«الشعب» تنشر أهم محاور مشروع القانون

مقاربـة اقتصادية جــديدة لتسيير النفايـات

رضا ملاح

تتجه الجزائر نحو تبني مقاربة جديدة في تسيير النفايات، تستجيب لأهداف التنمية المستدامة وتتوافق مع نموذج الاقتصادي الدائري، وهذا بإعادة النظر في الإطار التشريعي المنظم لتسيير النفايات.
وينتظر أن يناقش البرلمان بغرفتيه، في الدورة الحالية، مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 01-19 المؤرخ بتاريخ 12 ديسمبر 2001 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، وهو قانون يعزز الانتقال من تسيير خطي نحو تسيير دائري لدورة حياة «النفايات».

وحسب نص مشروع القانون، تحوز «الشعب» نسخة منه، تحل النفايات المحولة جزئيًا أو كليًا، محل المواد الخام المستوردة. وتشكل النفايات بهذا المفهوم مصدر دخل ذي قيمة مضافة معتبرة، إلى جانب استحداث مناصب شغل وزيادة الثروة، ما يساهم في تنويع اقتصاد البلاد خارج المحروقات.
ويشير نص المشروع، في عرض الأسباب، إلى أن تسيير النفايات في الجزائر شكل دوما انشغالا للسلطات العمومية وتحديا للجماعات المحلية. في مرحلة أولى، «حددت السلطات العمومية كأولوية تدعيم الإطار التشريعي والتنظيمي والمؤسساتي»، من خلال تعزيز ترسانتها القانونية بصدور القانون رقم 01-19 المؤرخ بتاريخ 12 ديسمبر 2001 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، والذي بادرت به الوزارة المكلفة بالبيئة.
وبذلت الجزائر مجهودات معتبرة في مجال تسيير النفايات، باتخاذ مجموعة من التدابير عبر إطلاق البرنامج الوطني لتسيير النفايات المنزلية والمخطط الوطني لتسيير النفايات الخاصة.
تسيير النفايات
إضافة إلى الإنجازات العديدة المسجلة على الصعيد القانوني والمؤسساتي والتقني والمالي، قد أحال هذا القانون إلى خمسة عشر نصا تنظيميا تم استصدار أربعة عشر نصا منها، حيث سمحت هذه النصوص بالتكفل بعدة جوانب متعلقة بتسيير النفايات، لاسيما إعداد قائمة النفايات وتحديد القواعد العامة لتهيئة واستغلال منشآت معالجة النفايات وشروط قبول النفايات على مستوى هذه المنشآت، وتحديد كيفيات إعداد مخططات البلدية التوجيهية لتسيير النفايات المنزلية وما شابهها، تنظيم تصدير النفايات الخاصة الخطرة، وأيضا تحديد كيفيات تسيير نفايات النشاطات العلاجية، وفتح سوق النفايات للقطاع الخاص. ويشير النص إلى أنه رغم ما أنجز في تسيير النفايات، تظل الجوانب المتعلقة بتثمين النفايات غير متطورة كفاية، في حين تلتزم الجزائر باعتماد نموذج اقتصادي جديد يرتكز على مبادئ الاقتصاد الدائري.
ويهدف هذا النموذج المذكور، إلى الحد من الأثر الإيكولوجي للدورات الإنتاجية بشكل معتبر، ويرتكز على إنتاج السلع والخدمات بطريقة مستدامة من خلال الحد من استهلاك الموارد وتبذيرها وتقليص إنتاج النفايات بتطوير فروع تثمين النفايات المنزلية، منها المواد العضوية والبلاستيكية والورق المقوى، والنفايات الخاصة مثل البطاريات والإطارات المطاطية المستعملة والنفايات الإلكترونية والزيوت المستعملة والنفايات الحديدية وغير الحديدية.. ويأتي هذا القانون، بعد أن بادرت الوزارة المكلفة بالبيئة، بإعداد دراسة تتعلق باستراتيجية وطنية للتسيير المدمج للنفايات آفاق 2035، تمت الموافقة عليها من طرف مختلف القطاعات المعنية. إلى جانب جلسات جهوية ووطنية حول الاقتصاد الدائري، خلصت إلى ضرورة القيام بتغييرات في مجال تسيير النفايات، استجابة لأهداف التنمية المستدامة من ناحية، والامتثال للنموذج الاقتصادي الجديد لإرساء التوازن المالي من ناحية أخرى. وأصبح من الضروري، وفق ما ورد في الوثيقة، إعادة النظر في الإطار التشريعي الذي ينظم حاليا تسيير النفايات (القانون 01-19) بغرض التكفل بعدة جوانب إدراج الأساس القانوني للاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات، وإدراج تعاريف جديدة وإعادة صياغة بعض المواد، وإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد الدائري، ومراجعة التسلسل الهرمي لأنماط المعالجة، إثراء الجانب المتعلق بتثمين النفايات، والجمع الانتقائي والخروج من صفة نفايات، وإنشاء مخطط وطني للنفايات المنزلية وما شابهها، وإنشاء المخطط الولائي للنفايات الخاصة، ومراجعة الأحكام الجزائية والعقوبات لكي تصبح أكثر ردعا. ويدرج التشريع الجديد مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج الذي يعتبر أحد مبادئ الاقتصاد الدائري، حيث يلزم كل منتج للنفايات أو حائز لها بضمان أو بالعمل على ضمان تثمين النفايات، عن طريق إنشاء تنظيم إيكولوجي، جماعي أو فردي. يتكون هذا التنظيم الإيكولوجي من المنتجين والواضعين للمنتوج في السوق الوطنية ويموّل من خلال مساهمة إيكولوجية يدفعها كل من المنتجين والمسوقين.
ويشكل هذا المبدأ، أيضا، وسيلة وأداة تمويل لترقية فروع التثمين في إطار الاقتصاد الدائري عن طريق تحويل تكاليف التسيير إلى المنتجين الفعليين للنفايات، استبدال استخدام البلاستيك ذي الاستعمال الوحيد تدريجيا، مكافحة انتشار البلاستيك في استعمالات الجزائريين وأنماط استهلاكهم اليومية.
التزامات دولية
كما يندرج الإجراء كذلك، في إطار التزامات الجزائر من خلال مصادقتها على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إضافة إلى تنفيذ مبدإ المسؤولية الممتدة للمنتج، يكرس مشروع مراجعة القانون المتعلق بالنفايات، ترقية الأعمال والمشاريع المتعلقة بالفرز من المصدر وتنظيم فروع تثمين النفايات.
عموماً، تعزز مواد القانون المختلفة المقترحة، والتي سنعود إليها في موضوع آخر بالتفصيل، الانتقال من تسيير خطي نحو تسيير دائري لدورة حياة «النفايات»، وبالتالي فإن النفايات المحولة ستحل جزئيًا أو كليًا، محل المواد الخام المستوردة.
ومن هذا المنظور، تعمل الجزائر على أن تشكل النفايات مصدر دخل ذا قيمة مضافة، واستحداث مناصب شغل وزيادة الثروة، تنويعا لاقتصاد البلاد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19594

العدد 19594

الأحد 13 أكتوير 2024
العدد 19593

العدد 19593

السبت 12 أكتوير 2024
العدد 19592

العدد 19592

الخميس 10 أكتوير 2024
العدد 19591

العدد 19591

الأربعاء 09 أكتوير 2024