من الوئام إلى المصالحة

عـودة الاستقـرار، انطـلاق التّنميـة وترقية سمعة الجزائر

جمال أوكيلي

منذ أن انتخب الشّعب الجزائري السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجمهورية في ١٩٩٩، تعهّد بثلاثة التزامات وهي إطفاء نار الفتنة، استعادة الأمن إلى كامل التّراب الوطني
وإعادة الجزائر إلى المحافل الدولية والنهوض بالإقتصاد. وما إن شرع في أداء مهامه، انكبّ على عودة الاستقرار إلى الجزائر من أقصاها إلى أقصاها نظرا لما تمّ تركه من مخلّفات مرحلة التّسعينات من تدهور على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية، أي أنّ الرئيس بوتفليقة وجد وضعا صعبا للغاية، تطلّب الأمر أن يرفع هذه التحديات انطلاقا من قناعاته العميقة بأنّ لا تنمية بدون ظروف أمنية ثابتة. وانطلق في ذلك من خلال الوئام الوطني الذي أتى بنتائج ملموسة عندما نزل حوالي ٦٠٠٠ شخص من الجبال، واسترجاع ١٨ ألف قطعة سلاح آنذاك.
وسار الحال على هذا المنوال، أي التواصل مع كل الفئات التي غرّر بها للعودة إلى أحضان المجتمع، وهذا ما كان مع العديد من هؤلاء للتكفل بانشغالاتهم وفق ما ورد في النص المسيّر لهذا المسعى، الذي وافق عليه الشعب الجزائري بنسبة عالية عندما طلب رأيه فيه.
وكان لابد أن ترتفع جرعة هذه الحيوية، وهذا بطرح المصالحة الوطنية التي صوّت عليها الجزائريون بكل قوة، مؤكّدين تعلّقهم بالسّلم والأمن.
ودعّم ذلك توفّر آلية جاءت في شكل ميثاق حدّد الإطار العام لترقية هذا المبدأ عن طريق إيلاء العناية لكل الحالات التي تطلب الأمر أن تعزّز في النّص الجديد، وفي مقابل الإشادة بتضحيات القوى الحية في البلاد من أجل استتباب الأمن.
وللتّاريخ، فإنّ الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة أشرف شخصيا على الحملة التّحسيسية حول المصالحة الوطنية، صال وجال كل ولايات الوطن دفاعا عن القيم والمبادئ التي جاء بها الميثاق. وفي هذا السياق أبلغ الجميع في التجمعات الشعبية بأنّه لا يمكن استمرار الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد إلى يوم الدّين، يجب أن يتوقّف هذا مهما كلّف من ثمن، كاشفا بأنّ كل هذا التّدمير الذاتي كلّف ٢٠٠ ألف ضحية وأكثر من ٢٠ مليار دولار، إلى أين بعد كل هذا؟
ولم يكتف بذلك بل خاطب الحضور بصراحة لا مثيل لهذا عندما قال: “آتوني بالبديل، فأنا مستعدّ للأخذ به”، وهي إشارة واضحة للمصالحة التي لم يكن هناك ما يعوّضها، بالإضافة إلى الرد على أولئك الذين كانوا يتحدّثون عن “اللاّعقاب” و«العدالة”، وهم على خطأ كونهم يتكلّمون من صالونات العاصمة، احترفوا مهنة السياسة من أجل التّهريح لا أقل ولا أكثر، لهم جمعيات حوّلوها للأسف إلى “سجل تجاري” لكسب المال من قضية إنسانية بحتة، وعليه فإنّ النّجاح الشّعبي للمصالحة الوطنية هو نتاج للاحتضان الجماهيري الواسع لها بعدما سئم النّاس من كل تلك الأهوال قرابة عشرية كاملة من التّخريب لمنشآت الدولة من مؤسسات اقتصادية، ناهيك عن الاغتيالات. إنّها مرحلة في حكم التاريخ والماضي، فالمصالحة خيار شعبي أقوى من كل ما كان يريد أن يفرضه البعض بواسطة خرجاتهم الغريبة آنذاك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024