حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير غير قابل للتصرف
أصاب التماس تقدم به الدكتور والباحث في التاريخ محمد دومير، أمام لجنة تصفية الاستعمار للجمعية العامة للأمم المتحدة (اللجنة الرابعة)، تضمن حقائق وبيانات تاريخية دامغة تثبت استقلالية الصحراء الغربية عن المغرب، ارتباك ممثلة المملكة المغربية التي فشلت في محاولاتها إثارة أي نقطة إجرائية.
فقد انفرد الدكتور محمد دومير في مداخلته أمام اللجنة الأممية بتقديم حقائق وبيانات تاريخية دامغة، تثبت استقلالية الصحراء الغربية عن المغرب، باعتراف «سلاطين مراكش» وكذا الملك الراحل محمد الخامس، الذين أكدوا من خلال معاهدات مبرمة وموثقة استقلال الأقاليم الصحراوية عن المغرب.
وأكد الدكتور دومير، أن «الأراضي الصحراوية لم تكن يوما مغربية وأن الشعب الصحراوي لم يكن يوما مغربيا»، ودعا إلى العودة إلى عام 1956 متسائلا: «ألم يوقع وزير الخارجية المغربي، أحمد بلفراج، نيابة عن الملك محمد الخامس أنذاك، معاهدة 28 مايو التي تعترف بحدود المغرب دون أي اعتراض أو تحفظ؟».
واستطرد: «ونوسع دائرة التحقيق التاريخي ونطرح السؤال نفسه، لكن هذه المرة على هيئة الأمم المتحدة وعلى كل الدول الحاضرة في الاجتماع، فهل بلغكم أي اعتراض مغربي أو تحفظ عن حدوده أو مطالبة بالصحراء حين نال استقلاله وانخرط في المجتمع الدولي في 1956؟ أو أنها فكرة ظهرت له بين عشية وضحاها؟».
وأكد على أن «الوثائق التاريخية تشهد على استقلالية الصحراء الغربية عن المغرب بكل وضوح، فمعاهدات ورسائل «سلاطين مراكش» تحمل بصريح العبارة أن البلاد الواقعة جنوب وادي نون، مستقلة تماما عن المغرب وهو الخطاب الذي تكرر ليس لسنوات في المعاهدات بل لقرون، حيث ومنذ 1767 و»سلاطين مراكش» يكتبون أن تلك المنطقة حرة كليا ولا تخضع لهم».
بالإضافة الى ذلك -يضيف دومير- «هناك الاتفاقيات التي وقعها الصحراويون مع الطرف الإسباني وبشكل مستقل، على غرار معاهدات مع ولاد سباع وولاد بيني زروب وولاد لعروسي وولاد دليم وغيرها من القبائل الصحراوية، حيث يتضمن الأرشيف معاهدات مستقلة مع الجانب الإسباني أثناء فترة تواجده، تضمن لهم حق تقرير مصيرهم اليوم».
هذه الحقائق التي تقدم بها الدكتور محمد دومير، أربكت ممثلة المغرب التي لم تجد خيارا آخر سوى طلب نقطة نظام لقطع الدكتور دومير، دون أن تتمكن من إثارة أي نقطة إجرائية.
هذا التصرف دفع رئيسة الجلسة إلى الاستجابة إلى طلب ممثل الجزائر الذي دعا، خلال نقطة نظام، أن يتم التذكير بضرورة أن تحترم ممثلة المغرب القواعد الإجرائية المعمول بها، ليتم السماح لمقدم الالتماس من استكمال الوقت المخصص لمداخلته.
يشار إلى أن أشغال اللجنة الرابعة ستتواصل إلى غاية هذا الاثنين، حيث ستستمر اللجنة في الاستماع إلى مقدمي الالتماسات بخصوص تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، إلى جانب الأقاليم الأخرى المسجلة على جدول أعمالها.
وكانت لجنة تصفية الاستعمار للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو ما يعرف باللجنة الرابعة، باشرت مناقشة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، الثلاثاء المنصرم، حيث عرف اليوم الأول مشاركة فعالة لعدد كبير من مقدمي الالتماسات الذين قدموا من مختلف مناطق العالم ليرافعوا في غالبيتهم الساحقة لصالح تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه الشرعي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره والتخلص من براثن الاحتلال المغربي الذي طال أمده.
ولقد ضمت قائمة المتدخلين في اليوم الأول من النقاش العديد من الشخصيات، على غرار السفير سيدي محمد عمر، ممثل البوليساريو لدى الأمم المتحدة، وممثلين عن الحزب الشيوعي الأمريكي، والمؤسسة الكولومبية للصداقة مع الشعب الصحراوي، والجمعية الإكوادورية للصداقة مع الشعب الصحراوي، والرابطة الدولية للحقوقيين من أجل الصحراء الغربية والأكاديمية الجزائرية للشباب والتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي، الشبكة الصحراوية للتضامن الإيطالي مع الشعب الصحراوي وجامعة سانتو توماس وغيرهم الكثير.
وشدّد المتدخلون على الوضع القانوني لإقليم الصحراء الغربية، الذي يبقى قضية تصفية استعمار مسجل على قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، مستندين إلى مختلف قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة، بالإضافة إلى المؤسسات القضائية الدولية، مذكرين بالقرار الأخير لمحكمة العدل الأوروبية النهائي القاضي ببطلان الاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في الصحراء الغربية.