الإسكان بالجزائر ليس مجرد توفير مأوى فقط بل مشروع وطني استراتيجي
إنجاز غير مسبوق بتشييد مليوني وحدة تحقيقا للعدالة الاجتماعية
إنشاء 45 قطبا عمرانيا جديدا على مساحة 33 ألف هكتار عبر 37 ولاية
توزيع 1.7 مليون وحدة سكنية بمواد جزائرية في 5 سنوات
19 محطة لتحلية المياه تضمن إنتاج 65% من مجمل احتيـاجات المواطنين
شكل مؤتمر الإسكان العربي الثامن، الذي تحتضن الجزائر فعالياته على مدار 3 أيام، محطة هامة للتباحث حول القضايا المشتركة، ومناسبة لتسليط الضوء على الإنجازات والتحديات التي تواجه الدول العربية في مختلف المجالات وخاصة قطاع السكن والتنمية العمرانية، الذي يعد أحد أهم الركائز لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة.
وسيعكف المشاركون عبر عدة ورشات على تحديد الرؤى المشتركة لتحقيق تنمية مستدامة وجودة الحياة في الدول العربية.
في كلمة له، خلال افتتاح أشغال مجلس وزراء الإسكان والتعمير العربي في دورته 41، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، بالعاصمة، أبرز وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي، أن احتضان الجزائر لأشغال هذا المؤتمر، هو التزام منها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدف رقم 11 «جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة»، وهو ما تسعى إليه جلسات هذا المؤتمر، الذي ينعقد تحت شعار: «العمران والبناء المستدام... تحديات وأمال واعدة».
واستعرض بلعريبي بالمناسبة، تجربة الجزائر في مجال العمران والبناء المستدام، بما ينسجم والهوية الثقافية والتطلعات التنموية، حيث أكد أن الجزائر وانطلاقا من الرؤية الحكيمة والطموحة لرئيس الجمهورية، وتنفيذا لتعهداته بجعل السكن حقا أساسيا وأولوية مطلقة في مسار تحقيق العدالة الاجتماعية، استطاعت إحراز تقدم كبير في تلبية احتياجات مواطنيها في مجال الإسكان، وهي الجهود التي تعكس التزام الدولة الدستوري بتوفير ظروف معيشة كريمة للجميع وتعزيز مبدإ التنمية المستدامة والمتوازنة بين مختلف فئات المجتمع.
وأوضح الوزير، أن الإسكان في الجزائر ليس مجرد توفير مأوى وفقط، بل هو مشروع وطني استراتيجي يحمل في طياته أبعادا اجتماعية واقتصادية، بيئية وإنسانية، تهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطن. وعلى هذا الأساس، احتلت مسألة الإسكان، يقول وزير السكن، مكانة محورية في السياسات التنموية العمومية، لتصبح واحدة من الركائز الأساسية في مخطط عمل الحكومة، وقد تم ذلك عبر تعبئة شاملة لموارد الدولة، سواء كانت تنظيمية، فنية، مالية أو عقارية بهدف توفير السكن اللائق والآمن وميسور التكلفة للجميع.
وأبرز بلعريبي، قدرة الجزائر على تحقيق إنجازات نوعية في مجال العمران، خاصة وأن الإرادة السياسية متوفرة والرؤية واضحة، حيث تمكنت الجزائر في ظرف خمس سنوات من توزيع 1.7 مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ، أنجزت بمواد بناء جزائرية 100٪، زودت بمختلف الشبكات والتجهيزات العمومية التي بلغ عددها 1924 تجهيزا عموميا، حيث تم رصد اعتمادات مالية قدرت بـ35 مليار دولار في إطار أنسنة المدينة، مما ساهم بشكل مباشر في تقليص معدل شغل السكن من 4,45 سنة 2019 الى 4,18 خلال هذه السنة، وهو مؤشر رفاه مكن المستفيدين من تمليك سكناتهم.
كما رافقت الدولة الجزائرية إنجاز هذا البرنامج الضخم من السكنات ببرامج أخرى، حيث بلغت معدلات الربط بالمياه الصالحة للشرب 100٪، حيث بادر رئيس الجمهورية بإسداء تعليمات تقضي بإنجاز 5 محطات تحلية مياه البحر وهذا ضمن المخطط التنموي 2022-2024، ليصل بذلك عدد محطات تحلية المياه إلى 19 محطة على طول الشريط الساحلي، تضمن إنتاج 65٪ من مجمل احتياجات المواطنين في مجال التزويد بالماء الصالح للشرب آفاق 2025.
ولم تتوقف إنجازات قطاع السكن عند هذا الحد، بل تعدتها، حسب وزير السكن، لتشمل المنشآت الكبرى، في صورة المستشفيات الجامعية بسعة 500 سرير، موزعة عبر مختلف مناطق الوطن وهذا حرصا على توفير الخدمات الصحية للمواطن. واستكمالا لهذه الرؤية، ذكر وزير السكن ببرنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الطموح للخماسي 2024-2029 الذي يعكس، مثلما قال، «رؤيته العميقة لمستقبل الإسكان والتنمية الحضرية في الجزائر. يتمحور هذا البرنامج حول تحقيق إنجاز غير مسبوق، يتمثل في تشييد مليوني وحدة سكنية جديدة بمختلف الصيغ، استجابة لاحتياجات المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية». ويشمل البرنامج أيضا، إنشاء أقطاب حضرية جديدة تتميز بتصاميم مبتكرة وبنية تحتية عصرية، تجمع بين الحداثة والاستدامة، تتوفر على خدمات نوعية ومساحات معيشية راقية تعكس التزام الدولة بتحسين جودة الحياة ودعم النمو الاقتصادي.
في هذا السياق، أحصى بلعريبي إنشاء 45 قطبا عمرانيا جديدا على مساحة إجمالية تقدر بـ33 ألف هكتار، عبر 37 ولاية على المستوى الوطني، لاستيعاب مختلف البرامج الطموحة وخلق بيئة معيشة كريمة تحفظ كرامة المواطن، وتدفع عجلة التنمية الوطنية نحو آفاق أوسع، محققا بذلك رؤية الجزائر الجديدة القائمة على التقدم والازدهار.
ونوه بلعريبي بالإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية خلال الخماسي 2020-2024، حيث ساهمت بشكل فعلي في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال مواد البناء، الأمر الذي خلق بيئة مناسبة للاستثمار في هذا المجال، حيث بلغت طاقة إنتاج الإسمنت 40 مليون طن سنويا، و6 ملايين طن من حديد الخرسانة و40 مليون طن من الآجر والمواد الحمراء، وأكثر من 210 مليون متر مربع من الخزف و4.6 مليون متر مربع من الرام والغرانيت، مما انعكس إيجابا على الناتج الوطني الخام، حيث قدرت مساهمة قطاع البناء والأشغال العمومية بـ12,9٪ من الناتج الوطني الخام.
المالكي: مؤتمر الجزائر محطة حقيقية لإيجاد حلول للمدن المستدامة
بدوره، أكد الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بالجامعة العربية علي بن إبراهيم المالكي، أهمية توحيد الجهود لتعزيز التعاون العربي المشترك وإيجاد حلول مناسبة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع في توفير السكن اللائق للمواطن العربي وبناء مدن ذكية ومستدامة تحقق جودة الحياة للمواطن في الدول العربية.
وأشار إلى أن مؤتمر الإسكان العربي الثامن، الذي تحتضن الجزائر أشغاله، يهدف إلى مناقشة آليات العمل العربي الخاصة بتطوير الممارسات الحكومية وتبادل التجارب والخبرات، وعرض المشروعات الرائدة وأفضل الممارسات للدول العربية التي تواكب التطورات التكنولوجية وآليات تخطيط المدن الذكية والمستدامة، بالإضافة إلى طرح كل ما هو جديد في مجال تكنولوجيا البناء الذكي والبنية التحتية، بما يضمن تحقيق مستقبل أفضل للشعوب العربية. كما يطرح حلولا عربية مبتكرة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، تسهم في تنفيذ الأجندة الحضرية الجديدة في الدول العربية، وتلبي احتياجات الأجيال الحالية والقادمة اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا وثقافيا، وبما يحقق الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، الخاص بجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود بشكل مستدام.