دعا الدكتور عبد الرحمان مبتول الى اعتماد العقلانية في المصاريف العمومية من الآن فصاعدا قصد التحكم في آليات النفقات والابقاء على المستوى المرغوب في ادارة دواليب الاقتصاد وفق رؤية واضحة المعالم وصارمة في آن واحد، ممايبعث برسائل قوية مفادها أن الجزائر بامكانها أوبالأحرى تتوفر على كل الحظوظ لتتجاوز هذا الوضع المالي الناجم عن انهيار سعر البترول.
تبعا لذلك فإن القراءة التي أوردها مبتول تصّب في خانة السير بهدوء والعمل بالحكمة والتصرف بما يقتضيه الظرف بالتركيز على اجراءات الترشيد التي بامكانها اعطاء لصاحب القرار نظرة تسمح له بالسيطرة على أدوات النشاط المدرجة في اطار هامش تحركاته وبالرغم من الضغوطات المالية الناجمة عن سقوط أثمان النفط وتداعيات ذلك على مداخيل البلد بحوالي٥٠ ٪، يرى السيد مبتول بأن الجزائر ترفض رفضا مطلقا رهن قرارهاالسيادي أي أنها لن تتخلى عن خياراتها الاجتماعية التي جاءت بقوة في قانون المالية ٢٠١٦ وهذا في حد ذاته اجابة شافية على الذين يعتقدون بأننا سنرتمي في أحضان صندوق النقد الدولي الذي لابد من التذكير بأن شروطه قاسية جدا على كل من يمد يده الى هذه التعاونية المالية”، ولن تتكرر تجربة ماحدث في منتصف التسعينيات، لأن الأمر يتعلق بصيانة وحماية القرار الجزائري من كل الافرازات التي قد تنجر عن مثل هذا المسعى.. فماأنجز منذ نهاية التسعينيات كان بفضل السياسة الرشيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولن يسمح لأحد بأن ينسف هذا التوجه الوطني باسم قناعات معينة.
الوقت اليوم ليس في اختيار “النموذج الاقتصادي”، بل أن المسألة تتعلق بالكيفية الواقعية التي تسمح بالتسيير الفعّال للموارد المالية بعيدا عن المنطلقات الايديولوجية التي قد تضر أكثر مما تنفع في السياق الراهن بحكم حساسية الوضع الذي يتطلب وقفة ثابتة تجاه هذه التغييرات.. صحيح أن الأرقام مخيفة الى حد ما، لكن الحل يكمن في مرافقة هذه التحولات الطارئة بعزم وحزم، كان بالامكان اتخاذ أي اجراء يحمل ذلك الطابع الشعبوي أو الديماغوجي أو الوقوع في فخ رفع الدعم والمساس بالدينار، ورهن المؤسسة الجزائرية لكن السلطات العمومية تمسكت بالقرار الذي رأته مناسبا في المرحلة الحالية وهو الاستمرارية في التكفل بانشغالات المواطن مهما كانت التحديات وبيان مجلس الوزراء الأخير حمل مؤشرات راسخة في مواجهة اقتصاديا وماليا ماتعرضت له مداخيل البلد تتأكد في:
أولا: إبراز قوة الجزائر في إدارة شؤونها الاقتصادية والمالية ورفض أي إملاءات خارجية
ثانيا: التمتع بالموقف السيادي تجاه توجهات قانون المالية في أبعاده الاجتماعية
ثالثا: مواصلة مسار الاستثمار بكل ما تحتاجه البلد في مجال التنمية كمنفذ لتوفير مناصب الشغل.
رابعا: اعتماد خطة اتصال فعالة لتحسيس المواطن بالآثار المترتبة عن الصدمة البترولية.
خامسا: عدم التخلي عن المرتكزات الفكرية للدولة الجزائرية كالعدالة الاجتماعية والتضامن الوطني والديمومة التنموية.
هذه القواعد الأساسية تصدت بقوة لافرازات الأزمة المالية، وهذا بالعمل على المضي قدما باتجاه آفاق واعدة ورحبة خدمة للتنمية الوطنية الشاملة وحفاظا على المشاريع المسطرة.. التي لم تلغ بقدر ماتستدعي متابعتها عن قرب.