من تأميم المحروقات إلى الغاز الصخري

لا غنى عن الطاقة حتى في ظل اقتصاد متطور

فضيلة / ب

حقّقت الجزائر منذ تأميمها لمحروقاتها مكاسب جعلتها من أهم الدول الإفريقية المنتجة والمصدرة للطاقة، وساهمت بصوتها وثقلها داخل منظمة “الأوبك” على مدار سنوات طويلة في اتخاذ القرارات الإستراتجية التي تُسفر عن توازن السوق بما يضمن حقوق المصدّرين والمستهلكين، وانتقلت مواكبة للتطورات التكنولوجية من الاستغلال للطاقة التقليدية الأحفورية إلى الطاقات المتجددة بما فيها استغلال الطاقة الشمسية، وتعكف في الوقت الراهن على دراسة القدرات وتحديد تكلفة وإمكانية استغلال الغاز الصخري بهدف التحضير للمرحلة المقبلة ولتعزيز قدراتها الإنتاجية، ولمواجهة أي تراجع لاحتياطاتها من الطاقة التقليدية بهدف تحقيق الأمن الطاقوي، فلا غنى عن الطاقة حتى في ظل اقتصاد متطور.

يبدو أن العديد من “المخاوف تتقلص” عندما يؤكد الخبراء أن التكنولوجيا التي تنوي الجزائر انتهاجها في جس نبض قدراتها في استغلال الغاز الصخري جد متطورة، وتطبق في دول حسمت في خيار استغلال الطاقة التقليدية والانتقال إلى الاستفادة من ثروة الغاز الصخري، منها دول عربية وإفريقية وأخرى أمريكية على غرار كندا والصين والأرجنتين والسعودية وما إلى غير ذلك.
 منظومة بحث ومرصد لمتابعة التطورات
وتفرض التحديات الطاقوية الراهنة بتداعياتها المختلفة في ظل بروز طاقة جديدة غير تقليدية، الرهان على البحث والكفاءات في الجيولوجيا والبيئة والوصول إلى استحداث منظومة بحث متكاملة ومرصد لمتابعة ما يجري في العالم، والإطلاع على آخر الأبحاث وأحدث التكنولوجيات لدى الدول الرائدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي شرعت في الاستغلال التجاري لهذه الثروة وقلّصت من حاجتها بل مكّنها ذلك من التوجه نحو التصدير علما أنها تتطلع مستقبلا للرفع من مستوى إنتاجها للغاز الصخري بنسبة لا تقل عن سقف 70 بالمائة، لذا اتضح في الجزائر أن الغاز الصخري صار من بين الطاقات التي ينبغي أن تحظى بالاهتمام والدراسة لتهيئة جميع الظروف ولكي تكون الجزائر جاهزة إذا تقلص احتياطي الطاقة التقليدية كما يتوقع الخبراء خلال ثلاثة أو أربعة عقود مقبلة.
ويصّب برنامج إقامة معهد متخصص لتكوين المهندسين والتقنيين المختصين في استغلال الغاز الصخري بعين صالح قريبا تهيئة وتأطير اليد العاملة التي يعّول عليها في التحكم في التكنولوجيا التي وحدها تضع حدا لأي أضرار على البيئة والهواء والماء وتقلص من المخاطر، في انتظار أن تنفتح الجزائر في مرحلة مقبلة على الشراكة والاستثمار كون الغاز الصخري يتطلب استثمارات كبيرة بهدف مواجهة أي انخفاض لاحتياطاتها من الطاقة التقليدية في آفاق عام 2050 كون الثروة ملك لجميع الأجيال، وعلى اعتبار أن الطاقات المتجددة التي تشمل الطاقة الكهربائية والشمسية وتلك المستمدة من الرياح متوفرة، إلا أنه يقّر بأنها لا يمكن أن تنافس الطاقات التي توّفرها المحروقات، لذا فإن الطاقة الصخرية مرّشحة بشكل كبير لتعويض ما يفقد بزوال وتراجع احتياطات الطاقة والنفط الأحفوري.

  تحدّيات الأمن الطاقوي
ضبطت الجزائر في سياستها المسطرة برنامجا لتطوير الطاقات المتجددة الذي لم تخف أنها سترصد له غلاف مالي ضخم يناهز حدود الـ 100 مليار دولار إلى غاية آفاق عام 2030، لأن من الأهداف الجوهرية لوزارة الطاقة مواجهة تحديات الأمن الطاقوي على المدى المتوسط والبعيد، وكان الخبراء في توّقعاتهم أكدوا أنه يستحيل بناء اقتصاد وطني يستغني عن ثروة المحروقات ويستقل عنها، لذا تبذل الجهود لمواجهة أي تراجع للاحتياطات من الطاقة التقليدية بهدف تحقيق الأمن الطاقوي، فلا غنى عن الطاقة حتى في ظل اقتصاد متطور، كون أكبر الدول المتطورة اقتصاديا لجأت إلى ثروة الغاز الصخري ولم تتجاهل استغلاله مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والصين وروسيا.  
وتتوفر الجزائر -حسب ما تم الإعلان عنه- على ثروات معتبرة في مجال الغاز الصخري، ويمكنها الانضمام والتقرب من تجربة البلدان الرائدة في هذا المجال، لأنه ثبت أن التكنولوجيات المطبقة في هذا المجال في عدة بلدان كالمكسيك والأرجنتين وكندا تعد متقاربة وتبحث عن أنجع الطرق للاستغلال دون التأثير على البيئة أو استنزاف المياه. وما يشدّ الانتباه في مجال الطاقة التقارب الذي يجري بين الباحثين والخبراء في العالم وتبادل النظرات العلمية في عدة مجالات مثل الجيولوجيا وكيفية استغلال أنجع للمياه والحرص على عدم تسرب الملوحة إلى سطح الأرض.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024