أمطرت السماء جمعة أمس دموعا حارة، لم تشبه زخاتها المطر التي عهدها الناس في فصل الأمطار والبرد، خاصة وأنها تزامنت مع أداء جوامع البليدة على غرار مساجد الوطن، صلاتي الجمعة والغائب، ترحما على أرواح ضحايا الطائرة العسكرية، التابعة للقوات الجوية العسكرية الجزائرية، والتي تحطمت يوم الأربعاء الماضي، في سقوط غير محسوب بالقرب من المطار العسكري ببوفاريك. امتلأت جوامع البليدة عن آخرها، واضطر الكثير من المصلين اداءها على الرصيف وتحت قطرات المطر، والتي أضفت مشهدا حزينا.
وخيمت علامات التأثر والأسى على محيا المصلين بل والناس جميعا، وظل الجميع قبل وأثناء وبعد أداء صلاتي الجمعة والغائب، يتحدثون في هدوء وسكون إلا عن الحادث والضحايا وعائلات المفجوعين فيهم ، واختار خطباء المساجد مواضيع مست وقاربت الحادث الفاجعة.
صور التضامن مع أهالي الشهداء وحدت الجزائريين
قال أحد الخطباء بأن ما حصل أمر فيه قضاء وقدر، والأمور القدرية لا جدال أو اعتراض لأمرها، ونحسب ضحايا الفاجعة من الشهداء، فيما خطب أئمة آخرون في سياق الحادث، وذكروا بالموت وأن المنية هي أمر رباني، وليس للمرء فيه أو فيها نظر أو اعتراض، وكل مكتوب أجله في لوح محفوظ، ليعود البعض بالحديث عن فضل الشهيد لا سيما وإن كان من المرابطين والمجندين والساهرين لحماية الوطن والمواطنين، وهي أسمى الدرجات التي يتمناها كل واحد على هذه الفسيحة.
وفي ظل الكارثة، قام مواطنون في البليدة بوضع أرقام هواتفهم تحت تصرف أهالي الضحايا، موجهين نداءات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لتقديم المساعدة واستضافة كل عائلة قدمت من ولايات بعيدة، في حين فضل أصحاب مؤسسات استثمارية سياحية فندقية ، وضع تحت تصرف عائلات الضحايا تلك المؤسسات لاستضافتهم
بالمجان، بل وتحملوا نفقات الاطعام والايواء جميعا، مثل فندق الأقصة وكاتي والورود بقلب وتخوم مدينة البليدة، فضلا عن تسخير السلطات المحلية لكل ما يحتاج اليه ذوي الضحايا.
وقام مسؤولون منتخبون بتخصيص زيارات إلى أهالي الضحايا، والتعبير لهم عن شديد حزنهم ومواساتهم في مصابهم، وهي الوقفة التضامنية التي جعلت الكثيرين يعلقون على أن الشعب الجزائري وقت الشدائد والمحن والظروف الكارثية، سواء أكانت طبيعة أم بشرية «بطل»، ويعبر عن مواطنته بقلب ليس كمثله شيء.
وفي السياق ما تزال بعض من عائلات الضحايا، تنتظر تسلم جثامين ابنائها وأشقائها وأزواجها والأقارب عموما، خاصة أولئك الذين خضعوا ويخضعون لتحاليل عينات من «الأدييان»، للتعرف على ذويهم، والذين تعرض إلى تفحم في انفجار الطائرة العسكرية المأساوي، لأجل استكمال مراسيم جنائزهم ودفن موتاهم الشهداء.
البليدة: لينة ياسمين