جهــود الجزائـر منصبّـة علــى عـلاج الاختــــلالات
الجـدل حــول “الغـــاز الصخـري” يحسـم بالنقاش العلـمي
اعتبر بيار ترزيان، خبير ومستشار في اقتصاد المحروقات، أن الجزائر قادرة، من خلال موقعها في منظمة “الأوبيك”، أن تلعب دورا مؤثرا من خلال اتصالاتها الحثيثة ومحاولاتها إرساء تحالفات قوية تخدم مصالح أعضاء المنظمة بالدرجة الأولى لضمان حصص عادلة في السوق عن طريق فرض توازن الأسعار.وأكد الخبير، ضرورة أن يخضع الغاز الصخري للنقاش العلمي كي يحسم في استغلاله وفقا للمعايير ذات الصلة بحماية البيئة والتحكم في التكنولوجيا الحديثة، من خلال التحضير لهذه المعركة مسبقا بشكل جيّد، محذرا من تراجع الاستثمارات في مجال المحروقات.
استعرض الخبير بيار ترزيان، مستشار في اقتصاد المحروقات، خلال ندوة نقاش نظمت، أمس، بمقر سوناطراك حول تداعيات أزمة تراجع أسعار البترول في السوق البترولية بشكل مفصل، معلنا العوامل والدول المتسببة في ذلك.
وعاد الخبير إلى ثلاث أزمات هزت السوق النفطية خلال مراحل متعاقبة، الأولى العام 1976 وما حدث من تداعيات اجتماع ستوكهولم العام 1977، في حين الأزمة الثانية طفت العام 1986 حيث انهار سعر برميل البترول إلى أدنى مستوياته عندما انخفض إلى 10 دولارات.
وظهرت بوادر الأزمة الثالثة لتدني أسعار النفط منذ شهر جوان الفارط، وبشكل أكبر شهر سبتمبر، واشتدت في شهر أكتوبر “عندما لم يخف أحد أهم المصدرين للنفط عن رفع سقف إنتاجه، شهر نوفمبر الماضي، وحمّله جزءاً من المسؤولية في تدهور السوق”، على حد تعبير الخبير ترزيان.
ويرى الخبير في نفس المقام، أن هناك عوامل أخرى صعّدت وسرّعت من انهيار الأسعار في السوق النفطية، على غرار العوامل السياسية، كون قوى دولية نافذة يخدمها انخفاض أسعار النفط. علما أن الولايات المتحدة الأمريكية قلّصت 25 من المائة من استيرادها للنفط خلال العام 2014.
وامتنع الخبير عن تقديم توقّعات لمستويات أسعار السوق النفطية على المدى المتوسط، أي في 2016، لكنه في معرض حديثه قال إنه يرتقب أن تعرف الأسعار انتعاشا طفيفا في السداسي الأخير من السنة الجارية.
وبخصوص استغلال الغاز الصخري، أعلن الخبير تريزيان بشكل صريح، أنه لا يمكن الاعتماد على آراء تطلق من هنا وهناك حول رفض أو قبول خيار استغلال الغاز الصخري، إنما الحسم في استغلال هذه الثروة يجب أن يخضع للنقاش العلمي، متوقعا أن لا يختلف النقاش الذي يجري في الجزائر عن نظيره المفتوح في الدول التي شرعت وتستعد لاستغلال هذه الطاقة غير التقليدية.
وبرأيه، لا وجود لمرحلة ما بعد البترول، كما يتداول، وإنما من المنتظر أن يستبدل بالطاقة غير تقليدية على غرار “الشيست” الذي تتصدر الولايات المتحدة الإنتاج عالميا وتتوافر على الهياكل القاعدية ومنفتحة بشكل كبير على الأبحاث المتطورة، بينما الاحتياطي في هذه الثروة، تتصدره كل من روسيا والصين، مشيرا إلى أن للجزائر بدورها احتياطي هام.
وحول ا لاستثمار في المجال النفطي، قال الخبير إنه تراجع بنسبة تتراوح ما بين 15 و20 من المائة. وعلى ضوء تقديراته، فإن أي تراجع بـ20 من المائة من نشاطات المؤسسات البترولية يتمخض عنه تسجيل خسارة تناهز 160 مليار دولار، محذرا من تواصل تراجع الاستثمار في مجال الطاقة الذي من شأنه أن يسفر عن عواقب وخيمة على عديد الأصعدة.
وحاول الخبير تقديم قراءة دقيقة للمؤشرات التي تزامنت مع بداية تراجع أسعار النفط، مشيرا إلى أن مستويات تذبذب الأسعار خلال سبتمبر الماضي عكست بشكل فعلي التراجع المحسوس. علما أن الأسعار المسجلة خلال الأسبوع الفارط استقرت في حدود 60 دولارا للبرميل.
ما تجدر الإشارة إليه، فإن المستشار في مجال المحروقات بيار ترزيان يشغل منصب رئيس مدير عام مجلة “Petrostrategies” التي تقدم عبر صفحاتها دراسات اقتصادية حول صناعة المحروقات، وتركز على نظام الاستغلال والإنتاج في إفريقيا على وجه الخصوص.