الدكتور محيي الدين عميمور:

لــصــحــيــفــة “الــشــعــب” عــلــيّ دَيْــــن لا يـــُمـــكـــن أن أتـــنـــاســــــاه

 

«العلاقة بيني وبين “الشعب” كانت، وأظنّها لا تزال، علاقة عاطفية خاصّة ومتميّزة، أزعم أنّني لا أستطيع أن أجد لها تفسيرا مُرْضيا مائة بالمائة.
ولقد حافظت هذه العلاقة على نوعيتها وخصوصيتها وقوّتها، رغم اختلاف الزوايا التي قُدّر لي أن أنطلق منها في تعاملي مع الصحيفة – المؤسّسة.
وعبر سنوات طويلة، لعلّها تمثل معظم عمري المهني، كان من أهم ما أحرص عليه ألا يفوتني عدد واحد من “الشعب”، حتى عندما كنت أئِنّ، بعد العودة من سفر طويل، تحت أكداس من الصحف كان عليّ أن أتصفّحها، إن لم أكن مضطرّا إلى ازدراد سطورها، من الغلاف إلى الغلاف كما يقولون.
وكنت أتساءل أحيانا...هل كانت القضية مجرّد “لازمة” عصبية كسيغارة الصباح، نشعلها بحكم العادة لا تحت ضغط الحاجة ؟
لا أعتقد ذلك. ففي حالات معيّنة كنت أقرأ الصحيفة في آخر المساء لا في بداية الصبيحة، وأحيانا كنت أقرؤها بعد أيام من الصدور.
وكان أقرب تفسير مُقنعٍ هو أنّ الشعب، وبجانب ما تحتويه من مواد إعلامية، كانت، منذ انطلاقها في ديسمبر 1962 بتوجيه من الشهيد محمد خيضر، ترمز للتحدّي الذي يرفعه الحرف العربي في وجه الداء والأعداء، ثمّ في مواجهة منافسة أقلّ ما يمكن أن يقال عنها أنّها كانت تفتقر أحيانا، وربّما غالبا، إلى عنصر النزاهة الذي يميّز المنافسة الشريفة، المبنية على تكافؤ الفرص والإمكانات...والحظوة.
صمدت الشعب (بسلامة الرجال...وليس الذكور فقط) رغم وضعية كانت تجعل من صدورها عملية ولادة متعسّرة، وعبْر المعركة الضارية التي تكسّرت فيها النصال على النصال، دفاعًا عن «الضّاد»، بكلّ ما تعنيه، وحماية لها.
وظلّت الصحيفة، بكلّ ما يمكن أن نأخذه عليها، أكبر من مجموع الجهد الذي بذلناه نحن من أجلها، فقد أعطتنا أكثر ممّا أخذتْ منا، وكان أهمّ عطاء لها (في الستينيات وبعض السبعينيات) ما يمكن أن أسمّيه “وحدة الانتماء الفكري”، الذي كنت وما زلتُ أراه قاعدة كلّ شئ، وضرورة إستراتيجية قبل كلّ شئ، وبرغم كلّ شئ.
ورغم سطور التفكير من اليسار إلى اليمين وإن كُتبت من اليمين إلى اليسار، ورغم ألفَ عاملٍ وعامل تدفع المناضل نحو الاستسلام، وتثير في النفس مبرّرات اللامبالاة وعناصر الإحباط ولهفة الجري وراء الاعتبارات الأنانية والمصلحة الفردية، رغم كلّ ذلك فإنّ الإيمان بالهدف النبيل، وبالوسيلة النبيلة، وبالكلمة النبيلة، حرية ونزاهة ومسؤولية، كان دائما قلعة الصمود، وساحة اللقاء ونقطة التجمّع وخط الانطلاق”.
ما يقال عن “الشعب” وعن الذين حافظوا على رفع شعلتها كثيرٌ كثير، لكنّني أزعم أنّ أسبقية الأسبقيات اليوم هي العمل لتؤكّد “الشعب” دورها كصحيفة “وطنية” تتجه لأبناء الوطن في كلّ مكان، وهو ما فشلتُ أنا في تحقيقه.
والمهمّ أن تصبح كلمة “الشعب” مرادفا لكلمة “الجزائر”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025
العدد 19749

العدد 19749

الثلاثاء 15 أفريل 2025
العدد 19748

العدد 19748

الإثنين 14 أفريل 2025
العدد 19747

العدد 19747

الأحد 13 أفريل 2025