الدولــــة الجزائـريــة تولي رعايـة خاصة لأبنائهـا فـي المهجـر
بتكليف من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أشرف الوزير الأول بالنيابة سيفي غريب، أمس الجمعة، بالمركز الدولي للمؤتمرات، على افتتاح أشغال يوم الجاليات الإفريقية، المنظم في إطار الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية الذي تستضيفه الجزائر من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري.
دعا الوزير الأول بالنيابة، خلال إشرافه على افتتاح «يوم الجاليات الإفريقية»، ضمن الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، إلى ضرورة تعبئة طاقات الجاليات الإفريقية المتماسكة والمتضامنة في مختلف أنحاء العالم، والاستفادة من كفاءاتها وخبراتها، بما يرسخ تنمية مندمجة ومتكاملة للقارة السمراء. وأكد أن الجاليات الإفريقية تشكل قوة اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية أساسية ومهمة يمكن التعويل عليها في تنمية ورفاهية القارة.
وقال الوزير سيفي غريب، إن رئيس الجمهورية يولي أهمية خاصة لهذا اللقاء المعني بالجاليات الإفريقية بالخارج، بوصفه محطة بارزة في مسار تعزيز روابط الجاليات الإفريقية وذوي الأصول الإفريقية بالقارة الأم.
وثمّن سيفي غريب المشاركة الواسعة لأبناء الجاليات الإفريقية في المهجر وذوي الأصول الإفريقية في هذا اللقاء التاريخي، بعد أن لبوا الدعوة وحضروا من مختلف أرجاء العالم لتأكيد التزامهم وانخراطهم في تجسيد المبادرات القارية التي يُنتظر أن يكون لها أثر بالغ في تحقيق طموحات وتطلعات شعوب أقدم قارة في العالم.
الحفاظ على روابط الأجيال
كما وصف الوزير الأول بالنيابة، مشاركة الجاليات الإفريقية في المهجر بالفاعلة والقوية، مشيرًا إلى أنها أضفت على هذا اللقاء قيمة مضافة، إلى جانب ضمانها لعوامل النجاح التي جرى توفيرها منذ إدراج هذه الفعالية في البرنامج العام لمعرض التجارة البينية الإفريقية.
واعتبر اللقاء فرصة تاريخية هامة لاستعادة التواصل الروحي والعاطفي بين الجاليات الإفريقية في المهجر وذوي الأصول الإفريقية مع قارتهم الأم، فضلاً عن كونه فضاءً مناسبًا للتأكيد على الأهمية البالغة لمساهمة هذه الجاليات في تنمية القارة وأداء دورها في الحفاظ على روابط وثيقة وقوية بين مختلف الأجيال.
وأشار الوزير الأول بالنيابة سيفي غريب، إلى تجربة الجزائر مع جاليتها بالخارج، مبرزًا أن الجزائر تولي مكانة خاصة لجاليتها الوطنية في المهجر، وقد كُرّس ذلك دستوريًا بوصفها «جزءًا لا يتجزأ من الأمة»، وهي الفئة التي مافتئ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يضعها في صلب اهتماماته ويوليها عناية بالغة. ولم يُخف أن هذا الرابط المتين تعزز عبر محطات تاريخية مفصلية شهدتها الجزائر، وأفضى إلى ترسيخ هذه الوحدة المقدسة بين الجالية في ديار المهجر ووطنها.
كما تحدث عن حرص السلطات العليا في الدولة على تعزيز هذه الرابطة الوثيقة والحاملة في الوقت الراهن لدلالات عميقة، لاسيما مع اقتراب إحياء الذكرى الرابعة والستين لليوم الوطني للهجرة، المصادف للسابع عشر من أكتوبر من كل عام.
وأوضح بخصوص المعرض، أنه موعد محوري يخلّد محطة بارزة من تاريخ ثورتنا التحريرية المجيدة، ويستذكر الدور الهام الذي اضطلع به المهاجرون الجزائريون في تلك الملحمة المظفرة والملهمة لمسار تصفية الاستعمار في إفريقيا.
كما توقف الوزير الأول بالنيابة عند هذه المحطة التاريخية، مبرزًا أنها تجسد تضحيات المهاجرين من أجل الاستقلال، وتتيح استحضار الدور التاريخي للجاليات الإفريقية في مقاومة الاستعمار والنضال ضد التمييز والفصل العنصري، وكذلك الكفاح للتحرر من جميع أشكال الاضطهاد العرقي والاستعباد والنفي القسري.
واستذكر الوزير الأول بالنيابة، المنفيين الجزائريين إلى أماكن بعيدة وأحفادهم، مشيرًا إلى أنه جرى التواصل مع بعض الشخصيات البارزة منهم من أجل المشاركة في هذه الفعالية الإفريقية الكبرى، بهدف إحياء روح أجدادنا المنفيين الذين ضحوا بالغالي والنفيس بعيدًا عن وطنهم الأم.
وذكّر كذلك بقرار رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، سنة 2021، والقاضي بتشييد جدارية في الجزائر تخليدًا لذكراهم واعترافًا بتضحياتهم، تعبيرًا عن التزام السلطات العليا في البلاد بالحفاظ على هذه الذاكرة والوقوف إلى جانب أبناء الجزائر في أي مكان.
تعزيز دور الجاليات
وعاد الوزير الأول بالنيابة إلى الحديث عن التزام الجاليات الإفريقية في الماضي بالمساهمة في مسيرة النضال من أجل تحرير القارة السمراء، مؤكدًا أن نفس المسعى يتواصل اليوم بأشكال جديدة، استنادًا إلى خبراتها وكفاءاتها ومواردها المتعددة، بما يعزز الرابط الوثيق الجامع بين أبناء إفريقيا في بلدان المهجر وقارتهم الأم، في إطار تجسيد روح التضامن والوحدة الإفريقية.
وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي جعل إشراك الجاليات الإفريقية أولوية إستراتيجية في مختلف سياساته التنموية، وهو ما تجسد في «أجندة 2063»، التي تطمح إلى بناء إفريقيا مزدهرة، قائمة على نمو شامل وتنمية مستدامة، مستندة إلى إمكانات جميع شعوبها.
وتطرق الوزير الأول بالنيابة إلى الجهود المبذولة لربط الجاليات بقارتها من خلال تنظيم قمة عالمية للجاليات الإفريقية سنة 2012، واعتماد الجاليات الإفريقية كـ «المنطقة السادسة» للاتحاد الإفريقي. وأكد أن الجزائر عضو في اللجنة العليا المكلفة بتنفيذ «عقد الجذور والجاليات الإفريقية» للفترة الممتدة من 2021 إلى 2031، مشددًا على أن الجزائر على مستوى القارة تدعم الجاليات، وهي على أتم الاستعداد للمساهمة الفاعلة في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المشتركة المتعلقة بها.
ويرتقب بحث سبل مساهمة الجاليات الإفريقية وذوي الأصول الإفريقية في الترويج للقارة في الخارج، والعمل على إحداث تغيير عميق في السردية المتعلقة بها. وينتظر أن يُتوَّج اللقاء بمقترحات عملية مبتكرة حول أفضل السبل لتعزيز دور ومساهمة الجاليات الإفريقية في تنمية القارة ونهضتها.
250 جزائريًا مقيما بالخارج يشاركون
للإشارة، شارك 250 جزائريًا مقيمًا بالخارج، قدموا من القارات الخمس للمشاركة في ثاني أكبر حدث منظم على مستوى القارة الإفريقية، والذي يضم الجاليات الإفريقية بعد الطبعة التي جرت في القاهرة سنة 2023.
وتوافقت مواصفات أفراد الجالية الوطنية بالخارج المشاركين في هذا الحدث مع الطابع الاقتصادي للنشاط، وتميز «يوم المجتمعات الإفريقية العالمية» بمشاركة رسمية رفيعة المستوى بحضور رؤساء دول وحكومات إفريقية، وكذلك الحضور القوي للجاليات الإفريقية بأزيد من 700 مسجل في هذا الحدث.
وكان من بين الحضور بعض أحفاد الجزائريين المنفيين خلال الحقبة الاستعمارية إلى مناطق بعيدة، وجاءت مشاركتهم في إطار جلسة نقاش موسومة بـ»رواية تصفية الاستعمار: صوت إفريقيا في الخطاب العالمي»، من تقديم كريم زريبي، العضو المؤسس للمجلس العالمي للجالية الجزائرية.
أما اختيار هذا الموضوع، فيندرج ضمن موضوع سنة 2025 للاتحاد الإفريقي «العدالة للأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات»، وهو الموضوع الذي اقترحته الجزائر. كما أن مشاركة أحفاد الجزائريين المنفيين خلال الاستعمار الفرنسي، تعكس الاهتمام الذي توليه السلطات لهذه الفئة من الجالية الوطنية بالخارج.
يجدر التذكير في هذا السياق، بأن تنظيم يوم المجتمعات الإفريقية العالمية يعكس «الاهتمام الذي توليه الجزائر لجاليتها الوطنية بالخارج»، ويتعلق الأمر على الصعيد الإفريقي بالاهتمام الذي تحظى به هذه الفئة من المجتمع الجزائري من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي جعل من مسألة الجالية الوطنية بالخارج وتعزيز مشاركتها في التجديد الوطني من بين التزاماته الأساسية.
وعليه، فإن الجهود التي تبذلها الجزائر على مستوى الاتحاد الإفريقي، بصفتها بلدًا عضوًا في اللجنة رفيعة المستوى المكلفة بـ»عقد الجذور الإفريقية والمهجر الإفريقي 2021-2031»، تشكل امتدادًا طبيعيًا للمساعي المبذولة على المستوى الوطني لصالح الجالية الوطنية بالخارج، خاصة من أجل تعزيز مشاركتها في التنمية الاقتصادية للبلاد.