خرق مفضوح للمواثيق والأعراف الدولية والقانون الدولي
لم تتوقف اللوبيات المرتبطة باليمين واليمين المتطرف، منذ استقلال الجزائر، عن تنفيذ مكائدها ودسائسها مع سبق الإصرار، بدءًا من التحامل السياسي والإعلامي، وصولاً إلى المحاولات الفاشلة للتلاعب بالذاكرة الجماعية للشعب الجزائري.
ورفعت فرنسا من درجة مكرها ضد الجزائر في السنوات القليلة الماضية، وزادت من حدة استفزازاتها بشكل ملحوظ، لتصل إلى تنفيذ مرحلة الانغماس في مخططات استخباراتية خبيثة تستهدف استقرار وأمن بلادنا، في محاولة يائسة منها نشر الفتنة وعرقلة مساعي الجزائر نحو التقدّم وتعزيز سيادتها الوطنية.
في السياق، يؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة تمنراست، الدكتور محمد عربي لادمي، أن تورّط المخابرات الفرنسية في عمليات تستهدف أمن واستقرار الجزائر، «يُعدُّ عملاً عدوانياً وخرقاً واضحاً للمواثيق والأعراف الدولية وللقانون الدولي المؤسَّس على مبدإ احترام سيادة الدول، ومبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. موضحاً أن الأدوات والأساليب وحتى المَقار التي استخدمتها المخابرات الفرنسية لتنفيذ هذا المخطّط الدنيء تطرح في حد ذاتها الكثير من الأسئلة».
وقال لادمي لـ «الشعب»، إن القراءة الأولية لخيوط المؤامرة الاستخباراتية، تكشف عن وجود تناسي السلطات الفرنسية من خلال مخابراتها لقدرات الأجهزة الأمنية الجزائرية ومستوى يقظتها، وهذه الذهنية –يواصل- متجذّرة في الفكر الكولونيالي لدى حكام فرنسا منذ طردها من الجزائر عام 1962، الذين مازالوا يحنون للماضي الذي لن يعود.
وأكد الأستاذ على أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، قد دعا في أكثر من مناسبة، إلى ضرورة أن يفهم الطرف الآخر بأن العلاقات مع الجزائر يجب أن تكون وفقاً لمبدإ الندية في السياسة وميزان رابح- رابح في الاقتصاد.
وعرّج لادمي بالحديث عن تداعيات المخطّط الاستخباراتي الذي أحبطته صقور الجزائر، واصفاً الحادثة بـ «المنعطف الحاد» في العلاقة بين البلدين، مؤكداً أن الجزائر قد حذّرت السلطات الفرنسية مراراً من مغبّة الانخراط في مخططات تستهدف أمنها، وبضرورة النأي عن ممارسة أعمال تدخل تحت طائلة التدخّل في الشؤون الداخلية للجزائر، كما دعتها الى ضرورة تغيير خطابها السياسي تجاه الجزائر الذي لطالما أتى في ثوب الآمر الناهي.
اللجوء الغبي للدسائس
وأوضح لادمي، أن السلطات الفرنسية لم تتمكن من هضم موقف الجزائر ووقوفها المتواصل في وجه الإدارة الفرنسية التي لجأت الى الدسائس والمكائد في محاولة منها للإضرار بالجزائر، بل ذهبت الى حد محاولة الضغط على الجزائر من خلال تأييدها للمحتل المخزني المغربي في ملف الصحراء الغربية، وهو ما قوبل بالرفض من طرف جزائر الأحرار.
المتحدّث وهو يعدّد تبعات الخطوات الاستفزازية الفرنسية ضد الجزائر، أوضح أن هذه الأعمال العدائية تأتي في إطار محاولة إخضاع الدولة الجزائرية، للأطروحات الفرنسية، وإبقاء اليد العليا للإليزيه بعدما أدركت فرنسا أنها قد خسرت الكثير من مصالحها ونفوذها السياسي والاقتصادي في الجزائر المنتصرة.
واستطرد أستاذ العلوم السياسية قائلاً، إن السلطات الفرنسية تحاول جاهدةً التمسّك بالجزائر كبديل لتعويض خسارتها في النيجر، تشاد وبوركينافاسو، وهي ترى الجزائر بمثابة البلد الوحيد الذي لا يجب الاستغناء عنه، والسبيل الوحيد الذي يُتيح لها العودة الى الساحل.
هذه الأهداف والغايات -حسب المتحدث- دفعت السلطات الفرنسية الى الانغماس في المكائد من أجل زعزعة الجزائر وبث الفرقة والكراهية، من خلال اللجوء إلى دعم منظمتي «رشاد» و»الماك» الإرهابيتين بهدف تمرير رسالة تدعو فيها، عبثاً، إلى الخضوع، وهو ما عبّرت السلطات الجزائرية عن رفضه جملةً وتفصيلا، مع تعبيرها عن إدانتها لكل العمليات الاستفزازية التي يمارسها حكّام الإليزيه.
وأثنى لادمي على الموقف الجزائري تجاه العربدة الفرنسية، منوهاً برفض السلطات الجزائرية لكل أشكال الضغط والمساومة. وقال إن الجزائر صدحت بصوت الواثق من نفسه، بأنه على فرنسا أن تتوقف عن هذه التصرفات الإجرامية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في الجزائر وتوقيف عجلة التنمية المتسارعة وهو ما تسعى فرنسا يائسة الى تحقيقه من خلال هذه العمليات الإجرامية.