دعم الدّيمقراطية التّشاركية وتحفيز الاستثمار

آليات مستحدثة للتّسيير وأدوات جديـدة للحكامة اللاّمركزيـة

البليدة: أحمد حفاف

ضمان تحسين الاستماع للمواطنـين والتكفـل بانشغالاتهــم

استحداث وكالة التضامن والتنمية لتسيير صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية

 تضمّن المشروع التمهيدي لقانون البلدية تعديلات هامة تهدف إلى إصلاح شامل للتسيير المحلي بتدعيم الديمقراطية التشاركية والحكم الراشد، مع جعل المواطن طرفًا فاعلاً في تسيير الشأن العام، وضمان له إطار معيشي نوعي، علاوة على تعزيز الدور الاقتصادي للبلدية.

 في عرضه لأسباب تعديل القانون المتعلق بالبلدية الذي حصلت «الشعب» على نسخة منه، أوضح المشرّع الجزائري بأنّ تعزيز اللاّمركزية يقضي بتعزيز صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي والسماح له باتخاذ القرار، خاصة بعد توسيع مجالات اختصاصات البلدية، في إشارة لفتح المجال أمامها لإنجاز استثمارات مربحة، وتشييد مرافق عمومية بغرض تجسيد التنمية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي.
بالنسبة للديمقراطية التشاركية، فقد أدرج مشروع قانون البلدية أحكاما هدفها ضمان تحسين الاستماع للمواطنين والتكفل بانشغالاتهم، وكذا ضمان حقهم في الاطلاع على نشاطات الجماعات المحلية والقرارات والمداولات والوثائق الإدارية العمومية وتقديمهم للعرائض والالتماسات التي تعنيهم.
وعلاوة على ذلك، فقد نصّ على استحداث هيئة تشاركية لدى المجلس، بموجب مداولة تمثل فضاء دائما للتشاور والتفكير والاقتراح، تتشكّل من مختلف الفعاليات المحلية، بصفة تضمن المساهمة والمشاركة في تحديد أولويات التنمية المحلية وتحقيق النشاطات ذات المنفعة العامة وتدعم الهيئات المنتخبة.
كما استحدث المُشرّع صلاحيات للبلدية في إطار التنمية المنصفة والمتوازنة، من أجل تفعيل دورها الاقتصادي بترقية الاستثمار المحلي والمقاولاتية، حيث يمكنها إنشاء وتهيئة وتسيير مناطق النشاطات المصغرة الموجهة لاستقبال مشاريع الاستثمارات التي تبادر بها المؤسسات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
كما يُؤسس القانون للبلدية المبادرة بمشاريع استثمارات مُنتجة للمداخيل من خلال أخذ مساهمات باقتناء أسهم وسندات، إنشاء مؤسسات ومقاولات عمومية، المبادرة والعمل في إطار الشراكة مع القطاع العام أو الخاص على إنشاء و ترقية مؤسسات صغيرة ومتوسطة أو مؤسسات ناشئة.
في هذا الإطار، تمّ تجسيد المقاربة الجديدة التي تضمنها القانون العضوي للمالية في مشروع قانون البلدية، حيث نص المشرع على إمكانية توقيع عقد أهداف بين رئيس الدولة ورئيس البلدية، ويلتزم هذا الأخير بموجبها بتجسيد الأهداف التنموية، والتي ترصد لها اعتماداتها المالية اللازمة وفق هذا العقد.

وكالة التّضامن

 من هذا المنطلق تضمّن مشروع القانون أحكاما جديدة تتضمن أدوات الحكامة المحلية وآليات تسيير حديثة، حيث استحدث المُشرّع المخطط التشاركي البلدي للتنمية كأداة تخطيط استراتيجي متعدّد الفاعلين من أجل تنمية محلية مدمجة وشاملة ومستدامة، وهو مخطط خماسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدية يحدّد المبادئ وأهداف التنمية التي تضمنها، ويقوم بتقدير الوسائل الواجبة.
ويتم إعداد هذا المخطط بطريقة تشاركية وتشاورية بين جميع الفاعلين المحليين المؤسساتيين والاقتصاديين والمجتمع المدني، وبإشراك مختلف المصالح غير الممركزة للدولة، ويؤخذ في ذلك بعين الاعتبار أدوات تهيئة الإقليم، كما أنه يعتبر وثيقة مرجعية تسمح للجماعات المحلية ولجميع الفاعلين بإعداد خطط عملها السنوية.
كما أقرّ المُشرع استحداث وكالة التضامن والتنمية للجماعات المحلية التي تُسير صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية، تتولّى كذلك هذه الوكالة ضمان موازنة ميزانيات الجماعات المحلية، المساهمة في جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجماعات المحلية، والسهر على تنمية متوازنة للأقاليم، تعاضد الوسائل المالية للجماعات المحلية، إجراء وتنفيذ كافة الدراسات والتحقيقات، ممارسة الوساطة البنكية لفائدة الجماعات المحلية ومرافقتها في التمويل المتعدد المصادر للمشاريع المنتجة للمداخيل.
كما استحدث القانون الجديد مفهوما جديدا للتضامن ما بين الجماعات المحلية، من خلال استحداث لجنة إدارة مشتركة لتنفيذ نشاطات التعاون والإشراف عليها ومتابعتها، دون اشتراط الامتداد الإقليمي، لاسيما من أجل تهيئة وتنمية مشتركة أقاليم البلديات، إنشاء مرافق عمومية جوارية، إدارة وإنجاز وتسيير الممتلكات والتجهيزات المشتركة أو للترقية المشتركة للنشاطات الاقتصادية المربحة.

ميكانيزمات مبتكرة

 كما وضع النّص التشريعي ميكانيزمات مبتكرة لتمويل التنمية المحلية، حيث يمكن للبلديات ذات القدرات المالية الكبيرة أن تقترض من البنوك والمؤسسات المالية لتمويل المشاريع في إطار مفهوم تقاسم المخاطر، والاستفادة من مساهمات مؤقتة للدولة تخصّص حصريا للمشاريع والأملاك المنتجة للمداخيل، وإعطاء دور أساسي للجنة الشؤون الاقتصاد والمالية والاستثمار.
وأخذ المشرّع بعين الاعتبار الانسدادات التي قد تحدث للمجالس الشعبية البلدية، وتعرقل سيرها ممّا يرهن المشاريع التنموية والاستثمارات، حيث نصّ على إنشاء مندوبية انتقالية تتولى تسيير شؤون البلدية في حالات الانسداد، مع تقليص سلطة الحلول للوالي باقتصارها على الحالات التي يمتنع رئيس المجلس عن اتخاذ القرارات الواجب اتخاذها وتنفيذها بعد انقضاء الآجال المحددة بموجب الإعذار، وهذا في إطار الرقابة الوصائية التي تمارسها الولاية على أعمال وأعضاء المجالس للبلديات التابعة لها.
من بين التعديلات المهمة التي تضمّنها القانون الجديد للبلدية إمكانية تفويض رئيس البلدية للأمين العام صلاحياته فيما يتعلق القرارات التنظيمية التي يصدرها رئيس المجلس، والذي تشتغل إدارة البلدية تحت سلطته، مع الإشارة إلى أن المشرّع وصف البلدية على أنها الجماعة المحلية القاعدية للدولة بدلا من الجماعة الإقليمية القاعدية للدولة.
وضمن المقاربة الجديدة لتسيير النفايات التي ترغب الدولة تجسيدها على الأمد القريب، نصّ مشروع القانون المتعلق بالبلدية على أن تتبنّى البلدية وتضمن تسيير مستدام يحافظ على البيئة في نظامه المتعلق بجمع وفرز ومعالجة وإعادة تدوير النفايات المنزلية، وهذا بالإضافة إلى وضع حلول اقتصادية محافظة على البيئة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19654

العدد 19654

الأحد 22 ديسمبر 2024
العدد 19653

العدد 19653

السبت 21 ديسمبر 2024
العدد 19652

العدد 19652

الخميس 19 ديسمبر 2024
العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024