«الشعب» تزور الحظيرة الوطنية للأرز بتسمسيلت:

نقـوش صخريــة تروي حضــارة عـريقـة عمـرها أزيـد من 8 آلاف ســنـة

مبعوثة «الشعب» إلى تسمسيلت: سهام بوعموشة

منـابـع مـائيــة كسـاها الاخضـرار علــى مــدار الســـنين

كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحا في يوم ربيعي، حين انطلق الوفد الصحفي في مقدمتهم «الشعب» في حافلة للديوان الوطني للسياحة بالعاصمة، متوجهين نحو ولاية تسمسيلت ضمن زيارة موجهة وبالتحديد بلدية ثنية الحد التي أزورها لأول مرة وكلي شغف لاكتشاف الحظيرة الوطنية للأرز .  سمعت عن الحظيرة الملّقبة «بلبنان الثانية» من زميلتي في العمل سبق لها وأن زارتها. هي حظيرة تحمل هذه التسمية نظرا لتشابه التضاريس الجبلية المشهورة بجبال الأرز وتتقاطع أيضا في نفس التشابه مع جبال الأطلس بالمغرب،... كانت الرحلة مريحة والطقس ربيعي قطعنا خلالها مسافة 18 كلم نحو بلدية ثنية الحد في ظرف قرابة ثلاث ساعات.
 توقفنا عند مدخل بلدية اليوسفية حيث استقبلنا مدير السياحة لتسمسيلت ليقودنا نحو الحظيرة، وهناك وجدنا ترحيبا خاصا من السلطات في صدارتهم السيد حسين  بسايح والي تسمسيلت، حيث أفادنا القائمون على الحظيرة بكل المعلومات المتعلقة بهذا الفضاء الطبيعي الذي يعد مقصدا ترفيهيا هاما لكل العائلات الوافدة من كل مكان.

تعد الحظيرة  أول فضاء محمي بالجزائر منذ سنة 1923. أنشئت بموجب المرسوم رقم 83-459 المؤرخ بتاريخ 23 جويلية 1983، تتربع على مساحة 3424 هكتار، يكسوها 87 بالمائة من الغطاء النباتي، أي بها 556 نوع من الثروة النباتية منها 10 متوطن في الجزائر، و481 نوع من الثروة الحيوانية، وهي مصنفة دوليا، هذا ما اكتشفناه خلال الجولة السياحية على الأقدام رفقة الديوان الوطني للسياحة.
وحسب الشروح التي قدمها عبد القادر خنقاوي، رئيس مصلحة السياحة، فإن الحظيرة الوطنية للأرز ببلدية ثنية الحد هي من أجمل الأماكن بالمنطقة، التي تستقطب الزوار من داخل وخارج الولاية، نظرا لتوفرها على أشجار الأرز والصنوبر ذي المنظر الخلاب وبعض الحيوانات، حيث توصف بلبنان الثانية لأنهما يملكان نفس الثروة الغابية ونفس التشابه  بالنسبة لجبال الأطلس بالمغرب التي تتوفر على ثلاثة أرباع من الأرز.
وتعد شجرة الأرز الوحيدة والفريدة بالجزائر ومن الأماكن النادرة لمحيط البحر المتوسطي، يوجد بها نقوش صخرية منذ أزيد من 8000 سنة، ومنابع مائية عذبة منها منبع عين هرهارة، جاج الماء، تارسوت، ورتان.
 وحسب محدثنا، فإن أعلى قمة بها هي رأس البراريت  بـ1787م، أما الثروة النباتية فعددها 556 نوعا، منها عشر متوطنة في الجزائر أشهرها أرز الأطلس، فلين، الزان، فلين أخضر، فلين بلوط، العرعار، و أشجار الفستق الأطلسي.
 في حين الثروة الحيوانية فعددها 481 نوعا، 21 ثدييات منها عشرة محمية، 95 طيرا منها 29 محمية، 344 حشرات منها 31 محمية، وخمس برمائيات، 18 زواحف منها ثلاث محمية أشهرها: أوس كاركال، الهر البري، ابن أوى ذهبي، الثعلب الأشقر، الشيهم، القنفذ، الخنزير، النسر الملكي، النسر البوت، الصقر، البومة، باشق أوربا، والحدأة السوداء.
أوضح، خنقاوي أن كل موقع يحتوي على بطاقة تقنية للحظيرة، ومكتب دراسات متخصص يتضمن  مراحل  التشخيص، الاستيراتيجية، ومخطط العمل يضم ستة أقطاب سياحية بتسمسيلت، يهدف إلى تفادي التدخل العشوائي للمساحات المحمية.
هناك ثلاث أقطاب مهيكلة بثنية الحد وبلدية سيدي سليمان، كما توجد الحمامات المعدنية وكذا ثلاث أقطاب للبئر منها التي توجد في برج الأمير عبد القادر، قطب الصناعة التقليدية وبلدية بوقايد حظيرة جهوية، ومياه معدنية لغاية جبال الونشريس، كما تعمل البلدية حاليا على قطب ثنية الحد، حسب مخطط عمل مكتب الدراسات، لتطوير السياحة البيئية.
وقال مدير السياحة بتسمسيلت سعيد خيراني، أن الحظيرة الوطنية مصنفة محطة سياحية طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي 98-370 المؤرخ بتاريخ 23 نوفمبر 1998  وتعتبر من الأماكن النادرة  بالمحيط المتوسطي حيث  تنمو أشجار الفلين على ارتفاع يتجاوز 1600 متر.
 وتشكل همزة وصل بين جبال الونشريس وسهول السرسو، تتميز بكثافة غابية مشكلة من أشجار البلوط والفلين التي تكسوها الثلوج طيلة موسم الشتاء، وتعد فضاء طبيعيا للتوازن البيئي لاحتوائها على أصناف نباتية وحيوانية فريدة من نوعها، ولتوفرها على عدة ينابيع ومجاري مياه عذبة.
 وحسب مدير السياحة، فإن ولاية تسمسيلت، قامت خلال الفترة الأخيرة  بمبادرة لتشجيع الاستثمار في السياحة، عبر بناء فندق بنجمين و مشروع مخيم صيفي، لكن يسجل نقص في مجال نشاطات وكالات السياحة والأسفار. ويعوّل على أربع وكالات سياحية اعتمدت مؤخرا لسد هذه الفجوة.
ومن خلال المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية اقترح  مدير السياحة، اعتماد مسلكين سياحيين، لتثمين وتسويق وتشجيع السياحة الداخلية عبر أرجاء الولاية: المسلك السياحي البيئي، والمسلك التاريخي الذي يمثل جزء من المسلك المسمى على خطى الأمير عبد القادر، والجولة السياحية الموجهة للفريق الصحفي الذي كانت «الشعب» واحدة منه هي جزء من المسلك السياحي البيئي.
لكن السياحة تكسب الرواج من خلال توفير خدمات في قطاعات أخرى مكملة منها النقل، كيف السبيل للاهتمام بهذا الجانب؟
حسين بسايح والي ولاية تسمسيلت يجيب على هذا السؤال بالقول : «أهمية قطاع النقل الذي من شأنه المساهمة في ترقية الوجهة السياحية، وإتاحة فرصة التنقل عبر المواقع السياحية باستعمال الوسائل الحديثة، من خلال مشروع الربط بالسكة الحديدية.»  وذكر الوالي باستثمارات في ميدان الفندقة لتطوير قطاع السياحة، منها مشروع لأحد المستثمرين، انطلق فيه وعلى وشك الانتهاء، وآخر بطاقة استيعاب 300 سرير.
وحسب الوالي، سيشرع في انجاز المشروع الثالث في ثنية الحد قريبا، كما أن وجود مناطق تسمح بالاستثمار المنتج منها منطقة النشاطات بتسمسيلت، ومنطقة النشاطات بخميستي ومنطقة النشاطات بثنية الحد.
والولاية بصدد إعداد اتفاقية بين مديرية السياحة والصناعة التقليدية، وغرفة الصناعة التقليدية والحرف من جهة والحظيرة الوطنية للأرز من جهة أخرى، تهدف إلى تحديد إطار التشاور وتجسيد الشراكة من أجل تطوير وترقية نشاطات السلالة والطين بالمنطقة، وكذا فتح المجال خاصة لفئة الشباب للمساهمة في تطوير التنمية المحلية.  
وقال مدير الحظيرة الوطنية للأرز هواري جرديني، أن الحظيرة الأهم في الجزائر توجد بالأوراس، تليها في المرتبة الثانية الشريعة ثم جرجرة ثم ثنية الحد،  بـ 13 ألف هكتار، مؤكدا أن الحظيرة لم تتضرر من الحرائق، نظرا لوجود عنصر التوعية لدى السكان، ولم تبخل السلطات بأي جهد لحماية الحظيرة الغابية، عبر نشاطات التحسيس، حيث قامت العام الماضي بحملة توعية حول الحرائق.
«يتبــــــع»

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024