غرقت في مستنقـع التفقير والتجويع والقمـع

مملكة المخزن على وشك انفجار “ثورة جياع”

محمد علواني

الكاتب المغـربي المعــارض طـارق ليساوي: المغـرب سجن لأبنائــه وفلذات أكباده

شبــاب ضحايـا لسياسات عموميـة فاشلة سدّت كــل آفـاق العيـش الكريم

مراهقون دفعتهم سياسات التفقير والتجويع والتجهيل والحرمان إلى الهروب للمجهول

عدد الراغبين في الهجرة أكـبر بكثــير من الجماهــير الغفـيرة التي شهدناهـا في الفنيـدق

يطرح الكاتب المغربي والأستاذ الجامعي الدكتور طارق ليساوي، في مقال تحت عنوان: «على خلفية الهروب الكبير: هل أصبح المغرب سجنا لأبنائه وفلذات أكباده؟»، العوامل التي تدفع بآلاف الشباب المغربي للرغبة والسعي إلى الهجرة، ويلخصها في سياسات التفقير والتجويع والتجهيل والممارسات الأمنية القمعية التي جعلت من هؤلاء الشباب ضحايا لسياسات عمومية فاشلة سدّت كل آفاق العيش الكريم ولم تترك من فرصة غير الرحيل بأي طريقة وعبر أي وسيلة بحثا عن حياة أفضل.
وقال الجامعي المغربي إن «الهروب الكبير» هو قمة الجبل الظاهرة فقط، جبل بنيانه وقاعدته المعاناة والحرمان والظلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي»، وأضاف يقول إنه من المؤكد أن «عدد الراغبين في الهجرة أكبر بكثير من الجماهير الغفيرة التي شهدناها في الفنيدق، فبحسب وكالة أنباء المغرب العربي، واعتمادا على إحصائيات وزارة الداخلية فقد تم منع أزيد من 45 ألف شخص من الهجرة إلى أوروبا منذ الأشهر الأولى لسنة 2024 وإلى حدود شهر أوت، وفي سنة 2023 تم إحباط حوالي 76 ألف حالة.
وتحدث ليساوي بأسى عن «مشهد الفنيدق»، واعتبره مؤشرا حقيقيا يفضح بألم وجود أزمة وخطرا مجتمعيا داهما، وقال إنه «مشهد يدل على أن الإحباط هو المسيطر واليأس وتفشي فقدان الثقة في المستقبل على عقول الفئات الشابة وغير الشابة، ذكورا وإناثا». وأضاف إن «هذا المؤشر لا يمكن تجاوزه والتغافل عنه من لدن الدولة عامة والحكومة والبرلمان ثانيا، وحتى من لدن المجتمع المدني ومختلف الباحثين في موضوع الهجرة والتنمية»..

المقاربـة الأمنيـة..خيـار الفاشلـين..

ويرى ليساوى أنه «لا ينبغي تركيز اللّوم على دعوات التشجيع والتحريض على الهجرة لزجرها وتوقيع العقاب عليها، وإنما ينبغي التركيز على عنصر الاستجابة الواسعة النطاق لهكذا دعوات»، وأضاف أن هناك قابلية للهروب لدى الشباب والقاصرين، وهو ما يجعل من المقاربة الأمنية لوحدها خيارا فاشلا، فالمقاربة الأمنية - يقول الجامعي - ليست الخيار الناجع والسليم للتعاطي مع موضوع الهجرة، ولابد من تسليط الضوء على دوافع السخط العارم، ومسبّبات حالة اليأس العام والمزمن، وهنا لابد من العودة إلى لب المشكلة وجوهرها، وأعني فشل التنمية وتبني سياسات عمومية مفلسة على الأقل في جزئية الاستجابة لتطلعات الشباب والقاصرين».

آثـار التعذيــب علـى الشبـاب.. عـار

وعطفا على المقاربة الأمنية صباح يوم 16سبتمبر، تم تداول صور ومقاطع فيديو يظهر فيها شباب بلباس السباحة وظهورهم عارية وعليهم آثار لكدمات حمراء على ظهورهم المكشوفة، تؤكد تعرضهم للضرب، وبغض النظر عن تاريخ هذه الصورة هل هي حديثة أم قديمة - يقول ليساوي - فإننا في جميع الحالات ندين كل شكل من أشكال انتهاك آدمية وكرامة وسلامة كل مواطن مغربي، وبل وكل إنسان، ومن باب أولى هؤلاء الشباب والمراهقين الذين دفعتهم سياسات التفقير والتجويع والتجهيل إلى الهروب للمجهول..
واعتبر ليساوي أن الشباب الذي يسارع في الهروب يمثل «ضحايا لسياسات عمومية فاشلة وينبغي محاسبة المسؤولين عن دفع هؤلاء لترك أهاليهم ووطنهم والهروب باتجاه الضفة الأخرى»..
وبعد تداول هذه الصور والمقاطع، أعلن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتطوان، الثلاثاء الماضي، «أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي، على إثر تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي لصور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض وبعضهم الآخر قبالة حائط إسمنتي» وعليهم آثار الضرب.

فـي قلـب الصدمـــة..

ونحن في قلب هذه الموجة والصدمة - يقول ليساوي - نجد من يخرج على وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي وينسب ما حدث بالفنيدق لجهات أجنبية، ويدعو القوات العمومية لاستعمال القوة المفرطة في التعامل مع هؤلاء الشباب والأطفال باعتبارهم أعداء للوطن وجناة، وأضاف ليساوي يقول: «قرأت تعليقات لحسابات تتبنى هذا الطرح وتسوّقه للعموم، وهؤلاء يعتقدون أن المغاربة سفهاء أو أغبياء وأن عقولنا معطلة، نحن أبناء هذا الوطن وعلى علم بواقع البلاد والعباد، وشخصيا تصلني في كثير من الحالات معلومات لا تتاح إلا لخاصة الخاصة بحكم استثماري في الإعلام، ومع ذلك نحتفظ ونتحرج في نشرها ليس خوفا من أحد، ولكن ليس كل ما يعرف يقال بالضرورة».
ودعا ليساوي إلى ضرورة التحلي بالشجاعة - بحكم أنه من دعاة  التغيير التدريجي والآمن - والاعتراف بسلبية الوضع وتشخيصه التشخيص الجيد لصياغة العلاجات المناسبة، فقد تعوّد المخزن على إلصاق التهم بأي كان، عوضا عن البحث في أخطائه وخطاياه المتراكمة، خاصة منها ما يتنزل ظلما وإجحافا في حق الشعب المغربي.

دولة يحلم شبابها بالهروب.. دولة فاشلة

ويرى ليساوي أن في مقابل المصابين بالعمى والإعاقة الفكرية ممن يبحثون عن مشاجب يعلقون عليها الكوارث التي أحدثها المخزن هناك «قاعدة شعبية من المغاربة المدركين لخطورة الوضع، فهناك عقلاء وشرفاء في هذا الوطن دفعهم مشهد الفنيدق إلى دق ناقوس الخطر، الدعوة إلى مراجعة شاملة للسياسات العمومية وإقالة أخنوش وحكومته الفاشلة، والدعوة إلى حكومة إنقاذ وطني ببرنامج فريد ومحدد إعادة الثقة للمواطن في الوطن وفي السياسة إنقاذا للوطن من المجهول»، وأضاف ليساوي أن «انتقادنا للسياسات العمومية ليس مرده خلاف شخصي أو سياسي أو فكري مع أحد، ولكنه خلاف حول منهجيات تحقيق التنمية وتوسيع خيارات الناس»، فـ»البلد الذي يحلم شبابه بالهروب منه، بلد فاشل تنمويا وسياسيا وثقافيا، بلد نخبته السياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية والدينية والإعلامية والتربوية فاشلة وعاجزة ولم تقم بوظائفها كما ينبغي».. يختم الأستاذ الجامعي طارق ليساوي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19581

العدد 19581

السبت 28 سبتمبر 2024
العدد 19580

العدد 19580

السبت 28 سبتمبر 2024
العدد 19579

العدد 19579

السبت 28 سبتمبر 2024
العدد 19578

العدد 19578

السبت 28 سبتمبر 2024