تواصل مختلف الأسلاك والأجهزة الأمنية، شنّ حرب دون هوادة ضدّ المجرمين المتورّطين في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية، معزّزة بالنص الجديد للقانون المتعلّق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والإتجار غير المشروعين بهما، والمتضمن أحكام مشدّدة تصل إلى عقوبة الإعدام.
رغم الكميات الكبيرة التي يتمّ تهريبها إلى داخل حدود البلد بطرق ملتوية، إلا أنّ الأجهزة الأمنية المختصة، نجحت في ضبط وإحباط كافة المحاولات الرامية لإغراق الجزائر بشتى أنواع المخدرات والسموم.
آخر العمليات النوعية، نفذتها المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية ورقلة، بحر الأسبوع المنقضي، حيث نجحت في تفكيك الهيكل الإجرامي لشبكتين منظمتين مع ضبط 233 ألف كبسولة من المؤثرات العقلية “بريغابالين” و 1 كيلوغرام و570 غرام من الكوكايين وتوقيف 5 أشخاص.
وتفكيك الهيكل الإجرامي، يعني التحييد النهائي لنشاط الشبكتين، بعد إلقاء القبض على الأشخاص المشكلين لهرمها القيادي، إلى جانب ضبط كميات معتبرة من السموم والمؤثرات العقلية، الموجهة لاستهداف فئة الشباب التي تمثل العمود الفقري للمجتمع.
وباستمرار يقوم الجيش الوطني الشعبي، والدرك الوطني والشرطة ومصالح الأمن، بضبط شحنات ضخمة تفوق المليون كبسولة من الأقراص المهلوسة وعشرات الأطنان من المخدرات (القنب الهندي والكوكايين)، عمل أصحابها على إدخالها إلى أرض الوطن، عبر الحدود البرية والبحرية.
وحتى وإن كانت الحدود الغربية، تمثل أكبر طرق التهريب باتجاه الجزائر، دخلت الحدود الشرقية وتحديدا الجنوبية والشرقية على الخط، واختصت في الأقراص المهلوسة تحديدا من نوع “اكستازي” و«بريغابالين”، كما سعت بعض الشبكات التي ينشط رؤوسها من الخارج إلى إدخال شحنات ضخمة عن طريق البحر وعبر ميناء مرسيليا.
إرسال شحنات بشكل متواتر وبكميات معتبرة ومن الجهات الأربع للبلاد، يؤكّد بما لا يدع مجالا للشك، أنّ الأمر يتجاوز النشاط الإجرامي الهادف إلى الإثراء غير المشروع بواسطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ويرتبط بمشروع تخريبي متوسّط وبعيد المدى، يستهدف الفرد الجزائري وبالأخص فئة الشباب، حجر الزاوية والطاقة الحية للأمة.
ووعيا بتفاصيل هذا المخطط التخريبي، وانطلاقا من يقظة دائمة، استطاعت العين الجزائرية الساهرة، الوصول إلى معظم الشبكات الإجرامية ووضع اليد على السموم التي تتجاوز حدود البلاد، مبينة مستوى عاليا من العمل الاستباقي القائم على تحصيل المعلومات واستغلالها والقبض على المتورّطين.
أسلحــة قانونيــة
تفكيك الهيكل التنظيمي للشبكتين الإجراميتين، بحر هذا الأسبوع، تزامن هذه المرة مع دخول القانون المعدل والمتمّم للقانون المتعلّق بالوقاية من المخدرات والمؤثّرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بهما.
هذا النص الذي دخل حيّز التنفيذ في 13 جويلية الماضي بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه عليه، جاء بأحكام مشدّدة للغاية، وينطلق من رؤية جديدة تضع حماية الأمن القومي الجزائري، على رأس الأهداف والغايات المتوخاة منه.
وربط المخدرات والمؤثرات العقلية، بالأمن القومي ثمّ الصحة العامة، يعتبر تكيفا حيويا مع السلوكات التي طرأت على هذه الآفة التي باتت مرتبطة بأجندات خارجية تنشط من خلف الحدود ومن وراء البحار وتشتغل على مشاريع تخريبية.
وانطلاقا من هذا الواقع الجديد، نصّت أحكام القانون، على رفع العقوبات على المتورّطين لتصل إلى الإعدام، إلى جانب الأحكام الأخرى التي تتراوح بين 20 و30 سنة والحبس المؤبد.
ووفرت هذه الأحكام، جوانب ردعية صارمة لحماية المؤسّسات الصحية والتربوية والاجتماعية من هذه الآفة الخطيرة، مع ضمان تطويق انتشارها بمراعاة الأدوار التحسيسية لمختلف الفاعلية.
ومن بين أبرز المواد التي جاء بها القانون المادة 34 مكرّر 1، والتي نصت على أنه “يمكّن النيابة العامة في الجرائم الخطيرة أو المتلبس بها المنصوص عليها في هذا القانون، نشر صور و/أو عناصر أخرى من هوية المشتبه فيهم ارتكابها، إذا كان ذلك ضروريا للحفاظ على الأمن والنظام العموميّين، ومنع تكرار الجريمة أو للقبض على المشتبه فيهم”.
وهو الأمر الذي شرع القضاء في تنفيذه، حيث أعلن بيان لوكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد عن هوية شخصين، تمّ ضبطهما في حالة تلبّس في قضية تتعلّق بجماعة إجرامية منظمة عبر وطنية متكونة من ثمانية أشخاص”.
وقال البيان إنّ الأمر يتعلّق “بالمدعو عطاف الهادي عمر 51 سنة والمدعو نقازي رابح عمر 34 سنة بحيازتهما كمية معتبرة من المؤثرات العقلية من نوع “اكستازي” تقدر بـ 143.9 كلغ أي ما يعادل 233.466 قرص وكمية 458 غرام من مخدر الكوكايين”.
وإلى جانب العقوبات المشدّدة، شرعت العدالة رسميا في كشف هوية وصور الأشخاص المتورّطين في الجرائم الخطيرة المرتبطة بالمخدرات، وسبق لوزير العدل حافظ الأختام أن أكّد بخصوص هذا الحكم “أنّ الشخص الذي لا يخشى ولا يستحي عندما يعمل على تسميم المجتمع بالمخدرات والمؤثرات، لا ينبغي التردّد في فضح هويته كاملة أمام الرأي العام الوطني”.