أكد محمد السعيد نايت عبد العزيز رئيس الكنفديرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين أن جدول أعمال قمة الثلاثية المقبلة بعاصمة الزيبان بسكرة، من المقرر أن يكون محددا والشركاء سيعكفون على النقاش الذي من المنتظر أن يكون مفتوحا على جميع المشاركين.
ولم يخف رئيس الكنفديرالية في حوار خاص لـ«الشعب” الاقتصادي، أنه خلال اجتماع الثلاثية سيتوجه الشركاء للعمل على إيجاد حلول توافقية للالتزام بالتجسيد على أرض الواقع لكافة القرارات، وأبدى تطلعه لتطبيق نحو 50 بالمائة من القرارات والمقترحات التي تم طرحها في السابق من أجل النهوض بالمؤسسة الإنتاجية والاقتصاد الوطني بشكل أوسع.
الشعب: ماذا أعددتم لقمة الثلاثية التي ستشاركون فيها منتصف شهر أكتوبر الجاري؟
محمد السعيد نايت عبد العزيز: استلمنا الدعوة من طرف الحكومة للمشاركة في هذا الاجتماع الثلاثي بصورة رسمية، وأعتقد أن قمة الثلاثية المقبلة لن تكون مثل باقي قمم الثلاثية المنعقدة في السابق، في ظلّ التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني في الظرف الراهن، علما أن اجتماعات الثلاثية الماضية كان الشركاء يطرحون فيها مقترحات سواء تتعلق بالشق الاقتصادي أو بالآلة الإنتاجية وكذا الجبهة الاجتماعية، لكن اليوم الاقتصاد الوطني يواجه العديد من التحديات ومطالب بالتخلي عن تبعيته لإيرادات النفط في ظلّ تهاوي أسعار البرميل في الأسواق الدولية، لذا يوجد جدول أعمال محدد والشركاء سيعكفون على النقاش الذي من المقرر أن يكون مفتوحا على الشركاء وجميع المشاركين في قمة الثلاثية. وقمنا في هذه المرحلة بأخذ مبادرة للخروج من دوامة مواجهة تراجع أسعار المحروقات وتضرر الاقتصاد الوطني الذي كان يعتمد على مداخيل البترول بعرض مقترحات تصبّ في الدعوة إلى تطبيق نحو 50 بالمائة من القرارات والمقترحات التي تمّ طرحها في السابق وعلى سبيل المثال نذكر مقترحات منتدى رؤساء المؤسسات الذي قدم وثيقة حول أهم الإجراءات التي تتخذ لإعادة بعث الاقتصاد الوطني. وفي قمة الثلاثية المقبلة سوف نسير في اتجاه إيجاد الحل لمواجهة الأزمة الاقتصادية علما أن الجزائر تكبدت تراجعا في مداخيلها بسبب تراجع أسعار البترول بما لا يقل عن 35 مليار دولار في 2015، لذا يجب بحث كيفية تعويض هذا الغلاف المالي.
التقارب والتكامل بين القطاع
العمومي والخاص
إذا ستطرحون في خضم النقاش على طاولة الثلاثية حلولا؟
بالرغم من أن الحلول النظرية معروفة لكن يجب إيجاد على مستوى الشركاء حلول توافقية للالتزام بالتجسيد على أرض الواقع، في ظلّ وجود المزيد من التسهيلات لبعث الاقتصاد الوطني التي تم تكريسها في قانون المالية 2015، أي كل ما يقدم للمؤسسة من دون شك سينعكس على الاقتصاد الوطني. والمطلوب منا كشركاء خلال الثلاثية إيجاد حلول ناجعة لدفع عجلة النمو بشكل عقلاني وفعال سواء من خلال كبح الواردات أو مواجهة تدهور أسعار المحروقات عن طريق اللجوء إلى الاستثمار بقوة عبر جميع القطاعات أي في القطاع الصناعي والفلاحي والسياحي والحرف التقليدية وكل ما من شأنه أن يقدم إضافة للاقتصاد، ورغم أن المهمة تبدو نوعا ما صعبة لكنها ليست مستحيلة حتى نتمكن من حماية الاقتصاد الكلي من أي انهيار وكذا المحافظة على مستوى مقبول لسعر صرف الدينار وتحقيق التوازن لميزان المدفوعات، وإعادة الاعتبار للآلة الإنتاجية، خاصة من خلال القطاع الصناعي الذي يعد ثروة أي أمة، وخلاصة القول، إن للجزائر إمكانيات اقتصادية وإنتاجية كبيرة، والدولة أخذت على عاتقها مسؤولية توفير جميع الظروف المناسبة والمهيأة للإنتاج.
في ظلّ هذا الظرف كيف يمكن للمؤسسة الاقتصادية أن تنجح في تجسيد الأهداف التنموية؟
مهمة المؤسسة الاقتصادية تكمن في خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل وتقوم كذلك بالاستثمار الذي يوسع نطاق تواجدها وينوع من إنتاجها ويرفع من جودة ما تطرح في الأسواق وتسدّد الضرائب، وعلى اعتبار أن الإنتاج جوهر الاقتصاد لذا يتطلب الأمر إعادة تنظيم الاقتصاد كون الآلة الصناعية تكتسي أولوية ونتطلع في آفاق 2018 و2019، إلى الوصول لاستحداث 1 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة حتى يتسنى للجزائر الخروج من دوامة التبعية للمحروقات، وفي البداية على الأقل ننتج ما نستهلك، ونغلق أبواب التبعية للنفط، ونضمن الثروات للأجيال المقبلة. ويشترط حتى تكلل جهود الاستثمار والإنتاج بالنجاح خلق ظروف نشاط ايجابية وعلى الأقل تكون مقبولة، حيث يقضى على البيروقراطية ومن ثم التخلي عن أي عشوائية وارتجالية في تسيير الاقتصاد، ويحدث التقارب والتكامل بين القطاعين العمومي ونظيره الخاص وإنشاء شراكة حقيقية حتى يرسى مناخ حقيقي للإنتاج وتتحقق التنمية.
حان الوقت ليساهم القطاع الخاص
بـ80 بالمائة من الإنتاج
هل لمستم حقيقة وجود تمييز في التعامل بين المؤسسة العمومية والخاصة، أي على صعيد تعاملكم مع البنوك والتأمينات وما إلى غير ذلك؟
أذكر أنه في عام 2011، تم حل المشكل وحسم الأمر، في مجلس الوزراء بهدف رفع وتيرة تنمية الاقتصاد الوطني من حيث التمويل أو على صعيد منح العقار الصناعي، لكن للأسف بقي بعض التمييز بسبب الذهنيات وبعض السلوكات رغم أن القرار والإرادة السياسية أكدوا أن المؤسسة العمومية والخاصة مؤسسة جزائرية ولها نفس الامتيازات، لكن البعض يفضّل القطاع العمومي على الخاص رغم أنه رفع فعل التجريم عن المسير وحررت مبادرات المسير. وبالموازاة مع ذلك اليوم يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورا تاريخيا عن طريق المشاركة في تغيير الوضع الاقتصادي، إلى جانب تغيير نمط تسيير القطاع العمومي وحان الوقت كي يعرف تنظيمه استقرارا، لأننا نجده تارة في شكل “هولدينغ” وتارة أخرى في شكل مجمعات، على اعتبار أن التحدي الحقيقي يكمن في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني كون الإمكانيات والكفاءات لا تنقص بل ما ينقص فعالية التسيير. ومن جهة أخرى القطاع الخاص يجب أن يرفع مساهمته في الإنتاج إلى حدود الـ80 بالمائة، إلى جانب فتح الشراكة مع الأجانب لأن القاعدة الاستثمارية “49-51 بالمائة” تعد أحسن صيغة من أجل بناء شراكات وتحويل التكنولوجيا وبناء اقتصاد يقوم على العلم والمعرفة.
من يحرك النمو، المؤسسة أم البنوك أم الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ..أو إدماج الكل في برنامج شفاف؟
يمكن للموارد المالية أن تكون محركا للنمو، وأما الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار تتكفل بمعالجة ملفات الاستثمار، وتعد قناة ضرورية لتجسيد المشاريع الاستثمارية، بينما المستثمر يطرق عدة أبواب مثل البنوك العقار، لكن حان الوقت لإيجاد صيغة لتجميع الكل في باب واحد يعالج ملفات المستثمرين سواء جزائريين أو أجانب. وبالنسبة للبنوك فمازالت للأسف تمول الاستيراد أي التجارة الخارجية من بينها التجهيزات أكثر من المشاريع الاستثمارية.
ما هي حصة القطاع الخاص في السوق الوطنية.. وما هو حجم فرص التصدير لديه؟
يمكن القول، إن 80 بالمائة من مناصب الشغل في القطاع الاقتصادي اليوم يستحدثها بدون مبالغة القطاع الخاص، وحان الوقت لتغيير الذهنيات وتغيير النظرة السلبية المسبقة عن القطاع الخاص والسير نحو تكامل القطاعين. وبخصوص فرص التصدير، في الحقيقة لسنا مهيئين للتصدير، لأنه في البداية يجب تلبية الطلب في السوق الوطنية حتى يكبح الاستيراد، لأن هذا الإجراء أحسن من التصدير في الوقت الحالي والسوق الوطنية في حاجة إلى إنتاج، إذا كمرحلة أولى يجب التركيز على الإنتاج وتطوير الآلة الإنتاجية واستهلاك ما ننتج.
على ذكر استهلاك الإنتاج الوطني..كيف تقيّمون الحملة التي أطلقت منذ عدة أشهر لتشجيع استهلاك المنتوج الجزائري؟
عند الحديث عن ضرورة استهلاك المنتوج الوطني يجب تسريع وتيرة الإنتاج واستحداث المؤسسات التي تغطي طلبات المستهلك وتوفر عرضا للمنتجات على مستوى الأسواق.
مراقبة تجسيد العقد
الاقتصادي في الميدان صعبة
كيف تقيّمون سريان وتجسيد العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو؟
عقد النمو تضمن التزمات شركاء الثلاثية، لكن على صعيد التجسيد على أرض الواقع يصعب تحديد ما طبق وما لم يطبق، وبخصوص استحداث مناصب الشغل دون شك يوميا تستحدث مناصب جديدة، كما أن المراقبة في الميدان صعبة نوعا ما، غير أن كل ما جسد يعد إضافة حقيقية للاقتصاد الوطني وحتى السوق الموازية يجب إدماجها في النشاط الرسمي والعمل على توسيع نسيج القطاع الخاص.
ماذا تنتظرون من قمّة الثلاثية المقبلة؟
كل شيء قيل منذ 20 سنة، ولا يخفى أننا تقدمنا في عدة مسائل وملفات، لكن إذا لم تتوفر آليات التطبيق فما جدوى الاتفاق، وحان الوقت من أجل رفع تحدي التطبيق على أرض الواقع للقرارات وتجاوز بعض الذهنيات والسلوكات التي تمارس من طرف البعض على مستوى الإدارة.
كيف تعلّقون على ظواهر تتعلق بالتهرب الضريبي وعدم التصريح بالعمال لدى مصالح الضمان الاجتماعي؟
يوجد الكثير من الخواص يسدّدون مستحقاتهم ولا يمكن إطلاق الاتهامات دون أدلة، علما أنه هناك آليات للتحصيل يجب تطبيقها، والوحيد القادر على منح معطيات دقيقة مصالح الضرائب والضمان الاجتماعي.
وما رأيكم في الموارد البشرية المتوفّرة حتى تستغل بشكل جيد في المعركة التنموية؟
على العموم المؤسسات تبحث عن العمال العاديين وكذا عمال بتخصصات ذات تكوين عالي، لكن رغم جهود الدولة من أجل تكوين وترقية اليد العاملة على مستوى الجامعة، بينما في الواقع لا يتوفر ما نحتاجه من يد عاملة على سبيل المثال في قطاع البناء الذي يستوعب عدد معتبر من العمال كونه توجد فيه المئات من الحرف، ولا يخفى أنها مهن تغيب فيها اليد العاملة عن القطاع، وتعوضها اليد العاملة الأجنبية، وحتى ما يخرجه التكوين المهني مازال غير كافي في عدة تخصصات تبقى منقوصة، ونحتاج في كل ذلك إلى التكنولوجيا ورفع تنافسية المؤسسة الصناعية.———————