لا تفصلنا عن انتهاء شهر رمضان الفضيل وحلول عيد الفطر المبارك سوى أيام قليلة، وتضبط بذلك كل أسرة بشكل دقيق الميزانية التي أنفقتها في رمضان، على خلفية أن المصاريف ترتفع بفعل خصوصية هذا الشهر، فهناك من يلجأ للاستدانة مسبقا أو الادخار، خاصة أن تحضيرات العيد من حلويات وثياب جديدة للأطفال تتطلّب نفقات إضافية، لكن يوجد من يفضّل أن يتقشّف ولا ينفق سوى في حدود إمكانياته المالية، ويوجد وعي وحرص كبير لتفادي التبذير.. فما هي ميزانية الأسرة الجزائرية في شهر الصيام؟
يوشك شهر رمضان على الانقضاء وبالتالي تتحدّد ملامح وحجم الميزانية التي أنفقتها الأسر خلال شهر رمضان، فهناك من يفضّل أن يكون سخيا ويقتني كل ما لذّ وطاب سواء من لحوم وخضر وفواكه إلى جانب حلويات السهرة، لذا من الطبيعي أن ترتفع الميزانية إلى سقف 90 ألف دينار من دون احتساب نفقات ملابس وحلويات العيد، مثلما أكده «موس.ع» إطار وأب لأربعة أطفال، حيث لم يخف أنه يحرص خلال شهر رمضان على اقتناء كل ما يشتهيه ويطلبه أفراد أسرته، مقدرا ميزانية رمضان بنحو 90 ألف دينار، كونهم يحرصون على اقتناء الفواكه وتحضير منها مختلف العصائر اللذيذة، وعلى خلفية أن أسعار الفواكه كانت بداية الشهر الفضيل نوعا ما مرتفعة، إلى جانب تعودهم على اقتناء حلويات ومكسرات من أجل السهرات الرمضانية الممتعة التي يقضونها مع الأقارب والأصدقاء، ويرى بأن مساعدة زوجته الموظفة التي تتكفل بجزء من المصاريف يجعله لا يشعر بحجم المصاريف الإضافية.
ترشيد النفقات
أما رتيبة موظفة وأم لطفل واحد، قالت إن نفاقتها في شهر رمضان تحدّد حجمها منذ البداية لأنها تعرف جيدا ما تستهلك وما ينبغي أن تقتني، لذا تصل ميزانية رمضان إلى مستوى 50 ألف دينار، علما أنها يوميا تحضر مائدة شهية وصحية، ولأن رمضان حسب تأكيدها يأتي مرة واحدة في السنة، لذا تحرص على أن تكون وجبتي الإفطار والسحور صحية ولذيذة. من جهته مصطفى معلم وأب لطفلين، أوضح بأن شهر الصيام فيه الكثير من البركة والرحمة، لأنه لا يزيد عن نفقات باقي أشهر السنة سوى ما تعلق بلباس العيد أو الحلويات، ويحرص أن ينفق طبقا لراتبه الشهري، فيقتني القليل من الخضر والفواكه أي بكميات قليلة خاصة خلال الأيام الأولى، وتفاديا لأي تبذير، حيث عندما يتبقى جزء من المأكولات والخبز، لا ترمى بل يحتفظ به في الثلاجة وفي اليوم الموالي، يتم تسخين بعض الأطباق وإضافة لها طبق جديد، وينصح بضرورة ترشيد النفقات وتنظيم الاستهلاك حتى لا نلقي بالكثير من المأكولات في النفايات.
وقدر «سمير.ح» حجم النفقات خلال شهر رمضان بحوالي 60 ألف دينار، مشيرا إلى أنه تكون المصاريف خلال الأسبوع الأول مكلفة، بينما في الأسبوع الثاني تبدأ بالانخفاض، بفعل تراجع لهيب أسعار الخضر والفواكه، ويرى أن نسبة معتبرة من النفقات تلتهمها الحلويات والمكسرات والفواكه بفعل استقبال الضيوف خلال السهرة الرمضانية.
التوفير المسبق للتكفل بالنفقات
ويحافظ سفيان على نفس ميزانية ونفقات باقي أشهر السنة فهو أب لطفلة رضيعة، ويحاول رفقة زوجته على تحضير أطباق تتناسب مع راتبه الشهري الذي لا يتجاوز حدود 30 ألف دينار.
وتتحدث سهيلة ربة بيت عن استحالة مواجهة سقف نفقات رمضان من دون الاستدانة، لأن راتب زوجها لا يتعدى 25 ألف دينار، ولديهما ثلاث بنات، وكون نفقات العيد تفرض التدين بنحو15 ألف دينار.
وحسب المواطن «ب.س» رب أسرة فإن التحضير لشهر رمضان كان بأشهر من قبل، بتوفير شهري تحسبا للغلاء الذي يتميز به هذا الشهر كل سنة، ويتم التعامل مع متطلبات رمضان بتأمين مختلف المواد الغذائية حتى يشعر أفراد الأسرة بمستوى من الرفاهية، لكن دون الوقوع في التبذير الذي يكلّف الأسرة الجزائرية فاتورة مرتفعة تثقل قدرتها الشرائية. يتمّ التعامل مع السوق بترشيد للنفقات وتفادي للشراء العشوائي تحسبا لنفقات العيد وأفراح الصيف والعطلة التي تستهلك أكبر حصة من الدخل الشهر. وإلى جانب الدخول المدرسي وعيد الأضحى، وكلها مواعيد لا يمكن أن تواجه إلا بما يوفر من أموال حتى ولو كانت قليلة، واللافت أنه صار هناك تنسيق بين أفراد العائلة لتفادي شراء مزدوج لنفس المادة خاصة بالنسبة للخبز والحلويات، والجديد بالنسبة لهذه السنة الاستغناء عن العصائر الصناعية والمشروبات الغازية، حيت اتفقت الأسرة على خيار صحي واقتصادي يتمثل في استعمال نفس الكلفة لتحضير عصائر طبيعية مثل عصير النعناع بالليمون «موخيطو» وعصير الليمون «اقتنينا كميات من الليمون تم تخصيصها لهذا الشهر» وعصير الفرولة والموز، وهذا التصرف استحسنه كثيرا الأطفال الذين وجدوا فيه لذة وصحة.