أجمعت نقابات مختلف قطاعات الوظيف العمومي، تحدثت إلى “الشعب”، عشية الاحتفاء باليوم العالمي للعمال المصادف للفاتح ماي من كل سنة، على تثمين ما حمله مشروع ممارسة الحق النقابي 90-14 المعدل مؤخرا، حول ملاءمة القانون لاتفاقيات العمل والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الجزائر، لاسيما ما تعلق بتسهيل تكريس إنشاء كونفدراليات وفدراليات واتحادات وكذا حماية المندوب النقابي.
انتهزت هذه التنظيمات فرصة الاحتفالية العمالية لتؤكد ضرورة تعزيز المكتسبات النقابية بشكل يضمن الحقوق والواجبات للطرفين، خاصة مسألة النسبة التمثيلية، المنتظر إعادة النظر فيها، من خلال مشروع قانون الإطار المزمع إثراؤه قبيل نهاية السنة الجارية، تجسيدا لتوصيات الحكومة.
قال رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، الياس مرابط، إنّ قانون العمل النقابي رقم 90-14 المصادق عليه، مؤخرا، من قبل البرلمان يضم جوانب إيجابية، إلا أنّ النقابات تطمح لدعم وتعزيز حرية ممارسة النشاط النقابي وحماية المندوب النقابي من خلال مشروع قانون الإطار الذي سيعوض القانون الأول، ويحمل مقترحات النقابات، حسب ما تعهد به وزير العمل أمام البرلمان، حينما أكد أنّ إثراء القانون الجديد سيكون بمشاركة الشركاء وسيفرج عنه قبيل انتهاء السداسي الثاني من 2022.
وتحدث مرابط عن مقترحاتهم التي لم تأخذ بعين الاعتبار في قانون 90-14 بما أنّ التعديل كان جزئيا ومستعجلا، وهذا تنفيذا لمطلب مكتب العمل الدولي بخصوص ملاءمة القانون مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادفت عليها الجزائر، وخاصة معاهدتي 87 و98 المتعلقتان بالتعددية والنشاط النقابي، حق للتفاوض وحق الإضراب.
وأشار في السياق، إلى ضرورة إعادة النظر في النسبة التمثيلية للنقابة، المتمثلة في 20% التي تجاوزها الزمن بما أنّها جاءت في عهد الأحادية، إذ كان عدد النقابات يعد على الأصابع، في حين، توجد اليوم العشرات من النقابات في القطاع الواحد كالتربية التي تضم 33. نقابة، وهو المقترح الذي تعهد الوزير بمراجعته.
وبعد أن أثنى على ما جاء به القانون المعدل فيما يخص تشكيل كنفدراليات واتحاديات، وفدراليات باعتبار أن ذلك سيعطي دعما كبيرا للتمثيل النقابي، شدّد النقابي، على أن هذا لا يكفي، بل يستوجب أن يشير القانون لعدة وضعيات تضمن للمندوب النقابي حقه وتحميه من تجاوزات المسير أو التهيئة التابع لها في حال رفضها إدماجه، بالرغم من أنّ العدالة أنصفته بحكم قضائي، مذكرا بضرورة تعزيز القانون بإجراءات إضافية ويتوسع لمثل هذه الوضعيات، ليؤكد على جزئية أخرى وجب أخذها بعين الاعتبار تتعلق بمقترح النقابات الخاص، بإضافة مصطلح الموظف التابع للوظيفة العمومية، بما أنّ مواد 2.3.4 تتكلم على الأجير والمستخدم.
وعزّز طرحه بأنّ الموظف يسيره قانون الوظيفة العمومية والقانون الأساسي لقطاعه خلافا للعامل الأجير في القطاع الاقتصادي الخاضع لاتفاقيات جماعية، وهو ما وجب تداركه في مشروع قانون الإطار، حسب مرابط.
كما أكد، ممثل مستخدمي الصحة العمومية، أنّ تعديلات قانون ممارسة الحق النقابي جاءت بجانب مهمة تحمي وتدعم ممارسة العمل النقابي وهو جانب أولويته الاتفاقيات الدولية أهمية كبيرة، كما أنه في الجانب التنظيمي يسهل إنشاء كنفدراليات واتحادات وفدراليات من شأنها تسهيل الممارسة النقابية، دون إغفال مسألة حماية المندوب النقابي من عديد الممارسات التي تسير مشاكل معاشة اليوم على مستوى مؤسسات وقطاعات، مستشهدا لحالة تجاوز القانون من قبل المدير دون حساب وعقاب، بل يتعسف في استعمال السلطة، وهو ما وجب التعامل معه بصرامة من خلال القانون المنتظر.
من جانبه، رافع الأمين الوطني العام لنقابة مجلس أساتذة ثانويات الجزائر، زوبير روينة، من أجل تطبيق القوانين على أرض الواقع للوصول إلى ترقية العمل النقابي، بشكل يخدم النقابات باعتبارها ممثل العمال وكذا الجهة المستخدمة، قصد المحافظة وتحقيق توازن في علاقة العمل.
وأكد أنّ المسألة لا تتعلق بالأطر القانونية بقدر ما تتعلق بتجسيدها واقعيا ضمانا لحقوق الطرفين، مستشهدا بعدم تجاوب الجهات المستخدمة بعد إيداع الإشعار بالإضراب من قبل نقابات الوظيفة العمومية خلال الأيام التي سبقت إضراب الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، مضيفا أنه كان المفروض الاجتماع بالنقابات فور إيداع الإشعار من أجل التفاوض وتسوية الانشغالات، مثلما ينص عليه القانون.
كما عاد روينة، لتأكيد ضرورة مراجعة النسبة التمثيلية للنقابات 20 بالمائة التي يراها مستحيلة للتحقيق، في ظل وجود عشرات النقابات العمالية، مشيرا إلى أنّ مصداقية النقابة في الميدان لا يمكن ربطها بهذه النسبة، بل الأحرى تركها تعمل والاستماع لها والتفاوض معها في إطار القانون.
أما الناطق الرسمي المحلي الوطني المستقل لمستخدمي التدريس ثلاثي الأطوار، مسعود بوديبة، فقد أوضح أنّ نقابته تقدمت بتعديلات بخصوص قانون ممارسة الحق النقابي في مناسبتين، أولها لما عرضت وزارة العمل مشروع تمهيدي للإثراء وثانيا استجابة لدعوة لجنة العمل بالبرلمان في محاولة لكسب النواب من أجل مساعدتهم على إدراج مقترحاتهم، إلا أنّ - يؤكد بوديبة - المشروع بقي على حاله ولم يؤخذ المقترحات بعين الاعتبار.
وبمناسبة العيد العالمي للعمال، ذكر، ممثل نقابة “كناباست”، أنّ وزير العمل تعهد رفقة اللجنة البرلمانية بالأخذ بالمقترحات وإعادة النظر في كثير من المسائل من خلال مشروع قانون الإطار المنتظر إثراؤه قبيل نهاية السنة الجارية.
وثمّن بوديبة، ما جاء في قانون 90-14 المعدل فيما يخص منح تسهيلات أكثر لتأسيس فدراليات وكنفدراليات واتحادات، معتبرا إياها خطوة مهمة في طريق التعددية النقابية الحقيقية في الجزائر، خاصة وأنّ القانون السابق الذكر يعود لتسعينيات القرن الماضي أيام الأحادية والمركزية النقابية، مؤكدا أنّ ما جاء به القانون في هذا الشأن يترجم مطالب ويحقق طموحات النقابات منذ سنوات، بما أنّ تشكيل فدراليات وكنفدراليات هذه الأخيرة التي تجمع نقابات من قطاعات مختلفة، تضمن للعامل حرية الاختيار لكي يكون مهيكلا في نقابة معينة، وهو ما يشجع على التنافي أكثر فيما يخص التمثيل العمالي للنقابات.
وشدّد نقابي “كناباست”، على ضرورة إعادة النظر في النسبة التمثيلية للنقابات، من خلال تقليصها بما أنّ القانون يشير إلى 20 بالمائة من التمثيل العمالي لأيّ نقابة في الجزائر، وهي مبالغ فيها مقارنة بما يعتمد في باقي دول العالم، حسب بوديبة.