رئيسة جمعية “دارنا” زيار خـداوج ليلى لــ “الشعب”

هدفنا إعادة الاعتبار للتّقاليد ونقلها للأجيال

علاء ــ م

هي جمعية وضعت على عاتقها إحياء التقاليد المندثرة التي كانت تميز المجتمع الجزائري.«دارنا” مشروع يحكي حقيقة الحياة الاجتماعية للجزائريين، حاورت “الشعب” رئيسة جمعية “دارنا” بتيبازة ليلى خداوج زيار التي تأسّفت فيه عن تخلي المرأة عن التقاليد المنظمة للحياة الأسرية التي تصنع أصالة المجتمع الجزائري.

أكّدت رئيسة الجمعية زيار خداوج، بأنّ “دارنا” جمعية تهتم بكل النشاطات التي تلبي تطلعات  المرأة على وجه الخصوص، ففيها نجد الطبخ،الطرز والثقافة، وهي أيضا مدرسة لتكوين الفتيات والنساء في كلّ مناحي الحياة وفقا للتقاليد والعادات الضاربة في الجذور.
للتّذكير، فإنّ الجمعية تطمح لإنشاء مركز جديد يضم عدد أكبر من الفتيات خاصة أن وزير التضامن الأسبق جمال ولد عباس، كان قد وعد بالاسراع في إنجازها، إلا أنّ تطوّر الأحداث وتعاقبها حال دون تجسيدها على أرض الواقع.
وواصلت زيار خداوج حديثها قائلة: “خلال العهدة الاستعمارية كانت المرأة في المنطقة تتعلّم أبجديات الحياة اليومية بدار المعلمة الكائنة بالقليعة التي ساهمت في اكتساب الفتيات مهارات تفيدهن في حياتهن”، مؤكدة في سياق حديثها أنّها لعبت في السابق دورا فعّالا في تكوين الكثير من النساء، بدليل أن والدتها المولودة عام 1921 وأختها  الكبرى سنة 1936، نهلا الكثير من المعرفة فيها، كاشفة أنّها تبذل كل ما في وسعها للعودة إلى هذا النمط التكويني قلّما نجده في زماننا هذا.
مشروع “دارنا” حسب رئيسة الجمعية هو تجسيد لمحتوى كتاب قيّم شرعت في تأليفه منذ 40 سنة، ولم ير النور بعد لأسباب تتعلق بانشغالاتها المتعددة، وهو يحمل عنوان “دارنا” في إشارة إلى “أهمية الحفاظ على تراثنا وموروثنا الثقافي، وضرورة التشبث بالأصالة وتقاليد الأجداد لأنها تكرّس ثقافة التآخي والتواصل والتعاون بين الأفراد”.
وتهدف جمعية “دارنا” حسب رئيسة الجمعية زيار خداوج إلى تجسيد مشروع كبير من شقين، يتعلق الأول بالجانب الاجتماعي الذي يركّز على مساعدة المرضى بالمستشفيات من خلال تقديم الألعاب للأطفال المرضى وتوفير الكتب للمطالعة، إضافة إلى تنظيم أيام تحسيسية حول أمراض السرطان والأمراض المزمنة، وتنظيم حفلات اختتان لأبناء العائلات المعوزة وتوزيع قفة رمضان وغيرها.
في حين يعنى الشق الثاني بالجانب الثقافي، الذي يشمل فتح مركز لتكوين الفتيات في مختلف الحرف التقليدية التي مارستها أمهاتنا في السابق، خاصة في مجال الطبخ بعد أن أصبحت العديد من الأكلات الشعبية مهددة بالاندثار بسبب ولع النساء بالوجبات الخفيفة والأكل غير الصحي، الذي ساهم في انتشار العديد من الأمراض، لذلك تسعى جمعية دارنا جاهدة إلى تعليم الفتيات مختلف فنون الطبخ التقليدي الصحي لإعادة الامور إلى نصابها.
المهرجان الوطني للعرس التّقليدي شاهد على عراقة المجتمع
     حتى يطلع الجيل الصاعد على التقاليد التي كانت تميز حفلات الأعراس، قامت الجمعية بتنظيم مهرجان يعود بزائريه إلى الماضي، ويكشف مدى تعلق الآباء والأجداد بالتقاليد الشعبية التي تعبّر عن تميّز الهوية الجزائرية بفنونها ومقوماتها،
وأسلوبها في نسج الحياة الأسرية على عكس ما هو شائع حاليا بمختلف أعراسنا، التي أضحت مرتبطة بالنمط الغربي الدخيل على ثقافتنا أكثر من تشبثها بعراقة تقاليد الأجداد.
لذلك تفتخر زيار خداوج كونها أوّل من ساهمت في  تنظيم فعاليات المهرجان الوطني للعرس التقليدي منذ سنة 2000 بمدينة الأغواط، قبل أن تعقد الطبعة الثانية سنة 2005 بالساحة المركزية لمدينة القليعة بمشاركة 15 ولاية، تمّ خلاله عقد قران جماعي لـ 30 زوجا بمساعدة جمع من المحسنين.
أما الطبعة الثالثة فنظّمت بمنطقة “إيقلي” بولاية بشار سنة 2010، فيما أقيمت الطبعة الرابعة بولاية برج بوعريريج سنة 2012 لتتحول التظاهرة عقب ذلك إلى دار الثقافة لمدينة القليعة خلال 2013 و2014، بحيث أضحت الدار تتبنى التظاهرة عوضا عن الكونفيديرالية الوطنية الاستشارية للحركة الجمعوية التي كانت تنشط باسمها السيّدة زيار خداوج، غير أنّ الخلافات التي ظهرت الى العلن مع مسيري دار الثقافة على هامش طبعة العام المنصرم بخصوص التركيبة البشرية للعارضات طبيعة المنتجات المعروضة قد يعصف بذات التظاهرة ويعيق عملية تنظيمها بالشكل اللائق.
تواصل مع المعوزّين والمحتاجين
برز نشاط السيّدة ليلى زيار خداوج خلال الثمانينات حين أنشأت بمعية عدد كبير من نساء مقيمات بالعاصمة “نادي الأصدقاء”، الذي ظل  لفترة طويلة ينشط في مجال المساعدة الاجتماعية بتقديم الأدوية للمعوزين والمحتاجين بمساهمة القناة الإذاعية الثالثة.
استمر نشاطها خلال التسعينات حين اعتمد مشروع ترقيع الكتب القديمة لتوزيعها على المعوزين والمستشفيات، إضافة إلى توسيع نشاطات المساعدة الاجتماعية، بحيث لم تمنع الأزمة الأمنية هذا الفريق من النشاط طيلة السنوات الحالكة،
والتزمت السيّدة زيار بتقديم المعونات للعائلات المعوزة بمناطق نائية لم يكن سهلا الوصول اليها،
حيث اضطرت ذات مرّة إلى بيع حليها وسيارتها للحصول على مصادر مالية تمكنها من مساعدة المعوزين عقب سطو المجموعات الإرهابية على منتجات حقولها الزراعية بمنطقة “متيجة”، وبقي الأمر كذلك إلى غاية السنوات الأخيرة حين واظبت على تقديم المعونات لأبناء العائلات المعوزة من خلال خرجات الترفيه والتسلية بالتوازي مع ممارسة نشاطات ثقافية مميزة.
 نشاط تعدّى الحدود
 نشاطها أعطاها شهرة مغاربية فمن المنتظر أن  تشارك جمعية “دارنا” قريبا بالمهرجان الثقافي لمدينة “مطماطة” بتونس الشقيقة في إطار برنامج التبادل الثقافي بين البلدين، وفي لفتة تترجم تواصل ذات الجمعية مع عدّة جمعيات أخرى عبر العالم ومن بينها جمعية بكندا كانت ولا تزال تلحّ على مشاركة جمعية “دارنا” بإحدى النشاطات الثقافية المقامة هناك، ومن المرتقب تنقل الجمعية إلى اسبانيا قريبا في نشاط مماثل، غير أن الانشغال الأكبر لجميع أعضاء الجمعية حاليا هو إعطاء وجه مشرّف للثقافة المحلية المشبعة بالتقاليد الشعبية على هامش الاحتفال بتظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، على أنّ تكثّف نشاطها عقب ذلك في مختلف الفنون ذات الصلة بالإرث الثقافي الثقيل الذي توارثته الأجيال ببلادنا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024