يخضع قانون الصفقات العمومية للتطوير والتحديث كلما اقتضت الضرورة حتى لا يكون حجر عثرة أمام المبادرة فيكبل المسير العمومي في وقت تتطلب فيه الظروف السرعة في اتخاذ القرار والمرونة في التفاوض على المشاريع. في هذا الإطار خص مجلس الوزراء في اجتماعه الأربعاء الماضي الملف بعناية فتناول بالدراسة والمصادقة مرسوما رئاسيا يعدل المرسوم الصادر في ٧ أكتوبر ٢٠١٠ المتضمن قانون تنظيم الصفقات العمومية. ويسمح هذا التوجه الجديد للقائمين على دواليب الجهاز الاقتصادي بحركية وفعالية اكبر ومرونة أفضل في القيام بما يقع عليهم من التزامات تحقيق النتائج وحماية مصالح المؤسسة العمومية بالأخص.
وتصب الإجراءات الجديدة في سياق تعزيز المناخ الايجابي للمؤسسة الاقتصادية في كافة القطاعات ومن ثمة وضع المسيرين في مركز أفضل يضمن لهم القدرة على المبادرة واقتناص الفرص الاستثمارية بشكل جيد مقارنة بما هو قائم تشريعيا، حيث تستنزف الإجراءات القانونية الكثير من الموارد والقدرات والوقت.
لقد تسبب الفساد ومختلف مظاهر الانحراف في إدارة دواليب المنظومة الاقتصادية العمومية في اللجوء إلى تشديد الإطار الإجرائي وفرض ترتيبات قانونية صارمة من اجل محاولة تضييق مساحة أي انحراف في مجال الصفقات خاصة في ظل البرنامج الاستثماري العمومي للدولة الذي يسيل يغري الكثيرين. غير أن المقاربة التشريعية بهذا المفهوم أظهرت أنها تسببت أيضا في تقييد المبادرة الاقتصادية نظرا لثل الإجراءات ومدد الآجال والآليات التي تخضع لها الصفقة العمومية.
على هذا النحو من الطبيعي أن يشكو المسير العمومي من تضييع فرص أعمال واستثمار ثمينة بينما يستفيد نظيره الخاص من مناخ أفضل بحيث يمكنه المنافسة وتحقيق نتائج جيدة.
الدلالة القوية من وراء إعادة ترتيب أحكام قانون الصفقات تتمثل بالأساس في إبعاد الشبهة عن المسير وإحاطته بمساحة كبيرة من الاطمئنان بما يضمن له حرية اكبر في الأداء وترجمة الخيارات بالمعايير الاحترافية خاصة في مواجهة المنافسة الأجنبية ومتطلبات الشراكة التي يصعب أن تنجح للطرف الجزائري إذا كان هذا الأخير خاضعا لترتيبات ذات طابع بيروقراطي أكثر مما هو اقتصادي.
ومن جانب آخر يعكس اهتمام الدولة بهذا الشأن من خلال ترقيته وتعديله باستمرار تعاطيها بشكل ايجابي مع انشغالات المسير العمومي واستجابة لما يقتضيه الواقع الاستثماري خاصة في ظل إلقاء الدولة بكامل ثقلها في الساحة الاقتصادية. غير أن هذا التوجه لا يعني بأي شكل من الأشكال ترك الأمور عرضة للارتجال والعبث من البعض بقدر ما يعكس حرصا على وضع المؤسسة والمسير بالأخص على مستوى من المسؤولية والاحترافية فيما يبقى القانون واداوت الرقابة بالمرصاد لمن يحيد عن جادة الصواب خاصة وان المسالة تتعلق بمصير منظومة اقتصادية بكاملها لبلد يحرص على انجاز الإقلاع الاقتصادي والتخلص نهائيا من التبعية للمحروقات.