عدة قوانين تعود إلى سنوات خلت تحتاج نصوصها إلى تطوير
اعتبر النقابي عمار تاكجوت أن كل طرف في الساحة الاقتصادية والاجتماعية ينظر إلى عالم الشغل من زاويته معتقدا في حديثه الى «الشعب» ان الوضع الاجتماعي يعرف حركية عكستها اضرابات شملت قطاعات مثل التربية والصحة قامت بها نقابات مهنية او مستقلة في ظل وضع مالي واقتصادي لا يمكن تجاهله، خاصة وأنه انعكس على الجانب الاجتماعي. في وقت يوجد تحسيس ونقاش حول القدرة الشرائية التي تمر بمرحلة صعبة وهذا طبيعي ومشروع كون اي ازمة اقتصادية تقود حتما الى انعكاسات اجتماعية.
ودعا تاكجوت الى العمل على توزيع أعباء ثقل الأزمة على كافة الشرائح حتى لا يشعر طرف خاصة من ليس لديهم موارد مالية مريحة انه يتحملها اكثر من غيره بل الواجب يفرض على من جمعوا أموالا خلال فترة الاريحية الاقتصادية ان يساهموا في هذا الظرف في تعزيز جهود مواجهة الأزمة. بالاضافة الى ذلك، يقول محدثنا، إنه من خلال التشخيص يرصد وجود اشكال يتعلق بمسألة الحوار الاجتماعي الحقيقي في ظلّ احترام الشركاء المتبادل موضحا ان الجميع معني بالتفكير حول حلول ممكنة التفعيل دون التأثير على المجتمع والعمال ذلك ان مثل هذه المقاربة مطلوبة اثناء الأزمات بحيث يتطلّب الأمر تجنيد قدرات هائلة من جانب المسؤولين على مختلف القطاعات والعمال لإرساء حوار شامل من اجل تجنب المسائل الجانبية وتجاوزها للتطرّق الى القضايا الجوهرية التي تخصّ عالم الاقتصاد والشغل. ويعتبر هذا التوجه برأي الأمين العام لفيديرالية عمال النسيج ومسوؤل اتحاد العمال لولاية الجزائر ثقافة يمكن تجسديها على الأرض إذا ما تخلص الشركاء من عقدة الازدراء كون المجتمعات القوية ارتكزت على هذا الخيار باعتبار الحوار قيمة مشتركة يسمح بضبط الأولويات بالنظر للرهانات والتحديات المصيرية. لذلك اكد اهمية تكريس هذه القدرة في الحوار، بحيث لما يتمّ التوصل الى اتفاق على مخلتف المستويات يجب السهر على تجسيده في وقته لتفادي الإضرار بجانب حسن النية وعليه اصبح من المستعجل ترقية العلاقات بين الشركاء، خاصة في عدد من القطاعات التي تعرف أزمة حوار وتعاني من قطيعة بين الشركاء الاجتماعيين لأسباب تبقى في رأيه مجهولة.
نصف الانشغالات والقضايا المطروحة سببها انعدام التواصل
واعتبر أول ماي موعدا ملائما لأحداث النقلة اللازمة في ترميم مسار الحوار بحيث يمكن للاصغاء عن طريق الاتصال الدائم لأن نصف الانشغالات والقضايا المطروحة سببها غياب التواصل. ويرجع في هذا الصدد الى اضراب الأطباء المقيمين موضحا ان الأزمة سببها غياب الاصغاء بين الشركاء بعد ان توقف المعنيون عند طرح اشكال والرد عليه بإثارة إشكال مغاير لتضيع الحلول، مما أدى إلى حالة تعفن.
ويرى المسؤول النقابي أنه ليس عيبا التوجه الى اعتماد اصلاحات موضوعية في قطاعات تعرف حركية تهدّد الاستقرار، خاصة وان عدة قوانين تعود الى سنوات سابقة تحتاج نصوصوها اليوم الى تطوير وهذا لا يمنع وجود لجان مشتركة للعمل والتفكير حول تكييف التشريعات المعنية لتكييفها مع الظروف الجديدة التي تطرح مستجدات. ويقدم مثالا جيدا لإصلاح القوانين مثلما هو الحال في موضوع الخدمة الوطنية التي عرف قانونها تعديلا لمرتين بتقليص مدة الخدمة الوطنية لتصبح سنة ويعكس هذا وجود تطور في الحياة ويمكن اعتماد نفس المسار بالنسبة للخدمة المدنية في قطاع الصحة ويحتاج هذا الى تبني ميكانيزمات تساير المرحلة بحيث المطلوب تكييف المتطلبات وليس التخلي عنها ليمكن الخروج من حالة النزاع التي تستنزف الوقت والجهد ولا فائدة من ورائها بل أنها تكلف الكثير. خاصة وان العيد العالمي للشغل يأتي هذه السنة والوضع الإقليمي يعرف ازمة جراء احداث تستوجب من المجتمع الجزائري الانتاباه لها وأخذا الاحتياطات من خلال توفير الظروف الملائمة للمرحلة.
غياب دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي
وبخصوص الجهات التي يقع عليها القيام بهذا الدور المتعلّق بإطلاق الحوار الاجتماعي مجدا بحيث يكون في مرحلة سابقة للأحداث والتداعيات يبرز تاكجوت أهمية ما يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي القيام به في هذا الشأن ،وان كان حاليا يعرف غيابا عن المشهد. ويواصل قائلا «يبدو أن لدينا نقص في القدرة على التوقع الى ان تفاجئنا التطورات بحيث نضطر حينها إلى البحث عن معالجة مشكلة بعد ان تقع بينما الأفضل أن يتم تسويتها مسبقا لو تكون رؤية مستقبيلية على مختلف المستويات القطاعية والمؤسساتية مع ان الحوار الاجتماعي كما يضيف لا يكلف الكثير مقارنة بكلفة الاحتجاجات والإضرابات بقدر ما يكلف الاحترام الذي يقدم اضافة لتحسين المناخ الاجتماعي في العالم الاقتصادي. لذلك من المفيد أن تكون هناك مرونة ولا يعدو ان يكون الأمر متعلقا بمسألة الإرادة والقناعة التي لا تتطلّب أموالا طالما ان التشاور بدون احكام مسبقة يفضي الى صياغة حلول آنية وأخرى متوسطة وطويلة الأجل.
التكوين النقابي يعاني نقصا كبيرا
وفيما يخص الممارسة النقابية التي ألقت بظلالها على مشهد عالم الشغل بالنظر للأحداث التي سجلت وتداعياتها التي تستمر في بعض القطاعات مثل الصحة بعد معالجة تلك التي هزّت قطاع التربية، بدأ عمار تاكجوت بتوجيه نقد ذاتي لمنظمته النقابية قبل التوجه للنقابات الأخرى، فأشار إلى أن منظمته تعرف مشكلة جدية بحيث يتفق مع الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين حول جانب التكوين النقابي الذي يعاني من نقص كبير وينبغي الرجوع الى اسس الممارسة النقابية السليمة من خلال بعث الحوار داخل الهياكل واحياء مناظرة الافكار، كما كان يجري في الماضي والتي ـ كما يشير اليه ـ اصبحت في طي النسيان، وهي القواعد التي يمكن البناء عليها اذا كان الحرص على بناء منظمة نقابية قوية بحيث لا يحتكر شخص أو اثنين النقاش حول قضايا الاتحاد وعالم الشغل. كما ان وضع تنظيم محكم في ظلّ مجتمع منظم يتمخض عنه التمتع بمناعة صلبة قادرة على تحصين السيادة الوطنية التي يقع واجب الدفاع عنها على كامل المجتمع، وبالتالي ليس خطا السماح للفئات المختلفة بأن تكون منظمة في اطر تقابية او مهنية أو تجمع ارباب العمل كون ذلك من شأنه ان يزيد من القوة وانتزاع الاحترام من الغير.
مراجعة المنهجية الاستثمارية وتحرير أكثر للمبادرة
وفي رد عن سؤال يخص الاستثمار بكونه عنصرا جوهريا للنمو، دعا المسؤول النقابي الى مواصلة مسار بناء اقتصاد انتاجي ومتنوع مشيرا الى الجلسات الوطنية لقطاع الفلاحة مؤخرا التي اظهرت وضعية تستدعي تكامل الجهود بدل تبعثرها من اجل جمع العناصر الموجودة حول مشاريع ذات جدوى قادرة على إنتاج القيمة المضافة. وقد اشار رئيس الدولة في رسالته الى الفلاحين ان المؤشرات التي لا تزال محدودة رغم الامكانيات، ما يفسر ان الوضع الاقتصادي يحتاج فقط الى مراجعة المنهجية التي يسير عليها بإعطاء المؤسسات دور اكبر في الحركية الاقتصادية.
ويشير في هذا الصدد الخاص بالاستثمار الى الوقوف على مشهد غير طبيعي بمناسبة زيارة معرض للنسيج احتضنته وهران الأسبوع الأخير، حيث وقف على وضعية شاب نظم الموعد للمرة الثانية بمشاركة مؤسسات جزائرية وسط حضور أجنبي مهنم بالسوق الجزائرية، لكنه فوجئ بعدم حضور مسؤولين على غرار والي وهران أو ممثل للوزارة، الأمر الذي يؤسف له لما تأثير ذلك على روح المبادرة وكان الحدث لا يعنيهم وهو ما لا يمكن ان يحدث لو كان صاحب المبادرة متعامل أجنبي على حدّ تعبيره، علما ان ما قام به هذا الشاب طيلة سنة من التحضير وحرصه على انجاح المبادرة خاصة في قطاع النسيج والجلود ولا يحتاج الا إلى دعم معنوي وليس إلى موارد مالية حتى يتجاوز عراقيل في الميدان، كون مثل هذه الديناميكية تحتاج الى مرافقة حقيقية. لذلك من المفيد العمل على تغيير السلوكات على كل المستويات خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
موقف الاتحاد الأوروبي خاطئ وقائم على مغالطات
هذا أسلوب ينبغي أن يتجسّد في الميدان بفعالية في وقت تلاحظ فيه خطابات كما تلك التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي الذي عبر عن عدم ارتياحه للقرارات التي لجأت إليها الجزائر بعنوان تدابير حماية الاقتصاد، ويصف موقف الاتحاد الاوروبي بالخاطئ لكن ربما كما يوضح توجد نقص في هذا المجال مما يستوجب احياء الفضاء الاقتصادي والاجتماعي حتى يتفادى قراءات سلبية من الشركاء مثل الشريك الأوروبي الذي لديه تحاليل تصبّ في الخانة محاولة الضغط او التغليط بإيهام المجتمعات بحيث ينظر الى الجزائر من زاوية تخص اعضائه وواضح انهم يستثمرون في النقائص لإصدار تقارير مغالطة من خلال اعطاء توقعات بينما لا يثيرون زوبعة حول قبرص او البرتغال، حيث الأوضاع سلبية والرسالة واضحة. اما مثل تحديات بهذا الثقل والموقف الذي يتخذه القطاع الاقتصادي الخاص ذكر تاكجوت بما صدر عن احدى منظمات ارباب العمل غير انه اعتبر غير كاف وانما ينبغي اتخاذ قرارات للتأكيد على ان اقتصادنا ليس هشا ولديه مناعة ولن يتأتى هذا إلا من خلال ممارسة يومية لإشعار الشركاء بأن الجزائر مجتمع حيوي يتوفر على طاقات اقتراح وقادر على تجاوز الأزمة، وبالتالي لا مجال لاملاءات او غيرها من الضغوط، لكن طرق العمل الحالية تحتاج الى اعطائها دفع لتوليد ديناميكية اكثر من مجدر رد فعل والمبادرة بالحركة انطلاقا من عناصر اقتصادية ذاتية يمكن الرهان عليها في احداث التحول الايجابي.
الصحافة والأمن الاقتصادي
في كل هذا العالم المتغير بسرعة يلعب الاعلام دورا يتعدى بكثير اطار الجوانب ذات الطبيعة البروتوكولية في متابعة الأحداث والحرص على ابراز الطاقات وتحديد الجوانب الايجابية والمعوقات، بحيث يتوفر الاعلام الوطني الذي يحيي هذا الاسبوع اليوم العالمي لحرية التعبير الموافق لـ 3 ماي على كفاءات مهنية يجسدها احترافيون يمكن ان يذهبوا الى ابعد حدّ خاصة في الامن الاقتصادي، غير ان الصحافة تتطلّب الارتقاء الى تنظيم جيد حتى تضطلع بدورها الشامل كونها بكل تنوعها عامل ضروري في المشهد الوطني ويتمنى لها الجميع النجاح ويوضح انه حريص على اقتناء الجريدة الورقية ولا يثق في شبكة التواصل الاجتماعي التي لا تعوض الصحافة التقليدية التي لعبت ولا تزال وظيفتها باحترافية.