افتتحت ، أمس،بالظهران (منطقة الدمام) بالمنطقة الشرقية للعربية السعودية أشغال القمة العربية الـ 29 تحت رئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.
وتشارك الجزائر في هذه القمة من خلال رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
وسط إجراءات أمنية مشددة، انطلقت أشغال هذه القمة بمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) والتي تنظم في ظروف بالغة التعقيد، حيث من المنتظر أن يشكل إعلان الظهران الذي سيتوج هذا الاجتماع عالي المستوى، خريطة طريق للعمل العربي المشترك في سبيل التوصل إلى حلول تحمل الطابع الاستعجالي للعديد من الملفات وعلى رأسها التصعيد الاسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني وتداعيات الأزمة السورية، مع العمل على إيجاد مخرج للانسداد الذي تعرفه الأزمة الليبية، دون إغفال الوضع في اليمن والعراق.
وكان وزراء الخارجية العرب قد قاموا برفع للقادة مشاريع القرارات التي تمخض عنها اجتماعهم و التي شددوا من خلالها على الهوية العربية للقدس، عاصمة الدولة الفلسطينية مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة سيادته على أراضيه على حدود 1967 طبقا لقرارات الشرعية الدولية.
كما سجلوا أيضا التشبث بخيار السلام كحل استراتيجي في معالجة الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية والتوصل إلى تسويات سياسية دائمة لها.
...والقادة العرب يقدمون تعازيهم للجزائر في ضحايا سقوط الطائرة العسكرية
أعرب عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمةأمس، خلال مشاركته في القمة العربية ال29 بالظهران بالعربية السعودية، عن شكره لقادة الدول العربية المشاركين في القمة على تعازيهم ومواساتهم للجزائر اثر حادث تحطم الطائرة العسكرية الأليم ببوفاريك بولاية البليدة.
وفي كلمة ألقاها باسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمام هذه القمة العربية شكر السيد بن صالح «قادة الدول العربية المشاركين في القمة على تعازيهم ومواساتهم للجزائر قيادة وشعبا وعلى تضامنهم على إثر حادث تحطم الطائرة العسكرية الأليم».
رئيس مجلس الأمة يدعو إلى مواصلة اليقظة في مواجهة الإرهاب
حذر رئيس مجلس الامة، عبد القادر بن صالح ، أمس، بالظهران بالمملكة العربية السعودية، من «آفة الإرهاب ومن عودة المقاتلين الأجانب وانتقال الجماعات الارهابية إلى مناطق جديدة»، داعيا الى مواصلة «اليقظة» في مواجهة الارهاب.
وأضاف بن صالح خلال مشاركته ممثلا لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في أشغال القمة العربية ال29 التي انعقدت أشغالها بالظهران أن «الانتصارات المحققة مؤخرا على الإرهاب في المنطقة لا يجب أن تنسينا الحذر والحيطة».
وتابع قائلا بأن هذه الآفة «لم تنته بعد، و تستدعي بالضرورة مواصلة اليقظة وحشد الطاقات وتكاتف الجهود والتنسيق مع المجتمع الدولي من أجل مواجهتها بأساليب ناجعة وفعالة».
وفي ذات السياق قال رئيس مجلس الأمة بأنه «يتوجب الالتزام الصارم بمنع تمويل الارهاب ومحاربة رديفاته من فكر متطرف وتفش للجريمة المنظمة العابـرة للحدود بكل أشكالها وغيرها من الآفات والمظاهر السلبية».
وذكر في هذا الإطار بالرسالة التي وجهها الرئيس بوتفليقة، إلى اجتماع الدورة الـ 35 لوزراء الداخلية العرب، المنعقد في الجزائر شهر مارس الماضي، والتي ضمنها «حرص الجزائر البالغ على مواجهة هذه المخاطر»
...ويدعو إلى تعزيز الجهود لدعم القضية الفلسطينية
ودعا رئيس مجلس الأمة، إلى تعزيز الجهود لدعم الشعب الفلسطيني في كفاحه، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته كاملة «للضغط على قوة الاحتلال بكافة الوسائل لحملها على الوقف الفوري لعدوانها على الشعب الفلسطيني الأعزل والانصياع لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
و أكد بن صالح، أن القضية المركزية بالنسبة للعالم العربي، القضية الفلسطينية، «تتعرض لمحاولات آثمة للإجهاز عليها والنيل من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967 طبقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام».
كما جدد رفض الجزائر وإدانتها لإقدام الإدارة الأمريكية على الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل واعتزامها نقل سفارتها إليها، محذرا من تداعياته الخطيرة على السلم والأمن الدوليين كونه انتهاكا للقرارات الدولية و تقويضا لعملية السلام.
كما أهاب بن صالح ب»النضال البطولي» للشعب الفلسطيني الشقيق و»استماتته الباسلة والملحمية» أمام ما يتعرض له من اعتداءات يومية وآخرها المجزرة المرتكبة في حق الأبرياء العزل في الذكرى الـ42 ليوم الأرض، داعيا في نفس الوقت الإسراع في تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالعمل مع المجموعة الدولية على تأسيس آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة لإعادة إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط بما يحقق حلا عادلا وشاملا للقضية الفلسطينية.
وجدد بن صالح «وفاء الجزائر لموقفها المبدئي والثابت ودعمها اللامشروط لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وحثَّها على إنجاز المصالحة الفلسطينية وتوحيد صفوف الإخوة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي».
...و يشدد «آن الأوان أن نرقى بأدائنا إلى مستوى ما يحيط بأمتنا من مخاطر وتحديات»
شدد بن صالح أمس الأحد على أنه «قد آن الأوان للدول العربية أن ترقى بأدائها إلى مستوى ما يحيط بالأمة العربية من مخاطر وتحديات، وأن تعي أن ما ينتظرها قد يكون أكثر سوءا وأقل رحمة بأمنها واستقرارها»، مضيفا أن ذلك «لا يتطلب أكثر من مراجعة للنفس وتحل بالشجاعة والجرأة لتحديد مواطن الخلل حتى تستطيع تقديم الحلول المناسبة لها».
وأكد رئيس مجلس الأمة أن الظروف التي تمر بها المنطقة العربية والعالم «تقتضي تعضيد قوة وأمن واستقرار الدول العربية، وتعزيز التضامن بين الدول والشعوب وتجاوز الخلافات و كذا إصلاح الجامعة العربية بشكل يسمح لها بأن تلعب دورها كاملا و تسمع صوتها في المحافل الدولية و تجد الحلول اللازمة للنزاعات عوض أن تفرض عليها هذه الحلول من الخارج».
وبخصوص الأوضاع في ليبيا، قال رئيس مجلس الأمة أن هذه الأزمة «تبقى محل انشغال واهتمام الجزائر»، مجددا الدعوة إلى تكثيف العمل «من أجل تعزيز الحل السياسي والسلمي لهذه الأزمة تحقيقا لأمن واستقرار هذا البلد الجار والشقيق، بعيدا عن كافة التدخلات الأجنبية التي لا تخدم استقراره واستقرار المنطقة».
كما أكد دعم الجزائر لمسار التسوية التي ترعاه الأمم المتحدة، ومواصلتها العمل على تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين وتشجيعهم على الحوار الشامل والمصالحة ونبذ لغة العنف وتغليب المصالح العليا لليبيا حفاظا على سيادتها ووحدة ترابها وانسجام شعبها.
وفي هذا الإطار، رحب بن صالح باتفاق المصالحة الذي تم مؤخرا بين مدينتي الزنتان ومصراتة، آملا بأن يشمل هذا المسار كل ربوع ليبيا وبين كل أطيافها لتحقيق المصالحة والوفاق الوطنيين لبلوغ الاستقرار الذي ينهي كل الصراعات والتجاذبات بعيدا عن كل تدخل أجنبي لصالح جيش موحد تحت سلطة مدنية قادرة على الحفاظ على الأمن والوحدة الترابية لليبيا و كذا مكافحة الإرهاب.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، أعرب السيد بن صالح عن «انشغال الجزائر العميق إزاء التصعيد الذي عرفته الأوضاع في سوريا وتداعياته على الشعب السوري الشقيق وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل»، مؤكدا على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل سياسي سلمي «الذي يبقى الخيار الوحيد لإنهاء الأزمة، من خلال الحوار البناء بين الأطراف السورية، ولم شملها والتصالح فيما بينها إعلاء لمصلحة الوطن السوري الجامع لكافة أبنائه، بما يفضي إلى عودة لاجئيه إلى ديارهم، وإعادة بناء سوريا الغد في إطار احترام إرادة الشعب السوري في اختيار قيادته».
وأضاف أيضا أنه «من الضروري انتهاج المصالحة الوطنية بما يكفل أمن و استقرار وسيادة سوريا ووحدتها، ويحقق آمال الشعب السوري الشقيق في التنمية والتقدم».
أما في ما يخص الشأن اليمني، ناشد رئيس مجلس الأمة الفرقاء اليمنيين «لطي صفحة الاقتتال وتبني الحوار والحل السياسي والمصالحة كأساس لإنهاء هذه الأزمة، بما يضمن وحدة و سيادة واستقرار اليمن وتحسين الوضع الإنساني المتداعي وتحقيق طموحات الشعب اليمني الشقيق في العيش الكريم».
كما أعرب عن أمله في أن تفضي المشاورات و الاتصالات التي يقودها المبعوث الأممي إلى «بعث الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف للوصول إلى حل سياسي توافقي يلبي طموحات الشعب اليمني الشقيق».
...و يجدد موقف الجزائر المطالب بإصلاح «عميق» لجامعة الدول العربية
من جهة أخرى جدد رئيس مجلس الامة، موقف الجزائر المطالب ب»إصلاح عميق لجامعة الدول العربية حتى تكون في مستوى التحديات التي تواجه العالم العربي و دوله وشعوبه».
وأضاف بن صالح بأن «حال الوطن العربي لا يسر ولا يبعث على التفاؤل ، لما بلغه من تدهور وترد في مختلف مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية، رغم الإرادة المبداة في اجتماعات سابقة على بذل المستطاع لمواجهة المخاطر المحيطة بالدول العربية وتسريع وتيرة حل الأزمات وإطفاء نار الفتنة التي تعصف بالأمة العربية».
وأوضح رئيس مجلس الامة بأن «النتائج المحققة لم تكن في مستوى الآمال والطموحات» مبرزا ان «ما تم إنجازه، منذ بدء مسيرة العمل العربي المشترك، لا يرقى إلى ما تتمناه الشعوب العربية، وهو ما يحتم ضرورة الإسراع في إصلاح المنظومة العربية المشتركة والخروج برؤية إستراتيجية موحدة تبعث الروح في العمل العربي المشترك قصد التكفل بمختلف القضايا المصيرية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وحشد الطاقات لتجاوز التحديات وتخطي الصعاب، لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف وانتشار التنظيمات الإرهابية في مختلف أنحاء الوطن العربي والتكفل بآمال الشعوب العربية في التنمية والرقي والتطور والتكامل الاقتصادي والثقافي».
...و يلتقي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز
التقى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس، بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على هامش أشغال القمة العربية ال29 المنعقدة بالظهران في العربية السعودية.
خلال اللقاء تقدم بن صالح بالشكر للرئيس الموريتاني على مشاعر المواساة والتعاطف مع الجزائر التي عبر عنها اثر حادث تحطم الطائرة العسكرية في 11 أبريل.
كما عبر للرئيس الموريتاني عن «إرادة الجزائر في تعزيز وتوسيع علاقات التعاون الممتازة القائمة بين البلدين».
بعد أن جدد تعازيه الخالصة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والشعب الجزائري، أعرب الرئيس ولد عبد العزيز عن «ارتياحه» لنوعية العلاقات التي تربط البلدين مؤكدا عزمه على توطيدها.
وشكل اللقاء الذي جرى بحضور وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل فرصة لتبادل واسع لوجهات النظر حول الوضع السائد في المنطقة.