمد الميلي، العربي الزبيري، الراحل محمد بوعروج، يوسف فتح الله، عبد القادر بن قاسي، عبد القادر بن صالح، أحمد علي غزالي، خروبي محمد، نجيب بوكردوس، فنيدس بن بلة، رحم الله منهم من قضى نحبه وأدام العافية على من ما زالوا أحياء بيننا.
وها هو الزمان ينعطف بنا مرة أخرى ليتوقف عند ذكرى تأسيس هذا الصرح، الذي استلمته أيد شابّة يافعة بعنفوانها يانعة العطاء باجتهادها ومازالت “الشعب” كما كانت عندما أنشئت أول مرّة، لسانا ناطقا بحال الجزائر كلّها، تعبّر عن مراحل تطوّرها وازدهار تنميتها وكانت أيضا مرآة تعكس قيمها ومواقفها الصامدة، لاسيما تلك التي ناصرت بها الشعوب المقهورة والمستضعفة وانتفاضاتها ضدّ قوى الطغيان والاحتلال أين ما كانا.
أغتنم هذه السانحة لأزفّ إلى طاقم الجريدة أجمل التهاني ونحن مطمئنون إلى أنّ مستقبلها سيظلّ مشرقا ومزدهرا ومقبلا على مزيد من النجاح والتميّز.
أريد أيضا أن تكون هذه التهاني شاحذة لهمة طاقم الجريدة كي يستبسل في الدفاع عن حمى الجزائر التي تخطو، تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون، خطوات ثابتة إلى مكانتها بين الأمم والتي تعود لها بأحقّية التاريخ والمقدرات معا.
إنّي على يقين بأنّ الوعي بالحال والمتغيّرات العالمية وما يصاحبها من تحدّيات نقل الخبر بموضوعية ليس هو ما يعوز طاقم الجريدة، ولكن اليقظة مطلوبة لأنّنا نعيش في زمان بات فيه الخبر المضلّل والسردية الكاذبة لا يقلان فتكا عن أسلحة الدمار الشامل.
فكلّ التوفيق لجريدة “الشعب” الغرّاء في عيد ميلادها وكلّ عام وهي وطاقمهما المحترف بألف خير.