دعم متواصل للفلاحين وقانون صارم لمنع ذبح النعاج
منتوجنا الفلاحي مطلوب في الخليج وأوروبا لجودته العالية
استيراد المواشي من دول إفريقية وإسبانيا لتلبية احتياجات المواطن
مشــــــــــروع إنتـــــــــــاج مسحـــــــــوق الحليــــــــــــب خطــــــــوة استراتيجيـــــــــــة لتقليـــــــــل الواردات تدريجيــــــــا
وصــــــــــول سعـــــــــر الخـــــــروف إلى 17 مليــــــــون سنتـــــــيم غـــــــــير معقــــــــــول ولا مقبــــــــــول
شهد قطاع الفلاحة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة تقدما ملموسا من حيث الكميةُ والنوعية، ما يعكس الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج الوطني وتحقيق الأمن الغذائي. وقد أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، سهرة أول أمس، التزام الدولة بتطوير هذا القطاع الحيوي من خلال مجموعة من الإجراءات الداعمة التي تستهدف تحسين الإنتاج المحلي وضمان استقراره. غير أنه لوح باستعمال القانون ضد كل من تسول له نفسه المساس بالثروة الحيوانية عن طريق الذبح العشوائي للنعاج.
توقف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية، سهرة السبت، عند حزمة الإجراءات الداعمة للفلاحين التي أطلقتها الدولة بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، بهدف زيادة الإنتاج كمّا ونوعا. هذه الخطوة جاءت في إطار استراتيجية وطنية شاملة تسعى لتحقيق الأمن الغذائي وتخفيف الاعتماد على الواردات.
وقد أكد الرئيس تبون، أن هذه الالتزامات بدأت بالفعل تترجم ميدانيا، حيث أحرز القطاع الفلاحي تقدما واضحا في مختلف المناطق، خصوصا في ولايات مثل بسكرة، بومرداس وتيبازة، التي أصبحت معروفة بجودة إنتاجها الفلاحي، مشيرا إلى أن المنتوج الفلاحي الجزائري أصبح مطلوبا في دول الخليج وأوروبا لنوعيته وجودته العالية جدا.
الاكتفاء الذاتي في القمح والحليب
ولفت الرئيس الانتباه إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه الجزائر هو تأمين احتياجاتها من المواد الأساسية، مثل القمح الصلب والحليب. وعلى هذا الأساس، التزمت الدولة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب بحلول سنة 2025، معتبرا أن هذا المنتج يعد أساسيا في النظام الغذائي الجزائري، خاصة في تحضير أطباق تقليدية مثل الكسكس.
وأشار الرئيس تبون إلى أن الجزائر تجاوزت مرحلة صعبة خلال أزمة الحبوب العالمية، وأكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح الصلب أصبح هدفا واقعيا بفضل التحسن الملحوظ في الإنتاج الوطني.
أما فيما يتعلق بالحليب، فقد أوضح رئيس الجمهورية أن مشروع إنتاج مسحوق الحليب بالشراكة مع دولة قطر، يمثل خطوة استراتيجية لتقليل الواردات تدريجيا وتحقيق اكتفاء ذاتي خلال السنتين المقبلتين.
تعزيز الثروة الحيوانية وحمايتها
أبرز رئيس الجمهورية، خلال اللقاء الإعلامي الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام، سعي الدولة لضمان استقرار شعبة اللحوم الحمراء، مؤكدا أن الحفاظ على هذه الثروة يتطلب وعيا كبيرا من قبل الفلاحين والتزاما بتوجيهات صارمة تهدف إلى تفادي أزمات مستقبلية في هذا القطاع الحساس.
أوضح رئيس الجمهورية، أن شعبة اللحوم الحمراء من أكثر القطاعات تعقيدا، نظرا لاعتمادها الكبير على العنصر البشري، فقد يؤدي سوء تقدير بعض المربين، أو استجابتهم السريعة لارتفاع الأسعار، إلى تهديد استقرار هذه الثروة.
وأشار الرئيس تبون إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف والمشاكل المرتبطة بتموين المواشي، لا ينبغي أن تدفع المربين إلى اللجوء لذبح النعاج (أنثى الغنم)، مؤكدا أن هذه الممارسات تشكل خطرا حقيقيا على دورة الإنتاج الحيواني.
وقد شدد رئيس الجمهورية على ضرورة حماية إناث المواشي، باعتبارها المصدر الأساسي لاستمرارية القطيع، ما يضمن وفرة اللحوم مستقبلا، معلنا أن الدولة بصدد وضع قانون صارم لمنع ذبح النعاج، مؤكدا أن الحفاظ على هذه الفئة من المواشي يعد مسألة استراتيجية لضمان استمرارية الإنتاج الحيواني.
وأوضح الرئيس، أن الهدف من هذه الإجراءات هو تفادي تفاقم أزمة اللحوم، التي قد تتسبب في ارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مقبولة، كما حدث في بعض الحالات التي بلغ فيها سعر الخروف 17 مليون سنتيم.
وأوضح رئيس الجمهورية، أن معالجة مشاكل المربين تتطلب طرح هذه التحديات بموضوعية ودقة من أجل إيجاد حلول مستدامة. وفي هذا السياق، أعلن الاتفاق مع اتحاد الفلاحين على عقد لقاء خاص بشعبة اللحوم الحمراء لبحث مشاكل المربين وتقديم حلول نهائية لها. فالجزائر، مثلما قال، “بفضل مساحتها الشاسعة ومواردها الطبيعية، قادرة على استيعاب ما بين 20 إلى 25 مليون رأس من المواشي، ما يجعل من تطوير هذه الثروة أمرا قابلا للتحقيق عبر تبني استراتيجيات واضحة ومستدامة”.
وفي إطار التصدي لأي تذبذب محتمل في وفرة اللحوم الحمراء، قال رئيس الجمهورية “سمحنا باستيراد المواشي من بعض الدول الإفريقية ومن إسبانيا كإجراء مؤقت يهدف إلى سد أي عجز محتمل في السوق وتوفير أضحية عيد الأضحى، مؤكدا أن الاستيراد يظل حلاّ استثنائيا، في حين تسعى الدولة لتطوير الإنتاج المحلي لضمان الاكتفاء الذاتي في المستقبل”.
وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة وضع استراتيجية متكاملة لشعبة اللحوم الحمراء والبيضاء، تهدف إلى تحسين برامج تسمين العجول لزيادة الإنتاج المحلي، دعم الفلاحين في مواجهة التحديات المرتبطة بتوفير الأعلاف وتعزيز الوعي لدى المربين بأهمية الحفاظ على إناث المواشي لضمان استمرارية القطيع.
وأكد الرئيس تبون، أن سياسة الجزائر قائمة على دعم الإنتاج الوطني وتجنب اللجوء إلى الاستيراد، إلا في الحالات القصوى، وذلك لضمان السيادة الغذائية للبلاد. وقال: “نريد استيراد ما لا يمكن إنتاجه فقط”، ويجب أن نلتزم بتطوير الإنتاج المحلي في مختلف القطاعات الفلاحية لضمان تلبية احتياجات المواطنين بمنتجات جزائرية ذات جودة عالية.
العقار الفلاحي.. نحو حل جذري للمشاكل العالقة
من جهة أخرى، أكد رئيس الجمهورية أن سنة 2025 ستكون سنة لحل معضلة العقار الفلاحي، وهو ملف طالما شكل عائقا أمام استغلال الأراضي الزراعية بفعالية.وقال: “العديد من الفلاحين يواجهون صعوبة في الحصول على عقود ملكية لأراضيهم، ما يحد من فرصهم في الاستفادة من التمويل البنكي والدعم الحكومي”. لهذا، تعهد الرئيس بوضع آلية قانونية تمكن الفلاحين من استغلال أراضيهم بشكل قانوني ومستدام.بالموازاة مع ذلك، شدد رئيس الجمهورية على أهمية إشراك الشباب في القطاع الفلاحي، معتبرا أن الاستثمار في الكفاءات الشابة يعد حلا مستداما لضمان استمرارية الإنتاج الوطني ومواكبة التقنيات الحديثة في الزراعة.
ودعا الشباب إلى الاقتداء بمشاريع تحلية مياه البحر، التي تولى تنفيذها شباب في مقتبل العمر، والاستفادة من الفرص المتاحة في القطاع الفلاحي، مشيرا إلى أن الدولة توفر دعما كبيرا للراغبين في الاستثمار في هذا المجال.
استقرار السوق خلال شهر رمضان تحدّ ناجح
في إطار مواجهة ارتفاع الطلب على المنتجات الفلاحية خلال شهر رمضان، أشاد الرئيس تبون بالجهود التي بذلها الفلاحون لضمان وفرة المنتجات الفلاحية في الأسواق. ووجه شكره للفلاحين الذين لعبوا دورا حيويا، مثلما ذكر، في تلبية احتياجات المواطنين، مؤكدا أن هذه الجهود ساهمت في تخفيف الضغط على السوق وتجنب أي أزمة تموين.