الغرب مطالب بواقعية أكثر في مكافحة الإرهاب؟

حكيم بوغرارة

إن متابعة انتشار المد الإرهابي في العالم يؤكد وجود عديد التناقضات في مواقف وتصريحات وخطوات الغرب. فمنذ هجمات ١١ سبتمبر٢٠١١ على الولايات المتحدة الأمريكية، تشكل حلف دولي لمجابهة هذه الآفة التي باتت تهدد الجميع، بالنظر لعدم وجود نية صادقة أو إرادة ميدانية للقضاء على الإرهاب، بل تفطنت مخابر الاستخبارات الغربية لهذا العامل لتحقيق مصالحها وتدمير كل الدول التي تعاديها إيديولوجيا وديناً باستغلال تلك الجماعات الدموية.
لقد تبين بعد هجمات 2001 تطور صفقات بيع الأسلحة من كل الدول الغربية، حيث باتت هذه الصناعة تتقدم أمام صادرات الدول الغربية التي وجدت في دول المشرق العربي وشمال إفريقيا أحسن الزبائن باستغلال الكثير من العوامل لنهب أموالها وتحويلها من التنمية إلى التسلح وهو ما يؤكد وجود استراتيجية غير معلنة هدفها زرع الخوف والرعب في الدول العربية والإسلامية والإفريقية لتسويق أكبر قدر ممكن من السلاح الذي يدرّ عليها أموالا طائلة.
واستثمر الغرب في الطبيعة الهشة لمجتمعات دول الجنوب من خلال إثارة النعرات القبلية والدينية وجعلها تتآكل فيما بينها وتصبّ الزيت على المشاكل وبؤر التوتر من خلال وسائل إعلامها لشحن النفوس وتأجيج الحقد والكراهية، حتى باتت المجتمعات العربية منقسمة على نفسها.
ويظهر أن الاستخبارات الغربية قد وجدت في الاختلاف بين الشيعة والسنة، وجها آخر من أوجه الاختلافات المذهبية وخلقت حربا نفسية انتهت بزيادة صفقات التسلح والترويج للمد الشيعي في البحرين واليمن ولبنان وسوريا، كما وجدت في تنظيم ما يسمى «داعش» مطية للحديث عن حرب الأديان ومحاولة جر أوروبا إلى ساحة المعركة بفعل ما حدث في باريس وكوبنهاغن، لأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل باتتا قلقتين من أوروبا، خاصة في تقوية علاقاتها مع دول الخليج، وافتكاكها للكثير من الصفقات العملاقة التي أحرجت الولايات المتحدة الأمريكية التي استنجدت بالأمم المتحدة لمنحها الضوء الأخضر لمحاربة «داعش» والعودة للخليج بقوة.
وما يثير الاستغراب في مكافحة الإرهاب، هو عجز القارة الأوروبية عن وقف تصدير الجهاديين، كما سموهم، للشرق الوسط وكأنهم يتحدثون عن أشباح، في الوقت الذي يمر فيه هؤلاء الشباب في توجههم للجهاد عبر كبرى المطارات الأوروبية ووجهتهم واضحة وهي تركيا، وبعد ذلك يقولون إنهم اكتشفوا أن شباب أوروبا ذهبوا لسوريا. فأين هي استخباراتهم، أم أن الأمر يتعلق بالشباب المسلم فقط الذين يتركونهم وشأنهم ثم يستعملون الملفات في الوقت المناسب لتبرير الحرب على الإرهاب وربطها بالإسلام والمسلمين؟
إن نجاح مكافحة الإرهاب يتمثل في وضع سياسة تنموية لدول الجنوب وتحويل الأموال المنهوبة من الغرب، بفضل صفقات التسلح وبعدها سينتهي كل شيء، لكن استغباء الشعوب سيبقى هو وقود تحريك العلاقات الدولية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024