في خطوة تعكس التزام الجزائر بحماية أمنها القومي واستقرارها الداخلي، قررت الحكومة الجزائرية إعادة فرض تأشيرة الدخول على جميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات السفر المغربية. وجاء هذا القرار استجابة للتحديات الأمنية المتعلقة بتزايد حالات التجاوزات الخطيرة التي تهدد سلامة البلاد، بما في ذلك دخول عناصر مرتبطة بجهاز المخابرات الصهيوني متخفية تحت مظلة جوازات السفر المغربية، ويعد هذا الإجراء سياديا من جانب الجزائر لضمان حماية مصالحها الوطنية.
أكد البيان الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، أنه تم رصد -منذ فترة- تجاوزات خطيرة على مستوى الحدود، حيث تم استغلال الإعفاء من التأشيرة من قبل عناصر استخباراتية صهيونية، تسعى إلى ضرب استقرار الجزائر. ويشير البيان، إلى أن هذه العناصر دخلت البلاد مستفيدة من جوازات سفر مغربية، ما يفرض على الجزائر اتخاذ تدابير أكثر صرامة لتعزيز المراقبة عند النقاط الحدودية.
في تعليقه على هذا القرار، يرى أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية، الدكتور محمد أوكلي، في تصريح لـ»الشعب»، أن الجزائر مارست حقها السيادي في هذا الشأن. وأضاف، أن هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل كانت رد فعل طبيعي على سلسلة طويلة من الأعمال العدائية التي قامت بها السلطات المغربية ضد الجزائر منذ سنة 1963، مرورا باتهام الجزائر سنة 1994 بإرهاب الدولة بدون أي دليل وحتى قطع العلاقات الدبلوماسية سنة 2021، ولفت إلى أن المغرب استغل غياب التأشيرة بين البلدين لتسهيل عمليات تهريب البشر، وتسريب المخدرات والمهلوسات إلى الجزائر، ما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الجزائري، ويكفي –لتأكيد هذا- معرفة أن المغرب مسؤول عن إنتاج 70٪ من القنب الهندي في العالم.
ولقد طالبت الجزائر -منذ استقلالها- المخزن بالعمل على الحد من تهريب المخدرات عبر الحدود الوطنية، خاصة مع ارتباطها بالإرهاب وتجارة الأسلحة في منطقة الساحل، وهذا من شأنه أن يزعزع الاستقرار في المنطقة ككل -يقول محدثنا- لكن السلطات المغربية لم تتخذ أي إجراء في هذا الإطار بل عملت عكس ذلك.
ولا يمكن تجاهل الخطر الأكبر في هذا السياق، يؤكد أوكلي، وهو دخول عناصر صهيونية متخفية بجوازات سفر مغربية لتنفيذ عمليات تجسس وأنشطة استخباراتية بالجزائر. فمن المعروف أن هناك عشرات الآلاف من الصهاينة المقيمين في الكيان الصهيوني ويحملون الجنسية المغربية.
وتشير تقارير عديدة إلى أن وتيرة منح الجنسية المغربية للصهاينة تصاعدت بشكل ملحوظ منذ تطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني، تحت ذريعة أصولهم المغربية. ومع ذلك، فإن الأمن القومي وحماية الوطن، لا يمكن أن تقبل هذه المبررات، خاصة وأن الواقع يؤكد أن نظام المخزن قد انخرط في أعمال عدائية ضد الجزائر منذ استقلالها.
ويؤكد الدكتور أوكلي، أن الجزائر كانت دائمًا حريصة على الحفاظ على الروابط الإنسانية والعائلية بين الشعبين الشقيقين، وأن القرار لا يستهدف المغاربة الذين تربطهم علاقات عائلية أو مهنية بالجزائر. كما أكد أن الجزائر لن تمنع منح التأشيرات لهذه الفئات، بل تسعى فقط لضبط عملية الدخول بشكل أكثر دقة لضمان عدم استغلالها من قبل الجهات التي تسعى لضرب استقرار البلاد.
ويرى العديد من المتابعين، أن قرار الحكومة الجزائرية فرض التأشيرة على حاملي الجوازات المغربية، سيساهم بشكل كبير في تعزيز فعالية الأجهزة الأمنية في رصد أي خروقات استغلت غياب التأشيرة بين البلدين. كما سيتيح فرض التأشيرة إمكانية تحديد وضبط العناصر المتورطة في تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى كشف أي محاولات للتجسس أو تهديد الأمن الوطني.