لا ينبغي أن يخفي مشهد السوق في رمضان مؤشرات مالية تتعلق بمستقبل القدرة في مواجهة ضغوطات تمويل النمو. من بين تلك المؤشرات ما يتعلّق بالتبذير الذي يضاعف من حجم استنزاف الموارد المالية في وقت يتآكل فيه احتياطي الصرف بالعملة الصعبة بالموازاة مع تراجع إيرادات النفط حتى وإن كانت تسجل تحسنا في الأشهر الأخيرة.
بلغت فاتورة استيراد المواد الغذائية المختلفة في السنة الماضية 8.573 مليار دولار بزيادة +1.6 بالمائة مقارنة بسنة 2017، تتقدمها منتجات الحبوب مشكلة من القمح الصلب والليّن بحصة الأسد.
بلغت فاتورة الحبوب 3.1 ملايير دولار في 2018، بزيادة 320 مليون دولار، مقارنة بفاتورة سنة من قبل، بينما تراجعت واردات مواد أخرى كالحليب، السكر، البن، حبوب جافة واللحوم.
في عمق هذه المعادلة يبرز الخبز، سيد مائدة الأسرة الجزائرية، على الأقل لأغلبية الساكنة، كمادة جوهرية، من حيث الطلب والكلفة، في وقت لا يزال فيه الإنتاج المحلي من الحبوب أقل مما هو مطلوب بالنظر لتركيبة معادلة الغذاء والقدرات على تمويله.
مفارقة تعرفها سوق الخبز، ويتزايد اختلال معادلة الطلب والعرض وبينهما حجم وطريقة الاستهلاك، التي تحتاج إلى إعادة ضبط وترشيد بما يضغط على نفقات توفير المادة الأولية.
ويمكن لسلوك اقتصادي من الفرد والأسرة، وخاصة كبار الزبائن، مثل المستشفيات والمطاعم الجماعية، أن يقلص من حجم الطلب وبالتالي تقليص من حجم التمويل ليوجّه الفارق إلى مواد أخرى، ونفس الأثر الطيب لو يشمل استهلاك مواد أخرى كالأدوية وغيرها.