مؤسّسات التعليم العالي تستعد لاستقبال أكثر من مليوني طالب

دخول جامعي سلـس ومُنظّم.. آخـر الترتيبـات

سارة بوسنة

 إدماج مسارات تكوين جديدة مرتبطة بالتطورات الاقتصادية

 تتهيأ الجامعة الجزائرية لاستقبال أكثر من مليوني طالب مع انطلاق الموسم الجامعي 2025 – 2026، وسط حزمة إجراءات تنظيمية وبيداغوجية واجتماعية أعلنتها وزارة التعليم العالي لضمان دخول سلس ومنظّم، في إطار إصلاحات هيكلية تشمل التكوين والبحث العلمي والخدمات الجامعية والرّقمنة، بما يمنح المنظومة دفعة جديدة نحو التحديث والجودة.

  أكّدت الوزارة جاهزية أكثر من مئة مؤسّسة جامعية ومركز جامعي ومدرسة عليا، عبر التراب الوطني لاستقبال الطلبة، بعد استكمال الأشغال الخاصة بصيانة الهياكل وتوفير الوسائل البيداغوجية. كما تمّ التركيز على توفير فضاءات إضافية للدراسة، قصد تفادي الضغط والاكتظاظ الذي كان يسجّل في بعض الكليات، خصوصًا تلك التي تعرف إقبالا واسعًا مثل العلوم الاقتصادية والحقوق والعلوم الإنسانية.
ذكرت مصالح الوزارة أنّ هذه الترتيبات جاءت ثمرة عمل تنسيقي بين مختلف الجامعات والدواوين الوطنية للخدمات الجامعية، لضمان تكامل الجهود في الجانبين البيداغوجي والاجتماعي.
في السياق، أعلنت الوزارة عن إدماج مسارات تكوين جديدة مرتبطة بالتطورات الاقتصادية الراهنة، على غرار تخصّصات الذكاء الاصطناعي، الطاقات المتجدّدة، التكنولوجيا الحيوية، وأمن المعلومات.
تعتبر هذه الخطوة استجابة فعلية لتوصيات اللقاءات الوطنية حول إصلاح التعليم العالي، التي شدّدت على ضرورة جعل الجامعة فضاءً لإنتاج المعرفة المرتبطة بحاجات المجتمع وسوق العمل. كما أكّدت السلطات أنّ فتح هذه المسارات الجديدة تمّ بالتشاور مع قطاعات وزارية أخرى، ومع الشركاء الاقتصاديّين من أجل ضمان انسجام بين التكوين الجامعي ومتطلّبات التنمية الوطنية.

برامج دعم للمخابر ومراكز البحث

 من جهة أخرى، حرصت الوصاية على إعطاء أهمية قصوى لملف البحث العلمي، حيث تمّ الإعلان عن فتح برامج دعم جديدة لفائدة المخابر ومراكز البحث الجامعية، إلى جانب تخصيص اعتمادات مالية إضافية لتشجيع المشاريع البحثية المبتكرة. كما تمّ الاتفاق على تعزيز آليات الشراكة بين الجامعة والمؤسّسات الاقتصادية، بما يتيح للطلبة والباحثين فرصًا أكبر لتجسيد بحوثهم في شكل مشاريع تطبيقية تساهم في تنويع الاقتصاد الوطني.
أما في الشقّ الاجتماعي والخدماتي، فقد أكّدت وزارة التعليم العالي على تسخير كافة الإمكانات لضمان ظروف ملائمة للطلبة، إذ تمّ استلام وإعادة تهيئة عدد معتبر من الإقامات الجامعية في مختلف الولايات.
وحرصت الوزارة على أن تكون هذه الإقامات مجهّزة بكل الضروريات الأساسية، بدءًا من غرف الإيواء المهيأة، مرورًا بالمطاعم الجامعية، وصولًا إلى قاعات المطالعة والفضاءات الرياضية والثقافية. كما أشارت إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطاعم الجامعية وتحسين نوعية الوجبات المقدمة، في إطار مسعى دائم لتحسين الحياة الطلابية وجعلها أكثر ملاءمة للتحصيل العلمي.
وفيما يخص مجال النقل الجامعي، تمّ الإعلان عن دعمه بحافلات جديدة، إضافة إلى فتح خطوط نقل إضافية لفائدة الطلبة المقيمين في الضواحي والمناطق البعيدة. وتهدف هذه الإجراءات إلى وضع حدّ للازدحام الذي كان يعاني منه الطلبة خلال السنوات الماضية، وضمان تنقلهم في ظروف مريحة وآمنة.

فتح مناصب مالية جديدة

 فيما يخص التأطير البيداغوجي، أعلنت الوزارة عن فتح مناصب مالية جديدة لتوظيف أساتذة مساعدين وباحثين، وذلك قصد الاستجابة للطلب المتزايد على التأطير الأكاديمي. كما تمّ التأكيد على مواصلة العمل ببرامج تكوين الأساتذة، وتعزيز مهاراتهم في مجالات التعليم الرّقمي واستعمال الوسائط التكنولوجية الحديثة. وقد شدّدت الوصاية على أنّ تحسين مستوى التأطير يعدّ ركيزة أساسية للارتقاء بجودة التعليم الجامعي، وضمان تكوين نوعي للأجيال القادمة.
إلى جانب ذلك، وضعت وزارة التعليم العالي خطة شاملة لتعزيز الرّقمنة، من خلال تعميم استعمال المنصات الإلكترونية في مختلف مراحل المسار الجامعي، بداية من التسجيلات، مرورًا بتسيير شؤون الطالب، ووصولا إلى التدريس والتقييم. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من سياسة أوسع للانتقال الرّقمي، تهدف إلى تقليص البيروقراطية وتسهيل الإجراءات على الطلبة والأساتذة في آن واحد.
أعلنت الوزارة أنّ الدخول الجامعي الجديد سيشهد تفعيلا أوسع لخدمات التعليم عن بعد، خصوصا في المقاييس الأساسية، بما يمنح الطلبة مرونة أكبر في متابعة دروسهم.
كما تطرّقت الوصاية إلى ملف الخدمات الصحية داخل الوسط الجامعي، مؤكّدة أنها عملت على تجهيز العيادات الجامعية بالوسائل الضرورية وتدعيمها بالكوادر الطبية وشبه الطبية، وذلك من أجل ضمان التكفّل الأمثل بالطلبة.
يأتي هذا الإجراء استكمالًا للإصلاحات الاجتماعية التي تستهدف جعل الحياة الجامعية أكثر راحة واستقرارًا، بما يتيح للطالب التركيز على مساره العلمي.
ولم تغفل السلطات أهمية الأنشطة الثقافية والعلمية داخل الوسط الجامعي، حيث تمّ الإعلان عن برمجة رزنامة ثرية من الملتقيات والندوات والأيام الدراسية، إضافة إلى تشجيع النوادي الطلابية على تنظيم مبادرات علمية وثقافية ورياضية. واعتبرت الوزارة أنّ هذه الأنشطة تمثل جزءًا لا يتجزّأ من الحياة الجامعية، وتُسهم في صقل شخصية الطالب وتنمية قدراته الفكرية والاجتماعية.
وبخصوص الجانب المالي، أكّدت الوزارة استمرار الدولة في سياسة دعم المنح الجامعية، حيث سيتمّ صرف المنحة بانتظام مع الدخول الجامعي الجديد، إضافة إلى توفير الإمكانات الخاصة بتمويل الأنشطة والخدمات الطلابية. كما تمّ الإعلان عن رفع ميزانية الخدمات الجامعية، بما يسمح بتغطية كافة الاحتياجات المرتبطة بالإيواء والإطعام والنقل.
من جهة أخرى، شدّدت وزارة التعليم العالي على ضرورة تحسين حكامة المؤسّسات الجامعية وتعزيز استقلاليتها في التسيير، وذلك في إطار الإصلاحات الرامية إلى جعل الجامعة أكثر مرونة وفعالية في إدارة شؤونها. وأوضحت أنّ هذا التوجّه يندرج ضمن المساعي الرامية إلى ترسيخ مبدأ اللامركزية، ومنح هامش أوسع للجامعات لاتخاذ القرارات المناسبة لطبيعة محيطها المحلي والإقليمي.
بالنظر إلى أهمية الدخول الجامعي كموعد وطني سنوي، فقد تمّ تشكيل خلايا متابعة على مستوى الوزارة والجامعات، لمرافقة العملية والتدخّل الفوري لحل أي إشكال قد يطرأ. كما تمّ التأكيد على إشراك مختلف الفاعلين في الوسط الجامعي، من أساتذة وموظفين وتنظيمات طلابية، في إنجاح الدخول الجامعي، باعتباره مسؤولية جماعية تتطلّب تكاتف الجهود

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19874

العدد 19874

السبت 13 سبتمبر 2025
العدد 19872

العدد 19872

الأربعاء 10 سبتمبر 2025
العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025