هل تمكن وفرة العقار الصناعي التي سطر لها برنامج واعد من خلال مشروع إنشاء لأول مرة في الجزائر 42 منطقة صناعية جديدة في تنشيط وتيرة الاستثمار الذي مازال لم يبلغ السقف الذي يعكس إمكانيات الجزائر؟
وهل بإمكان مساحة تناهز شساعة الـ9572 هكتار من تهيئة الأراضي الصناعية قادرة على تحريك قاطرة الاستثمار التي مازالت بطيئة؟ لذا الآن الكرة في مرمى الادارة والمتعاملين المهتمين بالاستثمار في النجاح في تجسيد هذا المشروع الضخم على أرض الواقع، بعد أن رصدت الدولة أموالا معتبرة وهيأت أرضية الانطلاق، فالإدارة مطالبة بالقطيعة مع البيروقراطية، والمستثمر بالجدية والعمل الفعلي.
المتتبع للبرنامج الاستراتيجي الذي سطرته الدولة يعكس الارادة القوية لإنعاش الاستثمار الصناعي على وجه الخصوص وإعادة الاعتبار للقاعدة الصناعية التي أسست لها الجزائر في عقد السبعينات حتى ينعكس ذلك على أداء المنظومة الصناعية التي تحتاج إلى قفزة في ظل وفرة الامكانيات المادية والبشرية وكذا الأسواق على غرار السوق المغاربية والعربية وكذا الافريقية.
لكن هذا المشروع الذي يتربع على مساحة معتبرة ويتوزع عبر 34 ولاية، وتقدر المساحة القابلة فيه للتنازل عن طريق الامتياز بـ 7179 هكتار، يحتاج إلى متابعة وصرامة في عملية منح العقار سواء للمستثمرين الجزائريين أو الأجانب بالشراكة، والأمر متوقف على حسن الانتقاء في عملية الاستقطاب لأنواع الاستثمارات التي تحتاجها الجزائر من أجل التخفيف من فاتورة الصادرات على أن لا يتوقف الاستثمار على المشروبات الغازية والمواد الاستهلاكية التي ليس لها أي أولوية، لأننا بحاجة ماسة إلى إنتاج حقيقي في المواد الضرورية التي نستهلك ونستعمل من نسيج وجلود ومواد غذائية صناعية، وسيارات وآلات وما إلى غير ذلك.
وبالنظر إلى الغلاف المالي الضخم الذي لا يقل عن سقف الـ80 مليار دينار الذي سخر لتهيئة الـ 42 منطقة المقرر أن تكون تجربة نموذجية مجال الفشل فيها مرفوض، فإن هذه الواجهة المهمة من العقار ينتظر منها الكثير على صعيد خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل الجديد وامتصاص البطالة عبر أزيد من 34 ولاية، خاصة أن البرنامج الواعد يمس أغلب مناطق الوطن ولا يقتصر على الولايات الشمالية كون معظم تلك المناطق الصناعية تمتد على طول المحاور المهيكلة، على غرار الطريق السيار شرق - غرب والطريق الاجتنابي للهضاب العليا وكذلك في الجنوب، وذلك تماشيا مع المخطط الوطني لتهيئة الإقليم 2030 .
ويأتي هذا البرنامج إذا جسد على ضوء الاستراتجية الدقيقة ليحقق توازنا جهويا من حيث وفرة العقار الصناعي بمقاييس عالية يأخذ بعين الاعتبار فيها خصوصيات الطابع الاقتصادي الذي تتميز به مختلف الولايات، والمناطق التي تنتشر عبرها العقارات، فهل سيوضع ضوابط للمستفيدين من هذا العقار كي لا يغيروا نشاطاتهم الاستثمارية حتى تكون صرامة ورقابة حقيقية حول مشروع تعول عليه كثيرا الجزائر لبعث قاعدتها الصناعية وإعادة الاعتبار لمنظومتها الاقتصادية؟
علما أنه تقرر إنجاز كافة المناطق الصناعية المبرمجة في مدة لا تتجاوز الـ 63 شهرا، على أن تسلم 4 مناطق كمرحلة أولى في سنة 2014، و18 منطقة أخرى في 2015، و19 منطقة صناعية في آفاق سنة 2016، والمنطقة الأخيرة لن تتجاوز عملية تسليمها سنة 2017.
ويبدو أن توفير مثل هذه المساحة من الأوعية العقارية سينهي طرح مشكل العقار الصناعي في الجزائر ولن يكون للمستثمريين الحقيقيين أي عذر لإقامة مشاريعهم والمساهمة بإنتاجهم في السوق الوطنية وتصدير الفائض نحو الخارج وهم مطالبون بجودة المنتوج المنافس بمعايير السوق الدولية، فهل ستساهم هذه المناطق في مساعدة مستثمرينا الذين يبحثون عن الاستقرار الفعلي في اقتحام الاسواق الداخلية والخارجية؟
ويبدو أن خارطة برنامج المناطق الصناعية جد دقيق كون كل من ولايتي البليدة وبجاية ستركز فيهما صناعة المواد الغذائية، بينما ولاية قسنطينة ستتخصص في الصناعة الميكانكية في حين سيدي بلعباس وسطيف ستنفردان بالصناعة الالكترونية، لكن هذا لا يمنع أن تضم المناطق الصناعية عدة صناعات حسب طبيعة كل منطقة وما تحتاجه.
فهل تنجح عمليات التنازل بالامتياز المنتهجة التي تعطي الحق للدولة استرجاع العقار في حال عدم احترام القانون في إنجاح المشروع وتحقيق الاستقرار المنشود؟
يذكر أنه من المقرر كمرحلة أولية لهذه المناطق الصناعية أن تستحدث ما يناهز الـ 500 منصب شغل جديد على اعتبار أنه كل منطقة ستوظف 10 مستخدمين على أن يواصل المستثمرون بمشاريعهم في إنشاء مناصب الشغل خاصة المباشرة منها.