تستهدف الأنظمة المعلوماتية والمؤسسات الحسّاسة

الهجمات السيبرانيــة.. حربٌ أخرى تخوضها الجزائـر

علي مجالدي

منذ أن أعلنت عن تبني توجها سياديا في التحول السياسي والاقتصادي، باتت الجزائر عرضة لهجمات الكثير من الأطراف التي استخدمت مختلف أساليب الدعاية المغرضة، وافتعال الأزمات والهجمات السيبرانية لإعاقة مسيرتها، خاصة وأنها تستعد لتعميم الرقمنة.

تواصل الجزائر خطواتها العملية والجادة نحو بناء اقتصاد ومجتمع رقميين متكاملين، ضمن المشروع الوطني الذي أطلقه ويقوده رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لتعميم الرقمنة في مختلف القطاعات الاستراتيجية. غير أن هذا المسار الطموح يفرض في المقابل على الجزائر التعامل بجدية مع التحديات الأمنية الجديدة، خاصة تلك المرتبطة بتزايد التهديدات السيبرانية التي تستهدف الأنظمة المعلوماتية والمؤسسات الحساسة في الدولة.
في هذا الإطار، قدم العميد بلغول عبد السلام، المدير العام لوكالة أمن الأنظمة المعلوماتية، خلال ندوة وطنية لتقييم الرقمنة في قطاع التربية الوطنية، صورة دقيقة عن طبيعة المخاطر السيبرانية التي تواجهها الجزائر.
وأوضح العميد، أن الهجمات الإلكترونية أصبحت مدعومة من جهات دولية، ولم تعد تقتصر على أفراد معزولين أو مجموعات هاوية، حيث تهدف هذه الهجمات إلى التأثير في الرأي العام ونشر المعلومات المغلوطة، وأحيانًا تنفيذ عمليات تجسس موجهة ضد مؤسسات حيوية.
علاوة على ذلك، أوضح المسؤول أن توسيع مساحة الرقمنة داخل مؤسسات الدولة يجعلها هدفًا أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية، وهو ما يفرض على الجزائر تحديث آلياتها الدفاعية باستمرار، ومضاعفة الحذر عند التعامل مع الأنظمة المعلوماتية ذات الحساسية الخاصة. في نفس السياق، نبه العميد بلغول إلى أن التهديد لم يعد محصورًا في الهجمات البدائية أو محاولات الهاوين، بل انتقل إلى مرحلة جديدة من «الهجمات السوفيستيكية»، التي تستخدم برمجيات معقدة وتقنيات عالية المستوى، موجهة خصيصًا لضرب المؤسسات السيادية أو الاقتصادية الكبرى.
وسجلت الجزائر مؤخرًا ارتفاعًا في مستوى الهجمات الإلكترونية، حيث باتت تعتمد على برمجيات متطورة وتقنيات دقيقة، ما يحولها إلى عمليات موجهة بعناية نحو أهداف استراتيجية.
في سياق متصل، أشار العميد بلغول، خلال الندوة الرقمية التي نظمتها وزارة التربية الوطنية، قبل يومين، إلى أن التقدم التكنولوجي السريع، خاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، وانتشار شبكات الجيل الخامس، يولد باستمرار ثغرات جديدة تحتاج إلى متابعة دقيقة وإجراءات احترازية فعالة.
وكشفت تقارير دولية عن تقدم الجزائر في مجال الأمن السيبراني، إذ أحرزت مرتبة مشرفة ضمن المؤشر العالمي للأمن السيبراني لعام 2024، بحلولها في المرتبة 94 عالميًا والسابعة إفريقيًا، بحسب تصنيف الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU Cybersecurity Index 2024).
ويعكس هذا التقدم، الجهود التي تبذلها الجزائر لتحديث منظومتها التشريعية، إنشاء أجهزة متخصصة واعتماد سياسات وقائية لمواجهة التهديدات الجديدة.
وفي سياق متصل، تخطط الجزائر لإطلاق مشروع السحابة الوطنية الجزائرية، وهو مشروع يهدف إلى تأمين البيانات العمومية والخاصة ضمن فضاء سيادي محمي بكوادر وطنية، مع تعزيز قدرات التخزين والمعالجة الآمنة للبيانات، مما يمثل نقلة مهمة نحو ضمان الاستقلال الرقمي الوطني.
علاوة على ذلك، تسعى الجزائر إلى بناء ثقافة وطنية للأمن السيبراني، عبر تنظيم حملات تحسيسية وتكوينية في القطاعات الحيوية وإشراك منظمات المجتمع المدني في ذلك، لرفع وعي المستخدمين والمختصين على حد سواء، بأهمية حماية الأنظمة والمعلومات في بيئة رقمية مفتوحة ومعقدة.
وتواجه الجزائر، مثلها مثل سائر الدول التي تخوض تجربة الرقمنة الشاملة، تحديات فعلية تتطلب تكييفا مستمرا للأنظمة الدفاعية، وتحديث التشريعات والبنى التحتية الأمنية. غير أن الرؤية الشاملة التي تم اعتمادها، والتي تجمع بين الرقمنة وحماية الفضاء السيبراني، تضع الجزائر على الطريق الصحيح لبناء بيئة رقمية آمنة تدعم مشروعها التنموي وتحافظ على مصالحها السيادية في عالم يشهد تسارعًا تقنيًا مستمرًا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025
العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025