بعـد تدهـور القدرة الشرائية واستفحـال البطالـة..

المغاربة.. هروب جماعي من اليـأس والبـؤس

آسيا قبلي

الارتماء في أحضان الصهاينة.. لعنة تطارد الملك والحاشية والمخزن الحزين

أثرت السياسات الحكومية المغربية الفاشلة على القدرة الشرائية للشعب المغربي، بما تسبب في انتشار الفقر بوتيرة سريعة حيث تراجعت القدرة الشرائية بشكل ملحوظ، وأصبح الفرد المغربي غير قادر على شراء أبسط حاجياته، ما جعله يهرب في موجات كبيرة نحو المجهول، إذ فر المغاربة - في سابقة - بأعداد هائلة نحو مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيتين في الأيام القليلة الماضية، محاولة للتخلص من واقع معيشي بائس.

أدت سياسات المخزن غير المدروسة، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وعوامل طبيعية، في ارتفاع نسبة البطالة، وفقدان مئات آلاف مناصب الشغل في مختلف القطاعات، حيث أحيل ما لا يقل عن 150 ألف عامل في الفلاحة على البطالة، جراء الندرة الحادة في المياه واستفحال ظاهرة الجفاف، واستغلال الكيان الصهيوني اتفاقات التطبيع، لإنتاج محاصيل تستنزف المياه بشكل كبير مثل فاكهة الافوكادو، وهذا على حساب أمنه المائي والاقتصادي و احتياجات سكانه.
أوردت تقارير إعلامية محلية، تقرير المندوبية السامية للتخطيط المغربية، والذي أكد أن فقدان مناصب العمل في الأرياف في الربع الأول من العام الحالي، ساهم في تراجع العدد الإجمالي لمناصب العمل بـ80 ألف منصب عمل، رغم إحداث 78 ألف منصب عمل في المدن، مشيرة إلى أن بيانات المندوبية تشير إلى أن قطاع الفلاحة والغابة والصيد فقد 206 آلاف منصب عمل.
وأوضحت المصادر أن “الجفاف في المغرب يضغط بقوة على سوق العمل، حيث تبين فقدان 150 ألف منصب عمل في الأرياف، معظمها مصنف ضمن العمل غير المصرح عنه، ما ساهم في رفع معدل البطالة إلى 13.7 في المائة
وأوضح التقرير الرسمي أن معدل البطالة في المغرب تفاقم في عام 2023 إلى ما يقارب 14 في المائة لتسجل أعلى معدل لها. وأضاف التقرير، أن معدل البطالة بلغ 16.8 في المائة في المناطق الحضرية ووصل إلى الذروة بـ48.3 في المائة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، كما سجل المغرب خلال سنة 2024 خسارة جديدة بلغت 157 ألف منصب. و202 ألف منصب شغل في قطاع الزراعة وحده.

عوائــل عاجـزة..

وأظهرت نتائج الحسابات الوطنية أن النمو الاقتصادي في المغرب سجل تباطؤاً في معدل نموه بلغ 2.5% عوض 3.9% خلال نفس الفصل من السنة الماضية. وكشف البحث المغربي حول مستوى معيشة الأسر المغربية الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط صيف 2024، أن أكثر من 70 بالمائة من الأسر تواجه في المملكة صعوبات في تغطية نفقاتها، وصرحت 82.5 بالمائة من الأسر بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا.
وارتفع عدد الفقراء المغاربة من 623 ألف سنة 2019، إلى مليون و40 ألف سنة 2022، ويعني ذلك أن هذه الفئة لا تقدر على تلبية الحد الأدنى من المواد اللازمة لتلبية الحاجيات الأساسية، الغذائية منها وغير الغذائية. في حين تشير تقارير أخرى إلى انزلاق 2.3 مليون مغربي تحت عتبة الفقر في ظل تأزم وضعيتهم في السنوات الأخيرة.
وأشار التقرير المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، إلى أن 75.1 بالمائة من أرباب الأسر، أكدوا أن مستوى معيشتهم قد تدهور مقارنة بما كان عليه قبل جائحة كورونا. هذا وتنتشر مخاوف وسط نحو خمسين بالمائة من أرباب الأسر، بعدم القدرة على تلبية مصاريف الغذاء والعلاج والملابس والنقل، ناهيك عن نفقات التمدرس، خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وفي وقت لا تستطيع 80 بالمائة من الأسر تأمين مستلزمات العيش الكريم، أكدت أنها قد لجأت إلى مدخراتها لتغطية الغلاء الفاحش في الأسعار.

التجويــع.. بهدف التركيــع

ولا يمكن فصل ما يحدث في المغرب من تفقير وتجويع عن موقف الشعب المغربي الممانع والمناهض لموقف الحكومة التي اتخذت التطبيع سبيلا في علاقاتها مع الكيان الغاصب، للإبقاء على العرش ومواجهة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي لم تتوقف منذ عملية طوفان الأقصى، وما قبلها، عندما قرر المخزن الجهر بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتتواصل الاحتجاجات الشعبية في شوارع كبريات المدن المغربية مطالبة بوقف التطبيع مع الصهاينة، ونصرة القضية الفلسطينية.
 ومن أجل إلهاء الشعب المغربي عن قضايا أمته، يلجأ المخزن المطبع إلى صرف انتباه الشعب إلى تحصيل قوت يومه، من خلال تضييق سبل العيش ورفع الأسعار والتخلي عن دعم المواد واسعة الاستهلاك، وإطلاق العنان للمستثمرين الصهاينة لنهب ثروات الشعب، لاسيما في قطاع الفلاحة، عبر التطبيع الفلاحي الذي أدى الى استغلال الأراضي الفلاحية وزراعة منتجات لا تلبي الطلب الداخلي المغربي، كما أنها تستهلك كميات كبيرة من المياه، وهذا تسبب في هدر الثروة وتجويع الشعب.
وكانت النقابات المغربية حذرت من سياسات الحكومة التي قررت رفع الأسعار بداية السنة الجارية، وسط عجزها أو تعمد التماطل في إيجاد حلول لموجة الغلاء التي تعرفها العديد من المواد الأساسية، والإجهاز الممنهج على القدرة الشرائية للمواطنين العمال على حد سواء.

الفسـاد يعصـف بـأركان الدولة

وإلى جانب تدابير التضييق المذكورة، أدى تمكين الفساد في كل هياكل الدولة المغربية، إلى سخط شعبي عارم ومظاهرات متواصلة تنديدا به، وفي السياق، نظمت الجمعية المغربية لحماية المال العام أمس السبت احتجاجات أمام مقر البرلمان وشارك الشعب المغربي فيها بقوة تحت شعار: “كلنا مسؤولون.. كلنا معنيون”، تنديداً بالفساد الذي استشرى في مختلف مؤسسات الدولة المخزنية.
من جهة أخرى، يتعرض الكتاب والصحفيون والمواطنون والمدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما أولئك الذين تحمل مقالاتهم بعدًا سياسيًا نقديًا يرتبط بأسئلة الحرية والديمقراطية والحوكمة، إلى القمع والسجن وتلفيق التهم من قبل “العدالة” والقضاء المغربي.
 ويعيش قطاع العدالة في المغرب تحت وطأة سياسة “تكميم الأفواه” والتضييق على الجمعيات الحقوقية في التبليغ عن الفساد، بفعل تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية وتحجيم دور النيابة العامة في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية في جرائم المال العام، وتلفيق التهم ضد من يعبرون عن آرائهم والزج بهم في السجون ظلما، ما انجر عنه تراجع ترتيب المغرب في تصنيف حرية التعبير.
وصنف “التقرير العالمي لحرية التعبير لعام 2024” المغرب في المرتبة 104 من بين 161 بلدا شمله التقرير الصادر عن منظمة “المادة 19” البريطانية، ويعكس ذلك وضع المغرب في فئة الحرية “المقيدة بشدة”، التي تمثل فئة من البلدان التي تفرض قيودا شديدة على حرية التعبير والوصول إلى المعلومات. وتعتبر منظمة المادة 19، هي منظمة حقوقية دولية تعمل على حماية ودعم حرية التعبير والمعرفة حول العالم.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19582

العدد 19582

الأحد 29 سبتمبر 2024
العدد 19581

العدد 19581

السبت 28 سبتمبر 2024
العدد 19580

العدد 19580

السبت 28 سبتمبر 2024
العدد 19579

العدد 19579

السبت 28 سبتمبر 2024