نجاح السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية.. خبراء لـ «الشعب»:

الجزائر المنتصرة.. حصانة اقتصادية وقرار سيّد

حياة. ك

 ضمان تلبية الاحتياجات الأساسيــة دون اللجوء إلى رهن مقـدرات البــلاد

 إدارة مالية حكيمة واستشرافية تفادت اللجوء للاستـدانـــة الخارجيـة

 مواقف ثابتة تجاه القضايا العادلة على رأسها القضيتان الفلسطينيــة والصحراويـة

 شراكات مع القطاع الخاص واستثمارات أجنبية رابحة.. بديل ذكي للديْن التقليـدي

 التمويل عن طريق الصيرفة الإسلامية وبيع السندات.. حل وطني جاهز

أكد خبراء في الاقتصاد والمالية في تصريحات لـ «الشعب»، على أهمية الإدارة المالية الحكيمة لتفادي الذهاب للاستدانة الخارجية، مبرزين أهمية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية بعدم اللجوء إلى هذه الأخيرة، على أن الجزائر ليست بحاجة إليها في الوقت الحالي، ولأنها ترهن استقلالية القرار السياسي والاقتصادي للجزائر.

جدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من ولاية بشار، التأكيد على دوافع الجزائر في عدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، واعتمادها على إدارة رشيدة للموارد المالية من خلال تدبير الاحتياجات بقاعدة «أولوية الأولويات فالأولويات ثم الكماليات».
هذه الاستراتيجية التي اتبعها منذ توليه مقاليد الحكم، نجحت في ضمان سيادة القرار الوطني، ومكنت استعادة عناصر الشخصية الدولية للجزائر في الخارج كدولة رائدة في المرجعيات النضالية دفاعا عن حرية الشعوب وحقوقها؛ دولة تعبر عن مواقفها بصوت مرتفع في أرقى المنابر الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي.
وبعد التوقعات التشاؤمية لعديد الخبراء بأن الجزائر ستطرق باب صندوق النقد الدولي، تمكن رئيس الجمهورية من إعادة تقويم مسار الدولة وتوجيهه بالشكل الذي جعل البلاد في مقدمة البلدان المدافعة عن القضايا العادلة، وعلى رأسها حقوق الشعب الفلسطيني وحق الشعب الصحراوي. كما عززت سيادتها الاقتصادية وأطلقت نهضة تنموية كبيرة، بشكل جعلها في منأى عن الابتزازات الاقتصادية وعن ليّ الذراع، كما هو الحال مع فرنسا، التي تبحث عن كل الأوراق لإيذاء الجزائر، لكنها عاجزة عن توظيف أية ورقة اقتصادية. وفي السياق، يجمع خبراء في المالية، تحدثت إليهم «الشعب»، على نجاح السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية في إدارة مقدرات الدولة، بالشكل الذي عزز سيادتها وإبعادها عن المديونية الخارجية التي كانت سترهن حاضرها ومستقبلها خلال سنوات ماضية.

خط الدفاع الأول عن السيادة

الخبير في اقتصاد القانون المالي نبيل جمعة، انطلق من التجربة السابقة للجزائر في الاستدانة مع البنوك الدولية في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، وما عانت منه من قيود وضغط، مبرزا أهمية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية الرافض للجوء إلى الاستدانة الخارجية، لما تحمله من تهديد على استقلالية القرار الوطني والاقتصادي. وأكد الخبير جمعة، أن حماية السيادة المالية للجزائر، تمر عبر حسن إدارة الموارد المالية المتوفرة، بما يضمن تلبية الاحتياجات الأساسية دون اللجوء إلى رهن مقدرات البلاد، مستعرضا معالم الإدارة المالية التي تغني عن الاستدانة الخارجية وذلك بترشيد النفقات العمومية، عبر توجيه الأموال إلى المشاريع المنتجة والحيوية، والابتعاد عن الإنفاق الاستهلاكي غير الضروري.
ويمثل تنويع مصادر الدخل الوطني خيارا بالنسبة للخبير جمعة، الذي يعتمد على قطاعات واعدة مثل الزراعة، الصناعة، السياحة والخدمات، وعدم الاتكال على مداخيل المحروقات فقط، وكذا تحسين الجباية العمومية، عبر توسيع الوعاء الضريبي، مكافحة التهرب الضريبي وتحصيل الضرائب بفعالية وعدالة، بالإضافة إلى تعزيز حوكمة المال العام من خلال آليات رقابية صارمة وتقييم مستمر للأداء المالي ودعم صندوق الضبط والاحتياط، لادخار الفوائض المالية واستعمالها في أوقات الحاجة.
وبالنسبة للمشاريع التي قد تتجاوز قدرات الخزينة العمومية، قال لـ «الشعب»، إنه رغم أهمية الحفاظ على الاستقلالية المالية، إلا أن بعض المشاريع الاستراتيجية الكبرى تتطلب تمويلا من المحتمل أن يفوق أحيانا توازنات الخزينة في الوقت الراهن، ومنها: مشاريع البنى التحتية الضخمة (موانئ، سكك حديدية عابرة للصحراء)، مشاريع الطاقة الكبرى (محطات الطاقة النووية، مشاريع الطاقات المتجددة واسعة النطاق)، مشاريع التحول الرقمي الكامل، وبرامج السكن الاجتماعي الضخمة التي تلبي الطلب المتزايد بسرعة عالية، وكذا إنشاء مدن صناعية جديدة تستدعي استثمارات هائلة، في مثل هذه الحالات، لذلك فهو يرى أنه لابد من اعتماد حلول بديلة مثل الشراكات مع القطاع الخاص أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة دون اللجوء إلى الاستدانة التقليدية. لتحقيق أهداف السيادة المالية، يعتقد جمعة أنه من الضروري الاعتماد على تخطيط مالي دقيق، وذلك بوضع برامج سنوية وخماسية، ترتكز على دراسات جدوى واضحة، ومراقبة صارمة للإنفاق العمومي عن طريق الأجهزة المختصة مثل ديوان المحاسبة وهيئات الرقابة، ومواصلة مكافحة الفساد المالي والإداري، بتكريس مبدإ الشفافية وتشديد العقوبات على المخالفين.
كما يجب الإنفاق حسب الجدوى الاقتصادية -يضيف المتحدث- حيث لا يتم صرف أي مبلغ إلا بناء على دراسات تثبت مردوديته الاجتماعية أو الاقتصادية ويجب كذلك تشجيع الشراكات العمومية- الخاصة (PPP) لإنجاز مشاريع كبرى دون إثقال كاهل الميزانية العمومية، والتدرج في إنجاز المشاريع العملاقة على مراحل تناسب القدرة التمويلية السنوية، بالإضافة الى تأهيل الإطارات الإدارية والمالية، لرفع مستوى الكفاءة وضمان أفضل استغلال للموارد.
ويؤكد الخبير جمعة في السياق، أن الإدارة المالية الرشيدة تشكل خط الدفاع الأول عن القرار الوطني المستقل، ومن خلال سياسات واقعية وحكيمة، يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون الخضوع لضغوط الاستدانة، وبالتالي الحفاظ على سيادة الجزائر ومقدراتها للأجيال القادمة.
أما الخبير في المالية والمحاسبة بوبكر سلامي، يصف الاستدانة الخارجية بالسلاح ذي الحدين، حيث تحمل الإيجابيات والسلبيات، بالنسبة للإيجابيات فهي تتمثل في الاستفادة من الأموال التي ساهمت بها الدولة الجزائرية في رأسمال الصناديق الدولية، على غرار صندوق النقد الدولي «الأفامي» والبنك العالمي والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي والبنك العربي.

الجزائر بعيدة عن الضغط والمساومة

وأوضح الخبير المالي سلامي، في تصريح لـ «الشعب»، أن الجزائر يمكنها الاقتراض من البنوك والصناديق الدولي المذكورة آنفا، في حال الحاجة الملحة لهذه المؤسسات المالية التي أصلا مساهمة فيها، بدون أن تملى عليها شروط ونسب فوائد عالية، على أن يكون تسديدها على الأمدين المتوسط والبعيد، ولا ترهق وتؤثر على استقلالية القرار الجزائري. مضيفا، أن الجزائر بعيدة كل البعد عن ما يمكن أن يفرض عليها الاستدانة.
وأفاد سلامي فيما يخص الاحتياجات الداخلية التي يتم تسديدها بالدينار، قال إنه يتم اللجوء إلى تلبيتها من الخزينة، في حالة الضرورة القصوى لدفع الأجور، ومعاشات التقاعد ومنح البطالة.. كما قد يتم اللجوء إلى تلبية هذه الضروريات الاجتماعية للمواطن إلى البنك المركزي، وذلك من خلال القرض الداخلي الذي لجأت في الماضي إليه الجزائر عدة مرات، عن طريق التمويل ببيع السندات، بنسب تتراوح ما بين 5 و6٪ لمدة 5 سنوات، بالإضافة إلى التمويل التشاركي.
وأشار المتحدث، إلى أن هناك طرقا أخرى للتمويل، بما فيها التمويل عن طريق الصيرفة الإسلامية. مبرزا في هذا الصدد، أن الاستدانة الداخلية تتم من خلال التمويل عن طريق بيع السندات، والتي لا تكون إلا في حالة الضرورة القصوى، يتعلق الأمر بتربية الحاجات الضرورية للمواطنين، وسير المؤسسات الاقتصادية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025
العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025