رئيس المركز الجزائري للدراسات الإقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية ياسين عبيدات لـ “الشّعب”:

مقاربـــــــــــــة الرّئيـــس تبـــون ترسّـــــــخ الرّيادة الاقتصاديــــة للجزائــر المنتصرة

فايزة بلعريبي

 

 إمكانيات هائلة يمكنها تجاوز مداخيل المحروقات بأضعاف 

بلادنا تمضي اليوم بخطى واثقة نحو وثبة اقتصادية ريادية

 تمضي الجزائر اليوم بخطى واثقة نحو وثبة اقتصادية ريادية، بعد إطلاق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون لقاطرة التنمية الإقتصادية، وجعل الإستثمار الكلي والشامل لموارد البلاد الطبيعية بوصلة لمسارها ذو الوجهة العالمية والريادة الإقليمية، مؤكّدا على تحويل المواد الأولية محليّا بهدف الإستغناء التدريجي عن استيرادها. وباستثناء اليورانيوم الذي أكّد عدم استغلاله في الوقت الحالي وتركه للأجيال المقبلة، يعتبر النشاط المنجمي، أهم القطاعات التي افتكت مرتبة الأولويات الاقتصادية ضمن رؤية رئيس الجمهورية.

 أكّد رئيس المركز الجزائري للدراسات الإقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، ياسين عبيدات، أنّ تصريح رئيس الجمهورية خلال لقائه الدوري مع الصّحافة الوطنية حول إعادة بعث القطاع المنجمي ومنع تصدير المواد الأولية، في شكلها الخام، يندرج في إطار سعي الدولة الجزائرية لتطوير الإقتصاد الوطني وتنويعه وتثمين الموارد الإقتصادية المحلية وجعلها قاطرة للتنمية الوطنية، مضيفا إلى أنّ الجزائر تتوفر على إمكانات منجمية هائلة يمكنها تجاوز مداخيل المحروقات بأضعاف، إذا ما تم إستغلالها وفق إستراتيجية إستشرافية وإستثمارية.
وأضاف عبيدات، أنّ وضع المناجم ضمن القطاعات ذات الأولوية سيسمح بمساهمة الثروات المنجمية في جهود تنويع الإقتصاد الوطني ودعم الصناعات الإستخراجية والتحويلية وقطاع الفلاحة. فالملاحظ اليوم يقول المتحدّث أنّ خلق الأقطاب الثلاثة الكبرى سواء بإستغلال الحديد بمنجم غار جبيلات أو الزنك والرصاص بواد أميزور أو مشروع الفوسفاط المدمج ببلاد الهدبة، سيخلق حركية إقتصادية وطنية ويساهم في زيادة الانتاج وترقية الصادرات خارج المحروقات، كما سيساهم في إنعاش الخزينة العمومية من خلال مداخيل إضافية من العملة الصعبة وتوظيف لألاف مناصب الشغل.
وأضاف المتحدّث، أنّ قطاع المناجم يسير ضمن خطة إستثمارية واعدة، وفقا لإستراتيجية حكومية واضحة المعالم، بما يساهم في تطوير القطاع وجعله قاطرة للتنمية الوطنية، وسيتعزّز القطاع أكثر بإصدار قانون جديد للمناجم من المنتظر أن يوفّر بيئة ملائمة لتطوير الصناعة المنجمية من جهة، ويشكل إطار محفّز للقطاع الخاص وللمستثمرين والشركاء الأجانب مع جلب ونقل للتكنولوجيات الحديثة وتكريس للشفافية في منح التراخيص.
رصيد استثماري
 أما فيما يتعلّق بالتوسّع في مجال تكرير البترول، أشار عبيدات، إلى أنّ الجزائر قد حقّقت قفزة نوعية في هذا المجال، من خلال إنشاء مصافي جديدة وصيانة وتطوير المصافي الموجودة، ممّا ساهم في تعزيز قطاع المحروقات وتحسين القدرة على تلبية الإحتياجات الوطنية من المشتقات البترولية، حيث تم تحقيق الإكتفاء الذاتي من مادتي المازوت والبنزين منذ سنة 2021.
من جهة أخرى شدّد ياسين عبيدات على أنّ الصناعات البتروكيماوية، تعتبر أحد المحاور المعتمدة لتحقيق الأمن الطاقوي في الجزائر، التي تعمل اليوم على خلق الثروة وتطوير نسيج صناعي متكامل يغنيها عن إستيراد مشتقات البترول وجعلها فاعلا إقليميا في هذا المجال، وعن رصيد الجزائر من الشركات المتخصّصة في الصناعات البتروكيمياوية، أوضح عبيدات، أنّ “سوناطراك” تمتلك 7 مركبات تحويلية بتروكيماوية على المستوى الوطني، توظف أكثر من 3 آلاف عامل بصفة دائمة، منها مركبين تعود ملكيّتهما للمجمّع بنسبة 100% و5 مركبات أخرى تم إنجازها في إطار الشراكة الأجنبية، حيث سمحت هذه الأخيرة بتثمين حوالي 5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في السنة.
وفي إطار الإستراتيجية المعتمدة على المدى القصير أو المتوسط، لتثمين المحروقات وإرساء نسيج صناعي بتروكيماوي وتخفيض فاتورة استيراد، جسّدت “سوناطراك”، 6 مشاريع لتطوير البتروكيمياء، تم إنجاز 3 منها من خلال الإمكانات الخاصة لـ “سوناطراك” و3 مشاريع منها عبارة عن شركات مختلطة جزائرية - أجنبية، ذكر منها عبيدات كل من مشروع “ميثيل ثلاثي بوتيل الإيثير”، المستخدم كمادة مضافة لتحسين تصنيع البنزين الخالي من الرصاص على مستوى المصافي والإستغناء عن استيرادها، حيث انطلقت الأشغال به مؤخّرا على مستوى المنطقة الصناعية بأرزيو.
في حين يتمثل المشروع الثاني في إنجاز وحدة إنتاج الكيل البنزين الخطي في سكيكدة المستخدم في صناعة المنظفات، بطاقة إنتاجية تقدّر بـ 100 ألف طنّ سنويا، حيث سيسمح بالحدّ من الإستيراد وحتى التوجّه إلى تصدير المدخلات النفطية التي يتم تصنيعها الآن بالجزائر. إضافة إلى مشروع ثلاثي مركب تكسير “النافتا” وغاز البترول المميع بالبخار، بطاقة إنتاجية تقدر بـ 1 مليون طنّ سنويا، مبرمج إنجازه بالمنطقة الصناعية بسكيكدة، ومشروع إنجاز مركب بتروكيميائي لتحويل البروبان إلى بولي بوبيلين في تركيا، في إطار مشروع استثماري خارج الوطن لمجمّع “سوناطراك”، وكذا مشروع “سوناطراك” مع شركة فرنسية لبناء وحدة إنتاج 550 ألف طنّ سنويا من البولي بوبيل في أرزيو، بالإضافة إلى مشروع آخر لإنتاج الميثانول.
استثمار كلي للموارد
 بالإضافة إلى ذلك - يقول عبيدات - تم تخصيص إستثمارات ضخمة لتطوير شعبة البتروكيماويات، لتلبية حاجيات السوق المحلية من المواد الأولية البتروكيماوية، وتمكين قطاع الصناعة من تجسيد المشاريع الإستثمارية الكبرى المدرجة ضمن الإستراتيجية الوطنية القائمة على تنويع الإقتصاد الوطني وتحريره من التبعية للمحروقات أو للأسواق الخارجية، مع وضع خطة لتصدير المنتجات خارج المحروقات، تفوق 10 مليار دولار سنويا.
وبِلغة الأرقام، أشار المتحدّث، إلى أنّ ميزانية الإستثمارات التي رصدتها “سوناطراك” في إطار المخطّط الخماسي 2022-2026، قد بلغت 40 مليار دولار، خصّص 11 مليار دولار منها لإنجاز المشاريع المسطّرة في البتروكيمياء والتكرير، وتطوير نشاطها الذي يندرج ضمن إستراتيجية المجمّع العمومي للمحروقات، لتوفير المواد البترولية على مستوى السوق المحلية وتوفير المواد الأولية البتروكيماوية كمدخلات أساسية للصناعة الجزائرية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، للحدّ من استيرادها ومن تحويلات العملة الصعبة. حيث تهدف الجزائر من خلال تشجيعها لبعث الصناعات البتروكيماوية إلى بلوغ 10 مليار دولار صادرات على المدى المتوسط، وخلق 4 آلاف منصب شغل وتحقيق قيمة مضافة قدرها 50% في مجال التكرير والتحويل، و50% فيما يتعلّق بإنتاج البترول والغاز، مقابل 32% مسجّلة حاليا.
بالمناسبة إقترح عبيدات سنّ قانون واضح المعالم يمنع تصدير المواد الأولية في شكلها الخام ولو بشكل تدريجي، وفق رؤية محدّدة زمنيا لتثمين الموارد الاقتصادية الوطنية وتحقيق قيمة مضافة منها ومنع إستنزافها، بإعتبارها ملكا للأجيال الحالية والمستقبلية مع ضرورة وتحيين وإعداد خريطة منجمية تحصي وتحدّد أنواع وأماكن تواجد الثروات المنجمية الوطنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19733

العدد 19733

الإثنين 24 مارس 2025
العدد 19732

العدد 19732

الأحد 23 مارس 2025
العدد 19731

العدد 19731

السبت 22 مارس 2025
العدد 19730

العدد 19730

الجمعة 21 مارس 2025