الاتفاقيات الدولية في التنظيم الفرنسي أسمى من القانون الداخلي
أكّد مختصّون في القانون الدولي لـ»الشعب»، أنّ اتفاقيات الهجرة بين الجزائر وفرنسا هي اتفاقيات ثنائية، أنشئت برضا الطرفين، ولا يمكن تعديلها إلا برضاهما، غير أنّ السلوك الفرنسي خرق الاتفاق والقانون معا، خاصّة أنّ الاتفاقيات الدولية في النظام القانوني الفرنسي أسمى من القانون.
قالت أستاذة القانون الدولي العام بجامعة الجزائر، الدكتورة سهيلة قمودي، في اتصال بـ»الشعب»، أمس، إنّه يحقّ للمتضرّرين من هذا الخرق للحكومة الفرنسية، للاتفاقيات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، أن يقاضوا الإدارة الفرنسية أمام القضاء الفرنسي.
وأشارت إلى أنّ اتفاقية 1968 هي اتفاقية ملحقة باتفاقية إيفيان تنظم وضعية الجزائريين في فرنسا بعد الاستقلال، لا سيما في مجال التنقل بين الدولتين وفي مجال العمل ممّا يمنح الجزائريين معاملة تمييزية على باقي الأجانب في فرنسا، وقد تمّ تعديلها أكثر من مرّة، غير أنّ فرنسا تعتبر أنّها لا تستفيد من الاتفاقية بل إنّ الحكومة الحالية تعتبر بأنّ فرنسا «منحت حقوق كبيرة للجزائريين».
وعن سعي فرنسا والضغط من أجل تعديلها، قالت الأستاذة قمودي، إنّها اتفاقية ثنائية تعدّل بناء على التفاوض والتشاور بين الطرفين وتعديلها من طرف واحد يعدّ انتهاكا لأحكام القانون الدولي.
كما أنّ نظام القانوني الفرنسي يجعل من الاتفاقيات الدولية أسمى من القانون وأقلّ درجة من الدستور، وعليه فإنّ القوانين الفرنسية والقرارات الإدارية، يجب أن تتوافق مع الاتفاقيات الدولية، وعليه أكّدت المتحدّثة أنّ القرارات الإدارية الفرنسية التي اتخذت تدابير ضدّ جزائريين عند دخولهم لفرنسا تعتبر غير مشروعة ويمكن مقاضاة الإدارة الفرنسية أمام القضاء الفرنسي. وعلى صعيد آخر، قالت أستاذة القانون الدولي، أنّ الحكومة الفرنسية الحالية يائسة بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها فرنسا فعلى المستوى الداخلي الحكومة عاجزة ماليا، ومع عدم موافقة البرلمان على مشروع إعادة النظر في التقاعد، والذي كان أحد أسباب سحب الثقة من الحكومة السابقة واستقالتها.
وأضافت أنّ الحكومة الحالية تريد أن تربح الوقت وتظهر «قوّتها» قبل إعادة طرح مشروع قانون التقاعد من جديد، على أمل أن يتمّ تمريره، ضف إلى ذلك أزمة الطاقة التي تعيشها أوروبا بسبب الحرب الأوكرانية.
وقالت المتحدّثة إنّ الحكومة الفرنسية، تلعب حاليا ورقة السياسة الخارجية، من خلال محاولات ماكرون إيجاد مخرج من الحرب الأوكرانية، من جهة، ومن جهة أخرى ورقة علاقة فرنسا بالجزائر، وبالنسبة لهذه الأخيرة، ذكّرت الأستاذة قمودي بأنّ الحكومة الفرنسية الحالية والتي تضمّ وزراء حاقدين على الجزائري، تعمل على صرف الأنظار من خلال افتعال قضية ترحيل مؤثر جزائري، في خرق واضح للقانون، غير أنّ الجزائر أعادته إلى فرنسا على الطائرة، نفسها، وقرار الجزائر هذا جاء احتراما للاتفاقيات الثنائية بين الدولتين التي تنصّ على أنّه إذا أرجعت دولة رعية من رعاية الدولة الأخرى إلى أراضيه يجب أن يكون بناء على تشاور بين الدولتين وقبول الدولة التي ينتسب لها الرعية، في حين أنّ فرنسا لم تبلغ حتى الجزائر بذلك.
إجراءات باطلة قانونا
من جهته، قال أستاذ القانون العام، الدكتور موسى بودهان، في اتصال بـ»الشعب، أمس، أنّ ما يرتكبه اليمين المتطرّف ضدّ الجزائر وإطاراتها من حاملي الجوازات الخاصّة، إنّما يعكس حقد تلك الجهات على الجزائر، ولو بخرق الاتفاقيات والقوانين، ويعكس تغوّل وتسلّط الدولة الفرنسية، التي جعلها وضعها الداخلي والدولي المتراجع تعبث بالقوانين، وتحاول عبثا ضرب استقرار الجزائر، وتهديدها بمراجعة الاتفاقية.
واعتبر المتحدّث، أنّ اليمين المتطرّف يريد توظيف هذه الاتفاقية في كلّ كبيرة وصغيرة وتهدّد في كلّ مرة بها، وأمام هذه الاستفزازات تقوم الجزائر بحماية جاليتنا هناك بكلّ ما تتيحه القوانين، لكن فرنسا دائما تتستر وراء التضليل وتهويل المسائل، والكذب على الرأي العام الداخلي.
وأكّد بودهان، في السياق، أنّ كلّ القوانين القنصلية والدبلوماسية تصبّ في صالح الجزائر، والطرف الفرنسي هو من خرق ذلك قائلا «من حقّ الجزائر أن تردّ على التجاوزات الفرنسية بالمثل، وهو حقّ تكفله الأعراف الدبلوماسية والقوانين».