أكّدت مديرة الصناعة والمعادن وريادة الأعمال والسياحة بالاتحاد الإفريقي، رون عثمان، أمس السبت بالجزائر العاصمة، أنّ تطوير سلاسل القيمة الإقليمية يمثّل ركيزة أساسية لدعم التحول الصناعي في إفريقيا، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
أوضحت عثمان، خلال جلسة بعنوان “فتح الآفاق أمام القدرات الصناعية التحويلية من خلال تطوير سلاسل القيمة في إفريقيا”، المنظمة في إطار منتدى التجارة والاستثمار على هامش الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية بقصر المعارض، أنّ ضعف حضور إفريقيا في سلاسل القيمة العالمية يعكس هشاشة سلاسلها الإقليمية. وشدّدت - في هذا السياق - على ضرورة بناء شبكات إقليمية قوية قادرة على استغلال الموارد الطبيعية الكبيرة التي تزخر بها القارّة، بما يساهم في خلق وظائف منتجة ودعم التنويع الاقتصادي. وكشفت المسؤولة أنّ دراسات تشخيصية أُنجزت بالشراكة مع المركز الدولي للتجارة والمفوضية الأوروبية، وبالتشاور مع منظمات إقليمية ودولية، سمحت بتحديد 94 سلسلة قيمة واعدة عبر 24 قطاعا، مع بروز أربع قطاعات ذات أولوية: الإنتاج الصيدلاني، أغذية الأطفال، الملابس القطنية وصناعة السيارات.
كما اعتبرت أنّ تطوير سلاسل القيمة الإقليمية “أولوية قصوى وليست خيارا”، مؤكّدة أنّ منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية (زليكاف)، يجب أن توفّر منتجات مصنوعة بموارد إفريقية، عبر “التزام جماعي” لتحقيق هذا الهدف.
من جانبها، شدّدت المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية (أودا-نيباد)، ناردوس بيكيلي توماس، على ضرورة التركيز على الصناعة التحويلية في إفريقيا، التي لا تتجاوز مساهمتها حاليا 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، في حين تمثل المواد الخام أو نصف المصنّعة نحو 90 بالمائة من صادراتها، ما يجعل اقتصاداتها عرضة لتقلّبات الأسعار العالمية.
أضافت أنّ استغلال العائد الديموغرافي للقارة، يمكن أن يضيف أكثر من 500 مليار دولار سنويا للناتج المحلي الإجمالي الإفريقي بحلول 2030، مبرزة أنّ الوكالة تعمل على تطوير استراتيجية متكاملة ترتكز على التجمّعات الصناعية وممرّات سلاسل القيمة، عبر تجميع الشركات والمصدّرين والخدمات والمهارات في مناطق تعزّز التنافسية، وهو ما أعطى نتائج إيجابية في كينيا وإثيوبيا.
صندوق لدعم المؤسّسات الصغـــــيرة والمتوسّطــة
كما ناقشت الجلسات المخصّصة لمنطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية (زليكاف)، سبل تفعيلها على أرض الواقع، من خلال فتح فرص للتجارة والاستثمار وتطوير المهارات، مع التأكيد على ضرورة تكييف القوانين وإزالة الحواجز أمام المبادلات البينية.
وتمّ التطرّق أيضا إلى دور المؤسّسات المالية الإفريقية متعدّدة الأطراف، في تنفيذ أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، حيث أبرز المشاركون الديناميكية التي تشهدها هذه المؤسّسات، والتي من أبرز نتائجها تنظيم معرض التجارة البينية الإفريقية وتمويل مشاريع حيوية في عدة دول.في هذا الإطار، تمّ التأكيد على أهمية تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة البينية، خاصة بعد انضمام عدة دول، من بينها الجزائر، إلى نظام الدفع والتسوية الإفريقي الموحّد (بابس). وخلال جلسة حول إدماج المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة في الأسواق الإفريقية والدولية، استعرض المدير العام للمؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة بوزارة الصناعة، محمد بن يوسف بن بوعلي، الجهود المبذولة في الجزائر لدعم هذا النسيج الاقتصادي، مبرزا أنّ البلاد وضعت إطارا قانونيا متكاملا لتشجيع المقاولاتية وتطوير المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة.
من جهتها، أكّدت مديرة تنمية الصادرات بالبنك الإفريقي للاستيراد والتصدير (أفريكسيم بنك)، أولورانتي دوهرتي، أنّ سدّ فجوة التمويل الكبيرة التي تعاني منها المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة، يتطلّب شراكات واسعة مع مؤسّسات مالية وهيئات دولية، مشيرة إلى إطلاق البنك برنامجا خاصا لتطوير المؤسّسات المصدّرة، بهدف دمجها في سلاسل القيم الإقليمية والدولية.
كما أعلنت عن العمل على إنشاء صندوق جديد، من المرتقب إطلاقه خلال الثلاثي الأول من سنة 2026، لتوفير تمويلات على شكل رؤوس أموال خاصة لدعم نمو المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة، مع تعبئة تمويل قدره 700 مليون دولار يوجّه جزء كبير منه لهذا النوع من المؤسّسات.