كشف الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور أحمد ميزاب عن الجهود الجبارة التي بذلتها الدّبلوماسية الجزائرية خلال عامٍ كامل نصرةً للقضية الفلسطينية، وكيف تمكّنت هذه الديبلوماسية من حصد نتائج إيجابية أعادت القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح.
قال ميزاب إنّ الجزائر ومنذ تولّيها لمقعدها كعضو غير دائم بمجلس الأمن، وضعت مسألة الدفاع عن الفلسطينيين وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ضمن الأولويات في أجندتها، في الوقت الذي كان يحاول فيه البعض تصفية القضية وإلغائها من على طاولة النقاش الدولي.
تحدّث ميزاب بإسهاب عن السياق الزمني الذي نالت فيه الجزائر عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن، والذي شهد أحداثاً متتالية خاصة بعد معركة طوفان الأقصى وبداية حمّام الدم في الأراضي الفلسطينية، ما دفع بالجزائر - يضيف القول - الى الأخذ بزمام المبادرة، وتكثيف جهودها من أجل وضع آلية عمل للدفاع عن القضية الفلسطينية، وكشف الجرائم التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني.
وتابع الخبير الأمني والاستراتيجي قائلاً إنّ الجزائر تتحرّك من منطلق قناعات استراتيجية إذا ما تعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية التي تعتبر ضمن أولوياتها، ناهيك عن بذلها لجهود ديبلوماسية معتبرة في هذا الإطار أدّت الى تشكيل “حِلف غير معلن” داخل مجلس الأمن يضم عدداً من الدول الأعضاء غير الدائمين بمجلس الامن، يهدف الى تسليط الضوء وتقديم الصورة الكاملة والحقيقية لما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من إبادة.
وأشار المتحدّث إلى أن الجزائر نجحت في إرجاع فلسطين الى جدول النقاش بالأمم المتحدة، وتمكّنت من ممارسة الضغط على الأطراف الفاعلة والمؤثرة في الساحة الدولية أو حتى داخل مجلس الامن، خاصة الدول التي تمتلك حق النقض الفيتو وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية.
ولَفَتَ ميزاب إلى أن الجزائر على قناعة تامة بأنّ منح دولة فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة هو أساس ومنطلق للحديث عن أي تسوية أو حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية، وبأن تحقيق هذا الهدف سيجعل من فلسطين عضواً فاعلاً ومؤثراً، كما سيمكّن هذا القرار من تحريك عملية السلام بما يستجيب لمطالب الشعب الفلسطيني، عدا ذلك - يضيف - سنكون أمام أفعال مقصودة تهدف الى الحيلولة دون وصول القضية الفلسطينية الى مبتغاها أو تسجيل أي تقدّم.
وتابع قائلاً إنّ رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون قد توعّد خلال أشغال القمة العربية في دورتها 31 المنعقدة بالجزائر، بالدعوة إلى جمعية عامة استثنائية للأمم المتحدة من أجل مناقشة ومنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة، وهو ما تم بالفعل مباشرةً بعد استلام الجزائر لمقعدها كعضو غير دائم بمجلس الامن، حيث تحرّكت في هذا السياق ووضعته ضمن أولوياتها عبر مشاورات ولقاءات مكوكية تمخّضت عنها نتائج مثمرة.
دبلوماسية نشيطة في خدمة قضية عادلة
يرى الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد ميزاب أنّ منح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة هو بداية السير نحو تعبيد الطريق للوصول إلى حقوق وأهداف الشعب الفلسطيني، وغير ذلك من خطابات، هو مجرّد مناورات سياسية مكشوفة تعوّدنا عليها في أوقات سابقة، يرافع فيها الكل حول مسألة السلام والمفاوضات وحل الدولتين، ولكن لا توجد أي خطوة ملموسة أو عملية تُثبت ذلك على أرض الواقع، وبالتالي، منح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة تماشياً مع رؤية رئيس الجمهورية وجهود الديبلوماسية الجزائرية، هو بداية الإقرار بإمكانية إحلال السلام من أجل بلوغ الفلسطينيين لحقوقهم المشروعة.
المتحدّث وهو يعدّد انتصارات الديبلوماسية الجزائرية لصالح القضية الفلسطينية خلال العام المنصرم، نوّه الى ضرورة الإقرار بقوة هذه الديبلوماسية وبالجهد المبذول في أروقة الأمم المتحدة الذي أدى الى استصدار قرارات تدين الكيان الصهيوني، مشيراً في الوقت ذاته الى صلابة الخطابات التي كان يلقيها الممثل الدائم للجزائر بالأمم المتحدة والتي كانت خطابات قوية، ومداخلات كانت تذهب في الصميم وفي العمق، وسجّلت متابعات على نطاق واسع.
وقال ميزاب إنّ الدّبلوماسية الجزائرية بمجلس الامن قد أسقطت أوراق من كان يوفّر الحماية للكيان الصهيوني ويدافع عنه، وأجبرت بعض الجهات على أن ترضخ للأمر الواقع، وهو التوجه نحو الإدانة والمطالبة بوقف إطلاق النار، والوقوف عند المسائل الإنسانية، وبالتالي، فهذا في حد ذاته يؤكد قوة الديبلوماسية الجزائرية.
وخلُص قائلاً إنّ الجهد الذي يُبذل على مستوى الفعل الديبلوماسي وحشد الجهود للأطراف الشّريكة من أجل تشكيل كتلة ضغط وكمية الإصرار والعمل والخطابات القوية، هو ما مكّن الجزائر من أن تفتكّ قرارا يُدين الكيان الصهيوني أمام مجلس الأمن، وقرارا آخر يدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار “الذي للأسف غير مفعّل الى اللحظة”.