الذكرى 63 لمظاهرات 27 فيفري 1962

فرنسا عجزت فـي مخطّطاتهـا التفكيكيـة وورثـت العـار

سهام بوعموشة

أبرز باحثون ومجاهدون، أهمية مظاهرات 27 فيفري 1962، بمدينة ورقلة، في إفشال مخطّطات الجنرال ديغول، في فصل الصحراء عن الشمال، وتأكيدها على وحدة الجزائريين عبر كامل التراب الوطني، وذلك في ندوة تاريخية بعنوان «مظاهرات27 فيفري بورقلة تأكيد على الوحدة الوطنية وانتصار للقضية الوطنية»، نظّمها المتحف الوطني للمجاهد، أول أمس، بمناسبة الذكرى 63 لهذه المظاهرات.

في هذا التاريخ، خرج سكان مدينة ورقلة في مظاهرات تعبيرا عن سكان الصحراء ضدّ مخطّط ديغول، الذي أراد أن يفصل الصحراء عن الجزائر، حسب ما أوضحه البروفيسور حسان مغدوري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الجلفة، ومكلّف بتسيير المتحف الوطني للمجاهد.
 وقال مغدوري،» هذا اليوم أكّد أنّ الشعب الجزائري كان على الدوام متمسّكا بوحدتي التراب الوطني والصفّ وراء القيادة السياسية، التي تسعى إلى تحقيق تطلّعات الشعب الجزائري».
وأضاف أنّ الندوة المنظّمة بمتحف المجاهد، تستهدف تبليغ رسالة مفادها أنّ الشعب الجزائري شعب موحّد وثابت على مبادئ ثورة التحرير، هو شعب يستلهم من هذه الثورة من أجل مواجهة التحدّيات، التي تحاول أن تناور وتغتال الحقائق التاريخية لاسيما في هذه المرحلة العصيبة، وتبليغ رسالة التاريخ والشهداء في ضرورة أن تبقى الأجيال متلاحمة مرتبطة متمسكة بهذه المكتسبات.
وأفاد أنّ مظاهرات 27 فيفري تمثل إلتزام الشعب الجزائري بوحدة التراب الوطني، مبرزا أنّ اهتمام الفرنسيين في البداية بالصحراء كان من أجل أهداف عسكرية، ثم تحوّلت إلى أهداف استراتيجية بعد الحرب العالمية الثانية، بظهور السلاح النووي، حيث بدأت فرنسا تفكر في كيفية إنقاذ مجد الإمبراطورية الفرنسية، التي احتلها الألمان وحرّرها الحلفاء، وجعل الصحراء مسرحا لتفجيراتها النووية، ثم ظهور أزمة البترول، وبقاء فرنسا بدون موارد، كما أنّ قناة السويس كانت تشكّل تهديدا لفرنسا.
وأشار الأكاديمي إلى أنّه وبعد تأكيد العديد من الدراسات الفرنسية على أنّ الجزائر تتوفر على احتياطي النفط، وهو من أجود الأنواع في العالم، استثمرت فرنسا، 140 مليار فرنك في هذا المجال، من أجل الاحتفاظ بالصحراء الجزائرية كما أنّ ديغول، استنفد كلّ الأساليب المحظورة في سبيل الاحتفاظ بالجزائر، «لكن عندما أدرك بأنّ مستقبله في الجزائر ضاع، فكّر في إنقاذ فرنسا والدخول في اتفاقيات ايفيان لتقرير المصير».يقول الباحث.
وقامت فرنسا بتعيين وزير خاصّ أسندت له مهمة إدارة شؤون الصحراء، كما خصّصت لهذه الأخيرة خمس مقاعد في الجمعية الوطنية الفرنسية، كدليل واضح على مدى الأهمية التي أولتها فرنسا لنفط الصحراء الجزائرية وباقي ثرواتها الطبيعية، أضاف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر.
من جانبه، قال المجاهد عيسى قاسمي أنّ مظاهرات ورقلة شكّلت الضربة القاضية والمدمّرة لإدارة الاحتلال الفرنسي، وفهموا إرادة الجزائريين في تحرير بلدهم، مضيفا « أنّه محظوظ كونه ورث الشرف، والبطولات، الملاحم، المآثر، والعزّة من أجداده، وأوصي جيل اليوم بالافتخار بما قدّمه أجدادهم، على عكس أحفاد المستوطنين والأقدام السوداء الذين ورثوا العار والمذلّة».
وأكّد أنّ اهتمام فرنسا الاستعمارية بالجزائر بدأ منذ 1830، ولم يتوقف إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية، وأعاب على الذين يحصرون جهاد الجزائريين في الفترة من 1954 إلى 1962، متجاهلين أنّ مقاومة الجزائريين بدأت منذ معركة سطاولي في 1830.
وعن التحضير لمظاهرات ورقلة، أوضح المجاهد محمد دباح، أنّه قبل يوم من موعد وصول الوفد الفرنسي إلى ورقلة، وبعد تلقي مناضلي المدينة تعليمات كتابية من قيادة الناحية بتنظيم مظاهرة شعبية، سارع المعنيون وعلى رأسهم الملازم الثاني محمد شنوفي ومساعده عثمان حامدي، والكاتب عبد الجبار، إلى تحرير رسائل إلى مشايخ المجالس البلدية لجبهة التحرير الوطني المتواجدة على مستوى مدينة ورقلة، وضواحيها تحث وتشجّع مواطني الأحياء والقرى على المشاركة بقوّة في المظاهرة السلمية، المنتظر تنظيمها يوم 27 فيفري.
وأضاف أنّ سكان ورقلة تجمّعوا بمكان يسمى سوق الحجر، وبعد وصول الوفد الفرنسي، الذي تعمّد التأخير لإرهاق الأهالي، رفعت الأعلام الوطنية وردّدت الأناشيد الوطنية الحماسية والشعارات المندّدة بالسياسة الاستعمارية، والمؤيّدة للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الممثل الشرعي للشعب الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19711

العدد 19711

الأربعاء 26 فيفري 2025
العدد 19709

العدد 19709

الثلاثاء 25 فيفري 2025
العدد 19708

العدد 19708

الإثنين 24 فيفري 2025
العدد 19707

العدد 19707

الأحد 23 فيفري 2025