دعـاة السـلام العـادل يتحمّلون مسؤولية إنهاء الظلم المسلط على الفلسطينيين
شارك ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك، السفير عمار بن جامع، أمس، في اجتماع الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة حول فلسطين ويرتقب أن تشهد التصويت على مشروع قرار تقدّمت به فلسطين، لأوّل مرّة في تاريخ الأمم المتحدة، يدعو إلى تنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بتاريخ 19 جويلية 2024.
وفي كلمة ألقاها خلال هذا الاجتماع، أكد السفير بن جامع على أهمية العمل المتعدّد الأطراف في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وإن تأسف في الوقت نفسه، على محدودية أطره، بما في ذلك الأمم المتحدة ذاتها، نتيجة العجز عن تمكين الفلسطينيين من كل حقوقهم غير القابلة للتصرف، حيث نوّه أنه، من ناحية، لولا القانون الدولي والمحافل الأممية، لكانت القضية الفلسطينية قد طواها النسيان في عالم تهيمن عليه المصالح الضيقة، ومن ناحية أخرى، أظهر العمل المتعدّد الأطراف عدم قدرته على إمضاء قرارات الشرعية الدولية.
وعزى السفير بن جامع هذا الفشل إلى القوّة القائمة بالاحتلال التي تتجاهل القانون الدولي نتيجة غياب المساءلة والعقاب، وتتصرف كما لو أنها فوق القانون
كما أدان - في السياق - مواصلة المحتل الصهيوني القتل والاعتقال في غزة والضفة الغربية، ويدنس الأماكن المقدسة في القدس الشريف، ويهجر سكانه قسرا. وينكر علنا حقوق الشعب الفلسطيني، ويسعى إلى تقويض إقامة دولته.
وشدّد ممثل الجزائر الدائم على أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي اتخذته أعلى هيئة قضائية في العالم والذي يفند رواية الاحتلال ويفضح سياسات الفصل العنصري التي يمارسها ويؤكد من جديد عدم شرعية الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية وضرورة إنهائه.
وفي هذا السياق، ذكّر بن جامع، بما قاله رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون: “نحن، دعاة السلام العادل، نتحمل المسؤولية عن إنهاء الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني، وهي نتيجة لا يمكن تحقيقها إلا بإجبار السلطة القائمة بالاحتلال على الانصياع للقانون الدولي.”
في الأخير، شدّد السفير على ضرورة الحرص على التنفيذ الكامل لفتوى محكمة العدل الدولية، ودعا كافة الدول الأعضاء إلى تأييد مشروع القرار التاريخي الذي تقدّمت به دولة فلسطين إلى الجمعية العامة والذي يعتبر أوّل قرار تقدّمه دولة فلسطين بصفتها الوطنية في تاريخ الأمم المتحدة. هذا القرار الذي يحدّد خارطة طريق واضحة لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من التمتع الكامل بحقوقه.
«يجب أن نقف معا دفاعا عن القانون الدولي. يجب أن نقف متحدين من أجل السلام.” يؤكد السفير بن جامع.
المجتمع الدولـي يتحمّل المسؤوليــة لإرسـاء أُسس الاستقـرار
وكان ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، جدّد الاثنين، بنيويورك، التأكيد على حتمية وقف اطلاق النار في قطاع غزة، الذي يشهد عدوانا صهيونيا وحشيا، دون شروط، لا سيما في ظل انخفاض تدفق المساعدات الانسانية الى القطاع.
وقال بن جامع في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس الامن الدولي، حول “الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية”، إنه “لا بد من تناول مسألة جد خطيرة إثر فقدان ستة عمال من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مؤخرا”، والتي اعتبرها “مسألة لا تستدعي الإدانة فقط، بل تذكرنا بشكل صارخ بالتآكل الخطير للمعايير الدولية التي لطالما سعينا لإرسائها”.
وأضاف الدبلوماسي أن هذه الحادثة، إضافة إلى الهجمات على الأفراد العاملين في المجال الانساني، بما في ذلك القافلة التابعة لبرنامج الاغذية العالمي، “ما هي إلا خنجر في صميم مبادئ القانون الانساني الدولي”.
وعليه - يقول السفير بن جامع - “إننا نقف اليوم أمام منعطف خطير، فكلما طال أمد الإفلات من العقاب، رأينا أن القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف ستصبح غير ذات أهمية ولا يكترث لها”.
وبعدما أشاد بجهود تنفيذ القرار الأممي 2720 “الذي ولد من رحم نية حسنة وسعى لضمان تدفق المساعدات الانسانية دون عوائق الى سكان غزة الذين يتضورون جوعا”، لفت الى انه بعد انقضاء تسعة أشهر من تبني الوثيقة، “يجب علينا ان نواجه الواقع المرير”.
واسترسل بالقول إن الآلية التي تم تأسيسها، على الرغم من أنها “سليمة من الناحية العملية، إلا أنها لم تحقق النتيجة المرجوة” بحسب ما تؤكده الأرقام التي تذكر بهذه الحقيقة الدامغة وهي ان “توصيل المساعدات بمعدل يومي قد انخفض منذ اعتماد القرار 2720 في شهر ديسمبر الماضي، حيث أكدت بيانات الأمم المتحدة دخول 62 شاحنة فقط الى القطاع بشكل يومي خلال الايام العشرة الأولى من شهر سبتمبر وذلك مقارنة بـ97 شاحنة في ديسمبر من عام 2023”.
وأبرز بن جامع أنه قبل اعتماد القرار، تم تسجيل دخول أكثر من 500 شاحنة العام الماضي يوميا، منتقدا “سياسة السلطة القائمة بالاحتلال الذي بات تعاونها ضروري من أجل تيسير الجهود الانسانية بدلا من الوقوف في وجهها”.
وأضاف: “يجب علينا أن نعترف بأن جهودنا لكي نواجه أزمة سياسية، باستخدام الأدوات والسبل الإنسانية واللوجستية البحت، قد ثبت أنها غير كافية”، مجددا التأكيد على حتمية وقف إطلاق النار في قطاع غزة دون أي شروط.
وعلى الرغم من هذه الظروف “الحالكة”، يقول الدبلوماسي الجزائري، “نرى بارقة أمل من خلال حملة التحصين ضد شلل الاطفال والتي بلغت الى غاية 13 سبتمبر أكثر من 560 ألف طفل من اجمالي 625 ألف طفل في قطاع غزة”، مبرزا ان هذه الحملة هي “برهان على ما يمكن أن يتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية”.
وهنا، تطرق بن جامع الى نقطة مهمة وهي “عدم الاستغناء مطلقا عن دور أونروا، وهو ما رأيناه في إطار حملة التحصين ضد مرض شلل الأطفال”.
وتابع بن جامع أن “الدرب أمامنا واضح ولكنه معبّد بالعديد من التحدّيات، وبالتالي فإن الوفاء بالولاية التي نص عليها القرار 2720 لا تتطلب فقط التوصل الى وقف اطلاق النار، بل إنما تتطلب أيضا عودة الاستقرار في غزة وتنفيذ خطة إعادة اعمار شاملة منسقة بشكل جيد”.
وختم الدبلوماسي الجزائري بالقول إن المجتمع الدولي “يتحمل مسؤولية ثقيلة حيث يجب العمل بلا كلل نحو التوصل الى وقف لإطلاق النار و ارساء أسس لمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا للمنطقة”.