دور استراتيجي في حفظ الأمن الطاقوي والاستدامة الطاقوية
نحو تصدير 15 ميغاوات من الكهرباء النظيفة لأوروبا
أكد الخبير والمستشار الاقتصادي عبد القادر سليماني، أن الجزائر أصبحت اليوم مركزا لمستقبل الطاقة النظيفة، أو الانتقال الطاقوي، يتجلى ذلك من خلال سياسة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في تنويع المزيج الطاقوي الجزائري بالذهاب إلى الطاقات النظيفة، أهمها الهيدروجين الأخضر.
قال الخبير والمستشار الاقتصادي عبد القادر سليماني، في اتصال مع «الشعب»، أمس، إن الجزائر بدأت بطرح مناقصات دولية لإنتاج 15 الف ميغاوات من الكهرباء المنتجة من الطاقات النظيفة. ويدخل ذلك في إطار الخيارات الاستراتيجية للدولة الجزائرية باستغلال الهيدروجين الأخضر وإنتاجه في الجنوب الكبير، ثم تصديره إلى أوروبا عبر ممر «كوريدور اش-2» الذي يمر عبر إيطاليا ثم النمسا فألمانيا.
وأوضح المستشار الاقتصادي، أن الجزائر أصبح بإمكانها أن تساهم وتكون لها نسبة من السوق الأوروبية لا تقل عن 10٪ تضمنها إنتاجا وتصديرا، خاصة بعدما أصبحت الضامن للأمن الطاقوي لأوروبا، وسيكون لديها دور كبير في استتباب الأمن الطاقوي في الطاقات الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر والطاقات النظيفة للقارة الأوروبية.
جاذبيـة مـنـــاخ الاستثمار
وأشار سليماني، إلى أن اتفاق «ساوث-2 كوريدور» بين الشركات الأوروبية، يعطي قيمة مضافة في صناعة الهيدروجين، ويعني أن الجزائر أصبحت لاعبا عالميا مهمّا في الاستدامة الطاقوية، والذهاب إلى مصادر طاقة صديقة للبيئة، وأصبح لديها مزيج طاقوي يسمح لها بتنويع مداخيلها بالعملة الصعبة وخلق الثروة وإنشاء العديد من الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة التي تنشط في مجال البيئة الاقتصادية والنسيج الاقتصادي في صناعة الطاقات النظيفة الجديدة والمتجددة.
وتطرق الخبير الاقتصادي، إلى جاذبية المناخ الجزائري، خصوصا قانون المحروقات الجديد وقانون الاستثمار الجديد والتسهيلات الضريبية والجبائية التي اعتمدتها الجزائرية، جعلتها أكثر جاذبية في الطاقات الجديدة والمتجددة، في مجال الاستدامة الطاقوية، كما في مجال إنتاج الكهرباء من طاقات نظيفة والهيدروجين الأخضر، الذي يعتبر وقودا حيويا نظيفا وصديقا للبيئة، دون نسيان الطاقات الأحفورية التقليدية على رأسها الغاز الذي يعتبر من مصادر الطاقة النظيفة، وتخفيض البصمة الكربونية.
وأوضح سليماني، أن الجزائر شريك موثوق ضامن للأمن الطاقوي في أوروبا، إذ أصبحت ثاني أكبر مورد للغاز إلى أوروبا بعد النرويج، ووسعت حصصها السوقية، وكمثال على ذلك أصبحت إيطاليا منصة لتوزيع الغاز الجزائري وأهم الزبائن، إضافة إلى سلوفينيا والمجر والبرتغال وإسبانيا.
استقطـاب شركــات عالمية
في السياق، قال سليماني إن هذه المكانة ترتبط بحجم الاستثمارات الأوروبية التي تأتي للجزائر في محال البحث والتكنولوجيا، لافتا إلى أن سوق الهيدروجين الأخضر تفوق 500 مليار دولار. وأفاد بأن الجزائر اليوم تسيل لعاب أكبر الشركات العالمية، مستندا إلى مؤتمر «ناباك»، حيث وقعت العديد من الاتفاقيات وطرحت العديد من المناقصات التي تعنى بـ12 مشروعا استراتيجيا فيما يخص البحث والتنقيب والاستكشاف والهيدروجين الأخضر والطاقات الجديدة والمتجددة.
وقال الخبير سليماني: «مع قانون الاستثمار وقانون المحروقات الجديدين، نجد كل الشركات العالمية تسارع للاستثمار بقوة في مجال البحث والتنقيب والاستكشاف والتعاون على قاعدة رابح-رابح، وهذا يعود بأرباح كبيرة على تلك الشركات، خصوصا أن الجزائر تطرح مشاريع ذات البعد الإقليمي، منها الأنبوب العابر للصحراء «نيغال» ومشاريع صولار للطاقة الشمسية».
وعن توقيع مذكرة تفاهم في مجال العمل المناخي بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، للتعاون في مجال العمل المناخي والحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة، خاصة الميثان، قال سليماني إن الشركات الأمريكية عادت بقوة إلى السوق الجزائرية، منها إكسون موبيل وأوكسيدونتال، ما يعكس ثقة الشركات الأمريكية والأجنبية عموما في مناخ الأعمال والبيئة الاقتصادية المحفزة، وفي مستقبل الطاقة المستدامة، خاصة بعد الاكتشافات الجديدة لشركة سوناطراك، خلال السنوات الثلاث الأخيرة في بؤر جديدة، وتوقيع الجزائر اتفاقيات لتوريد الغاز والغاز المميع والبترول، كل هذه الأسباب رفعت مستوى الثقة لدى المستثمر الأمريكي.
تكلفة إنتــاج منخفضة
يذكر، أن الجزائر تسهم، ضمن 9 دول عربية، في إنتاج الهيدروجين الأخضر وحماية البيئة. وتعد الجزائر من المناطق المؤهلة بصورة كبيرة لإنتاج الهيدروجين النظيف بتكلفة منخفضة، مع تمتعها بوفرة مصادر الطاقة المتجددة.
وتقدر تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل من دولار واحد للكيلوغرام، وهي الأقل بين الدول العربية التي تصل بعضها إلى ثلاثة دولارات للكيلوغرام الواحد، وهو ما يجعل الجزائر منافسا قويا، نظرا لانخفاض التكلفة، كما ذكر، إضافة إلى أنها شريك طاقوي موثوق.