دعا وزير التكون والتعليم المهنيين، الأسر الجزائرية إلى إعادة تصحيح النظرة التقليدية للتكوين المهني بمختلف درجاته وتشجيع أبنائهم، بمن فيهم حملة البكالوريا، على اقتحام عالم التكوين في المهن والتخصصات التي تتوافق مع احتياجات عالم الشغل.
وأكد في ردّه على سؤال حول مفارقة مقلوبة يعاني منها الشباب، خاصة في الولايات بالجنوب الكبير، بين طلبهم لفرص العمل ومؤسسات تشكو انعدام اليد العاملة للتكوين المتخصص، إنها فعلا مفارقة يجب معالجتها، انطلاقا من الأسرة والمدرسة والمؤسسة الاقتصادية العمومية والخاصة على السواء، موضحا أن القيمة الأساسية بالنسبة للشاب، تكمن في الجهد الذي يبذله في ظل وجود فرص عمل كبيرة في المناطق الجنوبية وفي شتى القطاعات، على غرار حاسي مسعود، حيث المناخ الاستثماري محفز والديناميكية التنموية تسير بوتيرة مشجعة.
ومن أجل إرساء معادلة متوازنة بين الطلب على الشغل والفرص المتاحة، أشار إلى أهمية تعميق عنصر الثقة القائمة بين السلطات العمومية والمواطنين في مجال التكوين ضمن عقد شراكة مربحة للجميع. وتساءل، كيف يمكن لشاب العمل في الصناعة البترولية وحقول الآبار دون أن يتحصن بتكوين ذي صلة بالعمل الذي يقوم به أو يفتقر لتأهيل، مشيرا إلى ما عبّر عنه مدير عام مؤسسة “إينافرو” الذي أشار إلى حاجة مؤسسته لأكثر من 2500 عامل في السنوات الثلاث القادمة، وهذا مؤشر يعطي دفعا لإقبال الشباب في الجنوب على التكوين المتوفر للعبور إلى عالم الشغل.
غير أنه اعتبر أن هناك - كما قال - نقص، ربما، في الاتصال والإعلام لبناء وتنمية روح المبادرة نحو التكوين الذي يمثل قيمة للمجهود الذهني والفكري والعلمي الذي يقود الشاب الطموح إلى رفع التحدي وعدم الركون إلى الإحباط. وجدد أهمية دور الأسرة في إنجاز الوثبة بتحفيز أبنائها على التوجه إلى مراكز ومعاهد التكوين المتخصص، والتخلي عن ذهنية ربط النجاح بالحصول على البكالوريا مثلا، إنما المرحلة اليوم للمهن والحرف التي تتقاطع مع احتياجات فورية في عالم الاقتصاد والتشغيل، كما هو الحال في مهن إصلاح العتاد الطبي مثلا.
وسجل الوزير نورالدين بدوي، مدى الحجم الذي بذلته الدولة تجاه قطاع التكوين، لكن يبقى العمل لتحريك الوعي بضرورة الارتقاء بالتكوين العالي والتركيز فيه على قطاعات تستوعب طاقات كبيرة من الشباب وتراهن عليها الجزائر خاصة في الظرف الراهن، مثل الفلاحة والسياحة والبناء.
وبنبرة التزام الشفافية، أبدى حرصا على الحديث بلغة الحقيقة والواقعية للتأكيد على إمكانية الرفع من وتيرة امتصاص البطالة، شريطة إيلاء الأهمية القصوى للموارد البشرية وتجاوز ذهنية التكوين من أجله فقط، إنما الارتباط مباشرة بالطلب القائم في عالم الشغل من خلال الرهان على التخصصات العملية والمرتبطة بالورشات والتي بقليل من الجهد والبذل يمكن للشباب تحقيق فرص النجاح التي يتطلعون إليها.