يتسلم الوزير الأول، في الأيام القليلة القادمة، توصيات فوج العمل الخاص بالعقار المنبثق عن الثلاثية الأخيرة. ومن المتوقع أن يعلن في أعقابه، عن إجراءات عملية تكون بمثابة ورقة طريق تعيد تصحيح معادلة العقار والاستثمار، بما يستجيب للطلب المعبّر عنه من المتعاملين والمستثمرين لإقامة مشاريع اقتصادية ناجعة، خاصة في الصناعة بكافة مجالاتها الميكانيكية والتحويلية والالكترونية والغذائية.
تتوفر ولاية الجزائر على 160 قطعة أرض استثمارية غير مشغولة، تتركز أساسا بمنطقتي الرويبة والرغاية، إلى جانب 74 وحدة صناعية لا تحوز عقود الملكية ورخصة الاستغلال، كما كشف عنه مدير التنمية الصناعية للولاية.
وتعكس هذه الوضعية حجم الفوضى التي تلفّ بالعقار الصناعي الذي كان في صميم الجدل القائم حول بعث الصناعة وتنشيط الاستثمار.
وضعية لا يبدو أنها تستمر في ضوء التوصيات التي ترفعه مجموعة العمل الخاصة بالعقار الصناعي المنبثقة عن الثلاثية التي انعقدت في أكتوبر المنصرم وعرضت نتائجها بداية الأسبوع الأخير.
وفي هذا الإطار، لم يخف وزير القطاع، عمارة بن يونس، عزم الدولة الانتقال إلى مستوى متقدم في معالجة ظاهرة المضاربة بالعقار الصناعي، خاصة من جانب مستثمرين بحوزتهم أراض في عدة ولايات ولم يستثمروها في مشاريع ملموسة، مفضلين الربح بالمضاربة. وأفصح، أن الدولة تقوم باسترجاع تلك الأراضي لإنهاء حالة صمت طالت إلى درجة ألحقت بإرادة الاستثمار المعلنة ضررا. علما أن هناك تقديرات بوجود 30 من المائة من الأراضي الواقعة في مناطق صناعية غير مستعملة.
الشفافية لمنع تكرار الفساد
وفي ضوء مرافقة المستثمرين الجادين، يرتقب أن تتوسع مساحة الأوعية العقارية الإضافية الموجهة لقطاع الصناعة لإنجاز مشاريع استثمارية من 11 ألف كانت مقررة إلى 14 ألف هكتار، كما أكده وزير التنمية الصناعية مؤخرا. كما أضاف، أن وجود مشروع لإنشاء 42 منطقة صناعية، إلى جانب إحداث مناطق للنشاطات للمقاولين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وتوجه 18 منطقة صناعية جديدة لمناطق بالجنوب والهضاب العليا.
ويبدو أن ورقة الطريق التي تقود إلى تطهير وضعية العقار الصناعي وبعث مسار تصحيح معادلة الاستثمار، بجانبيه العقار والتمويل، تكاد تكون جاهزة لتوضح الرؤية في المديين القريب والمتوسط على الأقل، بما يمنع تكرار مختلف أشكال الفساد التي حصلت في السابق أو الحد منها بشكل ملموس وقوي ويخص الأمر المضاربة.
وفي إطار مرافقة المستثمرين حاملي المشاريع الاستثمارية الحقيقة التي لا تحوم حولها ريبة أو أوهام، يرتقب أن يتم إقرار تخفيض للأسعار المطبقة على التنازل على العقار الصناعي كإحدى ثمار الحوار بين الشركاء. ويكون ذلك بإدخال إجراءات ذات الصلة في أحكام قانون المالية المقبل ومن شأن الوقت المتسع أن يسمح للإدارة المكلفة بأن تعدّ لوائح للاستثمارات ذات الأولوية، أي تلك التي قطعت أشواطا متقدمة في إعداد المشروع والتأكد من الجدوى الاقتصادية والاجتماعية من حيث الاستجابة للانشغالات والتطلعات المسطرة.
ومن الامتيازات التي تصبّ في صالح المستثمر والمتعامل بالنسبة للحصول على العقار، تمكينه من دفع 5 من المائة من القيمة التجارية للعقار الصناعي الذي يمثل محورا بارزا في الخيارات الكبرى للدولة، بالارتكاز على توسيع المساحات المخصصة للصناعة وبالموازاة ترقية الاستثمارات مثلما لم يتوقف الوزير الأول عن التأكيد عليه في كل مناسبة وخاصة منها الزيارات التفقدية للمشاريع على امتداد ولايات الجمهورية، حيث لم يتوقف عن التأكيد على ضرورة تخليص الاستثمار من الممارسات البيروقراطية وضرورة مرافقة الإدارة للمتعاملين المستثمرين في إنجاز برامجهم طبقا للقانون وقواعد السوق.
2014 سنة للاستثمارات الأجنبية
ومن شأن إنهاء كابوس العقار الصناعي بإدخال آليات الشفافية وكسر المضاربة، أن يتزايد انتظام وتيرة الإقبال على السوق الاستثمارية، في وقت يرشح أن تنطلق فيه المقاولة الصناعية أكثر فأكثر في ضوء استكمال كبرى الاستثمارات في الصناعة مثل تركيب السيارات مع المتعامل “رونو” بوهران والنسيج مع متعامل من تركيا بغليزان والحديد مع الشريك القطري بجيجل.
ويرتقب أن ينتعش الاستثمار في ظل شروط أكثر جاذبية، انطلاقا أيضا من المؤشرات الإحصائية التي تطلقها الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، وآخرها ما ورد حول حصيلة السنة الماضية من أنه قد تم تسجيل تصريح باستثمارات بمبلغ إجمالي يقدر بـ1.716 مليار دينار بارتفاع بلغ نسبة 11 من المائة مقارنة بحصيلة سنة 2012. وتضاعفت مشاريع الاستثمارات المصرح بها مع شركاء أجانب أربع مرات، لتنتقل من 17 إلى 65 مشروعا مسجلا.
واعتبر مدير الوكالة في تصريح نقلته “واج”، أن السنة المنصرمة توصف بسنة عودة الثقة للمستثمرين الوطنيين والأجانب، فيما يرتقب أن تكون سنة 2014 واعدة، بالنظر لما يحمله قانون المالية من تسهيلات وتحفيزات إضافية وكذا إرادة الدولة في بعث الصناعة الوطنية من خلال تحديد الفروع الاستراتيجية وإطلاق مخططات تنموية للمؤسسة الاقتصادية العمومية الصناعية.
وضمن هذا المناخ، تحتل المشاريع الصناعية المصرح بها الصدارة، تليها قطاعات البناء والأشغال العمومية والري. بينما أبدى 26 متعاملا أجنبيا إرادة في الشراكة، خاصة في فروع صناعة الحديد والصلب والميكانيكا والإلكترونيك.
للإشارة، فقد دشنت وكالة «أندي»، السنة الجديدة الحالية بإطلاق مبادرة تخص مكافحة البيروقراطية حول الاستثمار وذلك من خلال تنظيم لقاء جهوي بولاية تبسة يرمي إلى تحسين مناخ الاستثمار بالاعتماد على تبسيط الإجراءات واعتماد التكنولوجيات الحديثة.
من جانبها، تسعى الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري، كما هو مطلوب منها منذ 2011، الإعلان عن أولى الحظائر الصناعية الجديدة خلال الأشهر الأولى من السنة الجارية وذلك ضمن إنجاز برنامج إنشاء المناطق الصناعية الجديدة وعددها 42 منطقة عبر التراب الوطني والتي تخضع لنظام الامتياز.
وفي نفس الاتجاه، تؤكد حصيلة نشاط لجان المساعدة لتحديد وترقية الاستثمارات والضبط العقاري المتواجدة عبر الولايات، خلال سنة 2013، زيادة نسبة قبول المشاريع بـ47 من المائة بموافقتها على 1823 ملف استثماري من مجموع 3851 مشروع. وتبيّن الأرقام، أن الطلب على العقار الصناعي بلغ 4900 هكتار، بينما بلغت تلبية الطلب 2000 هكتار، أي بنسبة استجابة تقدر بـ41 من المائة. وتتوزع ملفات الطلب على الاستثمار بين 45 من المائة لمناطق الشمال ونفس النسبة لمناطق الهضاب العليا و10 من المائة على مستوى ولايات الجنوب.