ضمــان سلامــة بيانـــات المواطنـين والمؤسسـات
الاعتماد على قدرات الجيش وتكوين كوادر وطنية متخصصـة في المجــال
في ظل تصاعد التهديدات السيبرانية التي تواجهها الدول حول العالم، برز الأمن السيبراني كأحد أهم مكونات الأمن القومي في العصر الرقمي، وخلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء الأخير، أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون على أهمية الرقمنة كركيزة أساسية للجزائر المنتصرة، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة تعزيز الأمن السيبراني كأولوية قصوى لحماية المصالح الوطنية.
في إطار توجيهاته، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة التزام الجزائر بمعايير صارمة في اقتناء الأجهزة والمعدات السيبرانية، وذلك لضمان حماية الفضاء الرقمي للدولة نظراً لارتباط هذا المجال بالأمن القومي مباشرة. وأكد أن الرقمنة تمثل أحد أسس التنمية في العصر الحديث، إلا أنها تحمل في طيّاتها مخاطر كبيرة، تتضاعف مع التوسع في الاعتماد على التكنولوجيا. ويؤكد الخبراء أن الهجمات السيبرانية أصبحت أداة رئيسية في الحروب الهجينة التي تقودها دول أو مجموعات، ما يجعل تأمين هذا المجال ضرورة حتمية لحماية البنية التحتية الحيوية للدولة وضمان سلامة بيانات المواطنين والمؤسسات على حد سواء.
في هذا السياق، وجه الرئيس الحكومة إلى ضرورة التعاون مع وزارة الدفاع الوطني، والتي تمتلك خبرات متقدمة في مجال الأمن السيبراني، من أجل وضع خطة شاملة الهدف منها حماية الفضاء السيبراني الجزائري، ويمتلك الجيش الوطني الشعبي تجربة فريدة في هذا المجال خاصة وأن كل قواعد البيانات والخوادم المستخدمة لديه يديرها جزائريون.
وفي هذا الإطار، يؤكد الدكتور محمد بن علي أستاذ الدراسات الأمنية في تصريح لـ«الشعب”، أن الجيش الوطني الشعبي يمتلك كوادر متمرسة وخبرات متراكمة في هذا المجال، وهو ما يعزّز قدرات الجزائر على مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة. والتعاون بين مختلف الهيئات الوطنية، بما فيها وزارة الدفاع، يعكس رؤية متكاملة للأمن القومي تتجاوز الحدود التقليدية لتشمل الأبعاد السيبرانية.
التكويــن الجامعــي
علاوة على ذلك، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة تعزيز التكوين الجامعي في مجال الأمن السيبراني. خاصة وأن الجزائر بحاجة إلى جيل جديد من المتخصصين القادرين على مواجهة التحديات السيبرانية المتزايدة، وفي هذا السياق، أطلقت الجزائر المدرسة العليا للأمن السيبراني، وهي مبادرة طموحة تهدف إلى استغلال القدرات الوطنية وتكوين كوادر جزائرية متميزة في مجال استراتيجي يمثل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي.
ولأوّل مرّة، فتحت المدرسة العليا للأمن السيبراني أبوابها للطلبة المتفوقين خلال الموسم الدراسي الجماعي الحالي (2024-2025) وهي ثمرة تعاون بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الدفاع الوطني. تقع المدرسة في القطب الجامعي بسيدي عبد الله، وتُعدّ خطوة مهمة نحو تعزيز قدرات الجزائر في مجال الأمن السيبراني وتهدف إلى تكوين نخبة من الطلبة في مجال معقّد وحيوي، وتأهيلهم للدفاع عن الفضاء السيبراني للدولة.
وتعكس توجيهات رئيس الجمهورية خلال اجتماع مجلس الوزراء حول تعزيز الأمن السيبراني فهمًا عميقًا للتحدّيات التي تواجه الجزائر في العصر الرقمي. من خلال الاعتماد على قدرات الجيش الوطني الشعبي وتكوين كوادر وطنية متخصصة في المجال، وتسير الجزائر بخطى ثابتة نحو حماية فضائها السيبراني وتحقيق الرقمنة الشاملة والتي من شأن أن تلعب دور مهم في دفع معدلات النمو في الجزائر نحو الأعلى وكذلك تتيح لصنّاع القرار من وضع سياسات عمومية ناجعة بناء على أرقام دقيقة.