الخبير حميدوش يدعو إلى دراسته في اجتماع الثّلاثية

تمويل استعجالي خاص بالمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة

فضيلة بودريش

قدّم امحمد حميدوش، الخبير الاقتصادي، سلسلة من المقترحات والرؤى حول التدابير الضرورية لتجاوز تداعيات فيروس «كوفيد 19» اقتصاديا واجتماعيا، ودعا إلى دراسة إمكانية التمويل الاستعجالي الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومراجعة الرسم على القيمة المضافة، ودعم الاستهلاك الأسر، لتفعيل الآلة الإنتاجية والرفع من الوعاء الضريبي خلال اجتماع الثلاثية.

اعتبر امحمد حميدوش الخبير الاقتصادي، أنّ الجزائر في حاجة ماسة إلى برنامج «التلطيف» أو الإقلاع الاقتصادي، على غرار ما قامت به العديد من الدول واعتبرته برنامجا استعجاليا يتغير من سنة إلى سنتين حسب السياسات الاقتصادية لكل دولة، ويرى حميدوش أن الإنعاش الاقتصادي يعد حلا استراتيجيا وخطوة مهمة لمواجهة ظرف خاص ناجم عن فيروس كورونا، الذي تسبّب في نمو سلبي للدخل القومي الوطني، حيث على ضوء تقديرات صندوق النقد الدولي سيناهز «-0.87» بالمائة. واستعرض الخبير الاقتصادي والمالي حميدوش سلسلة من التجارب المهمة في مواجهة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد، وأكّد في هذا المقام أنه يمكن تسليط الضوء على سلسلة من السياسات الاقتصادية التي اتّبعتها عدة دول لتجاوز تداعيات فيروس «كوفيد 19»، وتناول الخيار الألماني الذي خصّص ما يعادل 4 بالمائة من الدخل القومي، أي ما يماثل 130 مليار أورو لمدة سنتين، وذلك بهدف استغلال الفرصة أو الظرف لعصرنة اقتصاده ودعم القطاعات التي تعاني، من خلال دعم وتحفيز العرض والطلب، ورصدت ألمانيا من هذا المبلغ 80 مليار أورو للأسر، من خلال تخفيض الرسم على القيمة المضافة من 19 بالمائة إلى 16 بالمائة بالنسبة للسلع، ومن 7 بالمائة إلى 5 بالمائة بالنسبة للمواد المخفضة، وذلك إلى غاية نهاية شهر ديسمبر المقبل، كما أنّها خصّصت 25 مليار أورو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كدعم مالي. وبالموازاة مع ذلك، سخّرت 11 مليار أورو بهدف تشجيع وتحسين القدرة الشرائية، ليرتفع الاستهلاك من خلال الدعم الذي بموجبه تنخفض فاتورة الكهرباء وكذلك منح علاوة 300 أورو لكل طفل، مع تقديم علاوة شراء سيارة كهربائية قصد تشجيع صناعة السيارات، الذي عانى كثيرا خلال هذه الفترة وبالتالي تشجيع الاقتصاد الأخضر والبحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة، لأن هذا التوجه الاستهلاكي يخدم بالدرجة الأولى صناعة السيارات بألمانيا.
وفيما يتعلق بالمؤسّسات تمّ تخصيص 25 مليار أورو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة و25 مليار أورو المتبقية وجّهت 9 ملايير أورو لتشجيع الهيدروجين، و5 ملايير أورو لشراء حصص في شركة «لوفتنزا»، بحيث 300 مليون أورو يمثل 25 بالمائة من الأسهم، وباقي المبلغ خصص لتأمين خزينة الشركة» لوفتهانزا شركة خاصة»، من أجل منع أي مستثمر أجنبي من اقتناء شركة الطيران الألمانية.

تأجيل المستحقّات الجبائية

على غرار ألمانيا، وقف الخبير عند تجربة إيطاليا التي خفضت في الجباية، وتقليص في الإيجار، كما أنّ الحكومة الإيطالية قرّرت تسوية وضعية المقيمين الأفارقة، بهدف العمل في قطاع الفلاحة، وخصّصت علاوة 500 أورو لكل عائلة لتمكينها للقيام بالسياحة الداخلية بتشجيع قطاع السياحة على النمو مع تأميم «ألطاليا للطيران». وتختلف التدابير التي اتّخذتها هولندا حسب ما أشار إليه الخبير حميدوش، حيث رصدت 5 بالمائة من الدخل القومي كبرنامج انعاش وتخصيص 20 مليار أورو في جهاز دعم الشغل و4 ملايير أورو للمقاولين الخواص، كما أرست جهاز تمويل، يمكن المؤسسات من الحصول على قروض لتفادي أزمة الخزينة أو السيولة أو حاجيات السيولة بالنسبة للمؤسسات، كما مكّنت المؤسسات من تأجيل دفع المستحقات الجبائية والتكاليف الاجتماعية، والتي كلفتها ما يعادل 36 مليار أورو، بالإضافة إلى تخفيضات جبائية بالنسبة للنشاطات المتضررة، والتي تمثل ما يعادل 4 ملايير أورو وموجّهة لضمان القروض وضمان التأمين على المورد وضمان القروض، لاسيما الخاصة بالاستغلال، كما تمّ تسخير مبلغ يقارب 2 مليار أورو للشباك الاستعجالي «TOGS» للقطاعات المتضررة، بهدف تنفيذ إجراءات استعجالية خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مواجهة التكاليف الثابتة مثل «الكراء، الكهرباء، الاجور..». ووجّه ما يعادل 650 أورو لقطاعين رائدين في هولندا للفلاحة «الورود والبطاطا» للحفاظ على نشاط الفلاحين، و300 مليون أورو للقطاع الصناعي المتضرر.

رافعة للبطالة والخدمات الصحية

أوضح الخبير أنّ هذه الاجراءات وإن اختلفت حسب البلد، فقد اعتمدت النمسا على دعم البطالة الجزئية التي فرضها الظرف الصحي على المؤسسات، من خلال التعويض بالصندوق الخاص للاجراء، بالاضافة إلى صندوق دعم للمؤسسات والمهنيين المستقلين مبلغ ما يعادل 38 مليار أورو. ولتشجيع الاستهلاك تمّ رفع المنح العائلية ومنح البطالة، أما في اليابان قد تضافرت جهود الحكومة بتخصيص 1 مليار دولار للدفع النقدي للمواطنين أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتلبية الحاجيات على شكل قروض بدون فائدة وتمكين المؤسسات من دفع الضرائب، وزّعت الحكومة اليابانية قسيمات السفر لجميع العائلات اليابانية لتشجيع السياحة الداخلية، وقام البنك المركزي الألماني بتخصيص 100مليار دولار لشراء أسهم وسندات وأصول، قصد تمكين المؤسسات من الحصول على السيولة لمسايرة النشاطات الاقتصادية. وهذا النمط نجده في أمريكا، حيث خصص الاحتياط الفيدرالي الأمريكي «البنك المركزي»، ما يعادل 2800 مليار دولار سيولة موجّهة للبنوك قصد تحويلها إلى قروض بدون فائدة للمؤسسات، وفرض رفع الاحتياطات على البنوك بمبلغ صفر دولار، وقام بشراء سندات الخزينة وأوراق الدين للمؤسسات والجماعات المحلية، أما بالنسبة للميزانية، فقد خصّص مبلغ 1200مليار دولار موجّهة عبر البنوك كقروض للأسر ومساعدات للمؤسسات ورفع علاوات البطالة والدعم للقطاع الصحي والخدمات الصحية، كما تحصّلت كل عائلة على مبلغ 1200 دولار، بالإضافة إلى 500 دولار لكل طفل، كما رصد 377 مليار دولار كقروض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى 500 مليار دولار للصّناعات الرائدة كشركات الطيران، ضمن شروط محددة مع اعتماد وضع كل الوسائل المالية لرفع الحجر الصحي.

دعم الأسر لتشجيع الاستهلاك
 
وإسقاطا على الجزائر، يعتقد حميدوش أنّه من المعقول يتحتّم تسطير برنامج الانعاش الاقتصادي لما هو خاص بالعائلات، من خلال تحديد علاوة استثنائية قبل نهاية السنة، حيث تخصّص للدخول الاجتماعي لتجاوز الصعوبات الاستهلاكية مع تكفل الدولة بحصة من فاتورة الكهرباء، مع إعادة النظر بصورة استعجالية في الرسم على القيمة المضافة، مثلما قامت به ألمانيا، لأن الرسم الخاص بالمستهلك والنفقات على المدى القصير وتشجيع الاستهلاك الذي سيقابله تشجيع الإنتاج، وعودة النشاط والثقة وامتصاص البطالة، وانتعاش النشاط الاقتصادي على المدى المتوسط، وهذا ما يسمع باتساع الوعاء الضريبي وتحصيل الحكومة ما أنفقته على المدى القصير، كما يستحسن من مختلف التجارب، التمويل الاستعجالي الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يحول إلى البنوك، والذي تحدّد فيه الشروط الاستعجالية الخاصة حسب النشاط والمهن والصناعة، وفق ما يتوصل إليه اجتماع الثلاثية، مع تخصيص دعم خاص للفاعلين الاستراتيجيين في مجال الحفاظ على النشاط والاستثمار كالفلاحة والطيران والمؤسسات المصدرة، وعلى وجه التحديد مؤسسات ذات النشاط الذي يعوّض الاستيراد مع تشجيعها من خلال الدعم الجبائي، وإعادة النظر ضمن لقاء الثلاثية في التعريفة الجمركية أي رفع التعريفة الجمركية على حساب المستوردين الذين يكون نشاطهم على حساب الصناعة، والتعويض في مجال التبريد والإعلام الآلي والصناعة التحويلية، كما يتضمّن هذا البرنامج الموجه للمؤسسات من قرض ضريبي لتمكين المؤسسات من تاجيل دفع التكاليف الجبائية وشبه جبائية وتوفير السيولة، من خلال مساهمة الدولة من صندوق ضمان القروض والدعم المباشر لقروض الاستغلال والاستثمار، وكذا تسوية النزاعات وتسديد القروض، حيث يمكن تأجيلها من خلال تحويلها إلى قروض حكومية يستغني صاحبها عن الفائدة مع الصياغة الجديدة لآجال وشروط التسديد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024