نحو إنشاء بنك خاص لدعم تمويل مشاريع البلديات وتعزيــــز الشراكــــات
للتنمية دور مهم في بناء اقتصاد قوّي من خلال التركيز على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة والسياحة، واستغلال الموارد المتوّفرة لإنشاء مشاريع تساهم في توليد الثروة وتوفير فرص العمل، ويساهم دعم هذه المبادرات في بناء اقتصاد متطوّر يعود بالنفع على المجتمع المحلي وعلى الوطن.
قال البروفيسور محمد حيمران في تصريح لـ«الشعب”، إن التقييم الاقتصادي يعتمد عادة على مؤشرات مثل الناتج الداخلي الخام والتضخم، ولكن في الوقت الحالي يجب تبّني نهج جديد يرتكز على تنويع الاقتصاد وتطوير مختلف القطاعات، لذلك أصبحت التنمية المحلية جزءا مهما في استراتيجية التنمية المستدامة.
وأوضح محدثنا أنه رغم الجهود المبذولة، لا تزال مساهمة الصناعة المحلية والجماعات الإقليمية في دعم التنمية على المستوى المحلي محدودة، ما تسبب في ضعف الاستثمارات المحلية الموجهة نحو خلق الثروة، خاصة وأن 80 بالمائة من بلديات الوطن تعاني من عجز مالي، وأن نحو 60 بالمائة منها يغلب عليها الطابع الزراعي ومع ذلك، لا ينبغي أن ينظر إلى هذا الواقع كعائق، بل فرصة حقيقية لتعزيز التنمية الفلاحية، دعم المنتجات الزراعية، والعمل على تطوير صناعات تحويلية قادرة على خلق الثروة وتوفير مناصب شغل جديدة.
وأكد الخبير أن قطاع الزراعة يظل شريان الحياة للاقتصاد الوطني، ومحركا أساسيا لديناميكية التنمية، مما يحتم علينا الاستثمار فيه، إلى جانب الدفع بالتنمية المحلية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة، مشيرا إلى الحاجة لتعزيز الجهود في مجال التنمية السياحية عبر مختلف الأقاليم والمدن، خاصة وان بلادنا تزخر بالعديد من المناطق الطبيعية الخلابة، غير المستغلة بالشكل المطلوب.
وأضاف أن الحديث عن التنمية المحلية يشمل العديد من المجالات والأطر، مع توفر آليات متنوّعة لدعمها، وفي هذا السياق، نترقّب نشر والمصادقة على قانون البلديات الجديد، الذي من شأنه أن يفتح آفاقا واسعة لتحقيق التنمية، عبر منح فرص أكبر وتعزيز صلاحيات التسيير، إضافة إلى رفع التجريم عن أفعال التسيير، وهو ما ننتظره بفارغ الصبر.
علاوة على ذلك، هناك العديد من الشركات التي تترقب التعامل مع رؤساء البلديات والجماعات المحلية، لإبرام شراكات مع القطاع الخاص، ومع شركاء أجانب عبر اتفاقيات توأمة بين البلديات والأقاليم، ومما يبشر بالخير هو الإعلان عن إنشاء بنك خاص بالجماعات المحلية، سيمكن البلديات، حتى تلك التي تعاني من عجز مالي، من الاقتراض لتمويل مشاريعها التنموية، وذلك بموجب القانون الجديد المرتقب.
وأكد الخبير على أهمية أن يتحلى المسؤولون المحليون بعقلية المقاول، من خلال إنشاء المؤسسات والمشاريع بدل الاعتماد الكلي على دعم الدولة، فالحاجة اليوم إلى مسؤولين يصنعون التغيير، يغامرون، ويتصرفون كأنهم مستثمرين ومطوّرين داخل بلدياتهم وولاياتهم، فالمرحلة الحالية تتطلب خلق ديناميكية محلية تبدأ من القاعدة، من البلديات والأقاليم، وذلك عبر استغلال الموارد المحلية، تنشيط الأسواق، وخلق مناصب شغل جديدة، مما سيدفع بالاقتصاد المصغّر نحو دعم الاقتصاد الكلّي.
وأوضح - في السيّاق - يقول: لا يمكن تحقيق تنمية محلية ناجحة إلا من خلال اختيار المنتخبين والمسؤولين بناءً على الكفاءة والقدرة على تحمّل المسؤولية، مع إشراك المجتمع المدني والمواطنين في هذه العملية، فمضاعفة الناتج الداخلي الخام يعتمد بشكل أساسي على بناء تنمية محلية قوّية ومتماسكة، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى تضافر جهود جميع القطاعات الاقتصادية، ووضع برنامج عمل مدروس برؤية واضحة وأهداف دقيقة قابلة للتحقيق، مع الالتزام بتقييم الأداء وتصحيح المسار عند الحاجة.
كما أن تثمين موارد الجماعات المحلية، خصوصا الجباية المحلية، يشكّل ركيزة أساسية لتمويل المشاريع التنموية، خاصّة وأن هناك العديد من الضرائب والرسوم التي لا يتم تحصيلها بالشكل المطلوب، مما يؤدي إلى خسائر مالية معتبرة، خصوصا في مجالات مثل الضرائب العقارية والرسوم البلدية، لذا من الضروري العمل على تطوير أساليب التحصيل، وتوسيع القاعدة الضريبية المحلية للمساهمة في دعم استقلالية البلديات والولايات ماليا.