إنخفاض قيمة الدينار يؤثر على القدرة الشرائية
استحداث لجنة خبراء للتقويم الاقتصادي
اقترح نبيل جمعة الخبير الاقتصادي في حوار خص به «الشعب» استبدال الضريبة على الثروة بضريبة الزكاة، لتفعيل إيرادات الجباية، مؤكدا أن الظرف يقتضي تبني نموذج اقتصادي جديد، مخالف لما طبق في السابق حيث يرتكز على الدراسات الميدانية في السوق. ووصف بلغة تفاؤلية بعض المؤشرات الاقتصادية بالمقبولة، مشترطا الاعتماد على الاستشراف وتسخير الكفاءات لتسيير المنظومة المالية.
- الشعب: ما هو أثر رسم الضريبة على الثروة الذي تضمنه قانون المالية التكميلي على الصعيد الاقتصادي؟
نبيل جمعة خبير اقتصادي: إن الرسوم المفروضة في قانون المالية التكميلي لعام 2020، ثقيلة على كاهل المواطن، على خلفية أنها تضاف إلى رسوم أخرى تضمنها قانون المالية للعام الجاري، وكان يمكن على غرار تجارب العديد من الدول، أن يقوم البنك المركزي بالاقتطاع من الخزينة، بهدف إعادة تمويل الديون الداخلية، أي اللجوء إلى التمويلات التقليدية، وتكون ديون عن طريق السندات، وبعد ذلك يتم تسديدها من طرف البنك المركزي، على المدى الطويل أي على مدار 50 عاما. ويضاف إلى ذلك التأثيرات السلبية لإجراء تخفيض الدينار بنسبة 10 بالمائة أي تعويمه على القدرة الشرائية، في ظل غياب الاستشراف الدقيق والنموذج الاقتصادي الذي تحتاجه الجزائر. أما فيما يتعلق بالضريبة على الثروة والتي لا تزيد عن نسبة 0,5 بالمائة، تبدو معقولة لكن تحتاج إلى إعادة النظر مستقبلا، لأنها مازالت ضئيلة حيث تسري على مبلغ 10 ملايير فما فوق، وكان حسب تقديري لو حددت بداية من 5 ملايير، أي أقصد الأموال المجمدة غير مستغلة، كونها تضر بالاقتصاد الوطني، وينبغي أن أنبه في هذا المقام إلى أنه بالرقمنة، كان يمكن أن تفرض ضريبة الزكاة أحسن بكثير من ضريبة الثروة، لأن نسبتها 2,5 بالمائة وتكون بشكل طوعي، وكلما بلغ النصاب، صاحبها يسدد الضريبة من دون تردد، لذا نحن اليوم في أمس الحاجة للذكاء الاقتصادي، ويمكن من خلال ضريبة الزكاة تمويل الاقتصاد، ولو أن الناتج الإجمالي في الجزائر في حدود 200 مليار دولار، لو تدفع نسبة 2,5 بالمائة كضريبة زكاة، تتحسن القدرة الشرائية وتختفي فئة الفقراء، ولا أخفي أنه من الضروري استحداث لجنة خبراء تقترح وتسهر على التقويم.
«كورونا» معركة صحية
- ماهي بدائل التخلي عن خيار تخفيض قيمة الدينار؟
لا يمثل الدين الداخلي سوى 40 بالمائة من الناتج الإجمالي، ويعد هذا جد مقبول لا يستدعي أي قلق، في ظل قفز هذه النسبة في فرنسا إلى 98بالمائة وأمريكا تجاوزت مائة بالمائة، وعلى اعتبار أن احتياطي الصرف بالجزائر في حدود 60 مليار دولار، وبينما احتياطي الذهب لا يقل عن 14 مليار دولار لأنه يصل إلى 193,6 طن، وكلها تعد ضمانات، ويضاف إلى كل ذلك أنه ليس لدينا ديون خارجية. هذا من جهة ومن جهة أخرى، إن الزيادة في معاشات المتقاعدين قابلها الخفض في قيمة الدينار، هذا ما سيؤثر على القدرة الشرائية حيث ستذهب الزيادات في مهب الريح. والظرف يقتضي تبني نموذج اقتصادي جديد مخالف لما طبق في السابق حيث يرتكز على الدراسات الميدانية في السوق. وخلاصة القول أن المؤشرات جد مقبولة، وبالاستشراف يمكن استبدال الضرائب بالتضامن ما بين المؤسسات أي ما بين المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، لأن أزمة كورونا تعد معركة صحية حقيقية، علما أن الدينار منذ الاستقلال تم خفضه 850 مرة.
@ هل إجراءات تحسين مناخ الأعمال كفيلة بتكريس جاذبية تستقطب استثمارات داخلية وخارجية للرفع من وتيرة النمو؟
@@ بالفعل جاء الحديث عن القاعدة الاستثمارية 49 -51، وكذا محو آثار البيروقراطية، لكن مازال على أرض الواقع هذا المسار بطيئا، وعلى سبيل المثال ما بين 2019 و2020، لم نسجل استثمارات من طرف الأجانب بسبب البيروقراطية والتسيير الإداري الموجه، لذا نحتاج إلى فتح الاقتصاد وتسريع وتيرة الاستثمارات لتجاوز كل ما يعرقل مسار التنمية، من خلال الحوكمة، وتسخير الكفاءات لتسيير المنظومة المالية والسهر على تكوينهم، حتى نغير من سلبيات مناخ الأعمال وتعمق إصلاحات القطاع المصرفي.
ومن العوامل التي تعرقل تذبذب التشريعات، أذكر قانون النقد والقرض الذي يحتاج إلى مراجعة، لأنه لم يعد يتلائم مع البيئة الاقتصادية الحالية، بالإضافة إلى عدم استقرار النصوص التشريعية التي تسقط الثقة وتثبط العزيمة ولا تحفز بتاتا، فتؤدي إلى نفور المستثمر الأجنبي.
سيولة البنوك تآكلت
- كيف تأثرت تدفقات القروض بسبب فيروس «كورونا» والأزمة النفطية؟
أثر الحجر الصحي كثيرا على المؤسسات الاقتصادية وكذا التنافسية، وبالنسبة للقروض هناك تعثر كبير في استردادها ففي 2019، لم يتم استرداد 12 ألف مليار دينار، أي المؤسسات التي اقترضت تعذر عليها تسديد ديونها، علما أن المؤسسات لم تنشط طيلة 6 أشهر، لذا البنك المركزي اتخذ إجراءات موجبة بإعادة جدولة الديون، أي تمديد مدة تسديد القروض للعديد من المؤسسات، غير أن سيولة البنوك تآكلت كثيرا. الجدير بالإشارة فإنه في عام 2015 حسب تقرير بنك الجزائر فإنه تم تمويل السوق الاقتصادية بحوالي 75 ألف مليار دينار، استفادت منها المؤسسات الاقتصادية العمومية بحوالي 52 بالمائة، بينما القطاع الخاص استفاد بحوالي 48 بالمائة. الجدير بالإشارة أننا في الوقت الحالي نحتاج إلى استثمار غلاف مالي لا يقل عن 200 مليار دولار، لنصل إلى رفع نسبة النمو إلى مستوى 7 بالمائة.