بوداعة: الشّعب الجزائـري رفـع سقف تطلّعاتـه لثقتـه فـي رئيسـه
مقدم: فرصـة تــاريخيـة لتحقيق تطلّعـات المـواطنين
رسمت المحكمة الدستورية، أمس، فوز الرئيس عبد المجيد تبون بالأغلبية المطلقة في انتخابات السابع من سبتمبر، ليبدأ العهدة الثانية مباشرة بعد أداء اليمين الدستورية، ويفعّل آليات البرنامج الطموح إلى جزائر منتصرة، خاصة مع ظروف الدولية والإقليمية التي تفرض مليئة تحديات غاية في الدقة، غير أنّ هبة الشعب الجزائري الذي توجه إلى صناديق الاقتراع، تعبيرا عن رغبته العميقة في جزائر جديدة منتصرة، وإيلاء الرئيس بالأغلبية المطلقة، من شأنها أن تكون سندا قويا للرئيس كي يواصل إنجازاته.
أظهرت انطباعات المواطنين المعبر عنها بعد ترسيم فوز الرئيس بالأغلبية المطلقة، عن ارتفاع سقف التوقعات والآمال في الرئيس المنتخب بنسبة تزيد عن 84.30 بالمائة، وجاءت أبرز التطلعات اقتصادية واجتماعية، إذ يأمل الجزائريون أن تتواصل المشاريع وتحظى بالعناية والتوفيق في التنفيذ، خاصة بعد أربع سنوات من الجهود المسخرة في سبيل تحسين البنى التحتية والإطار المعيشي للسكان في المناطق المعزولة، ضمن ما اتخذ تسمية برنامج مناطق الظل للتنمية، فضلا عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجريئة، التي مكنت الجزائر من فرض سيادتها وسطوتها الدولية وتفوقها الاقتصادي.
عهدة الانتصار
في الموضوع، اعتبر أستاذ القانون العام بجامعة معسكر، الدكتور بوداعة حاج مختار، الانتخابات الرئاسية المسبقة التي انتهت إلى تجديد الشعب الجزائري لثقته في الرئيس عبد المجيد تبون، حدثاً مفصلياً أتاح للمواطنين فرصة اختيار قائدهم الذي سيتولى زمام الأمور ويقود البلاد نحو مستقبل أفضل، في ظروف اكتستها تحديات داخلية وخارجية، تواجه البلاد على الصعيد الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي، مقابل ارتفاع سقف المطالب والتطلعات الشعبية، نحو تحقيق التغيير وتحسين الظروف المعيشية، وهذا ما يؤكد الرغبة في استمرار وتحقيق المزيد من المكاسب المحققة خلال العهدة الرئاسية للرئيس عبد المجيد تبون، وفق المتحدث.
تعزيز الأمن القانوني
وأوضح الدكتور بوداعة، أن العهدة الرئاسية الثانية للرئيس المنتخب الأغلبية، ستكون عهدة الانتصار الاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى ستة مجالات أساسية يتطلع إليها الجزائريون، أساسها استكمال الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية منذ انتخابه سنة 2019، مشيرا إلى أن الجزائر قطعت أشواطا مهمة في مسألة الإصلاح المؤسساتي، وتعميق الحقوق والحريات الأساسية وأخلقة الحياة العامة، وبناء مؤسسات دستورية صلبة ومتينة وقوية، لاسيما بعد التعديل الدستوري لسنة 2020 الذي جاء لتحقيق هذا الغرض، وسمح بتعميق الحقوق والحريات وربطها بفكرة الأمن القانوني والأمن القضائي، خاصة من خلال أحكام المواد 35 و34 من الدستور، وأيضا من خلال إنشاء مؤسسات تكفل حماية هذه الحقوق والحريات، على غرار المحكمة الدستورية، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية واستقلالية المجلس الأعلى للقضاء، فضلا عن مجموعة من السلطات الدستورية على غرار السلطة العليا للشفافية ومكافحة الفساد والوقاية منه، والسلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات.
ويعتقد المختص في القانون العام، الدكتور بوداعة، أن الجزائر الجديدة المنتصرة سياسيا واقتصاديا أمام رهانات عديدة، أولها الإصلاح القانوني والمؤسساتي، بداية من تقييم عمل السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، ثم التوجه نحو تعديل قانون الجماعات المحلية الذي يرتقب أن يعطي دورا وصلاحيات واسعة للمنتخبين المحليين، في مسألة التنمية الاقتصادية واتخاذ القرار على المستوى المحلي خاصة في الجوانب التنظيمية والجوانب الاقتصادية، لاسيما وأن صدور هذا القانون يتزامن مع تقسيم إداري جديد يلبي الغاية من جهود التنمية المحلية والتوازن بين الأقاليم، لافتا إلى أن التقسيم الإداري الجديد أصبح ضرورة ملّحة، من أجل تنمية محلية شاملة ومتوازنة، فضلا عن التوجه نحو تعديل وإصلاح قانون الأحزاب، بما يسمح أن تؤدي هذه الهيئات دورها الكامل في الحياة السياسية.
وذكر محدثنا - حسب تصوره لضرورة تواصل نهج الإصلاح القانوني والمؤسساتي، لاسيما ما تعلق منه بمكافحة الفساد والوقاية منه - أن الجزائر سوف تستمر في استرجاع الأموال المنهوبة التي تم تحويلها إلى الخارج، من خلال استمرار الإنابات والإجراءات القضائية، فضلا عن قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية الجديد، الذي سوف يفصل ما بين الجرائم العمدية التي تتمثل في جرائم الفساد وجرائم اختلاس الأموال، وبين الأخطاء في التسيير التي فصل فيها التعديل الأخير لقانون العقوبات، لاسيما من جانب أخطاء التسيير التي ليس لها وصف جزائي أو وصف جنائي، وبالتالي يتعين أن نفرق بين الأخطاء، والجرائم العمدية.
ويعتقد المختص القانوني أنّ الشق الاقتصادي هو حجر الزاوية في برنامج رئيس الجمهورية وفي التزاماته الانتخابية، حيث أصبحت طموحات الجزائر اقتصادية - استراتيجية محض، حتى تتجنب التأثير والتغول الدولي على سيادية قراراتها، لافتا إلى التزام رئيس الجمهورية برفع الناتج المحلي الخام، إلى حوالي 400 مليار دولار سنويا، الأمر الذي يعتبر في حد ذاته هدفا استراتيجيا يتطلب تحسين قدرات الإنتاج الوطني، وتفعيل الخدمات، مشيرا إلى أن بوادر ومؤشرات هذا الهدف بدأت تظهر بالقطاع الفلاحي وقطاع المناجم وبعض الصناعات التحويلية، زيادة على الصادرات خارج المحروقات، وتوسيع النسيج الصناعي من خلال المساعدة على إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، لأنها هي عصب وحجر الزاوية في أي تنمية اقتصادية.
فرصة تاريخية
من جهته، قال رئيس الجمعية الوطنية «أمل الحياة» للعناية بأطفال الشلل الدماغي، سيد أحمد مقدم، أن الرئيس المنتخب بالأغلبية الساحقة، أمام فرصة تاريخية لتحقيق التغيير الذي يطمح إليه الجزائريون الذين أثبتوا رغبتهم في مواصلة نهج التغيير السلمي، وبناء مستقبل مزدهر بسواعد جزائرية، مؤكدا أنه لا مجال لنكران ما تقدم من إصلاحات عميقة خلال العهدة الرئاسية الأولى لعبد المجيد تبون، غير أن تحقيق المزيد من المكاسب بقيادته أمر ضروري ومحتوم من أجل تحصيل أكبر للمكاسب في المجال الاجتماعي، على غرار ترقية الخدمات الصحية والاجتماعية للجزائريين.
وقال مقدم إنّ جمعية «أمل الحياة» تتطلّع إلى إصدار قانون حماية ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن العهدة الأولى للرئيس تبون عرفت عدة انجازات ومكاسب في قطاع الصحة على غرار المستشفى المركزي للحروق بزرالدة، لافتا إلى ضرورة المضي نحو إنجاز مشاريع أخرى في قطاع الصحة للتقليل من أعباء وتكاليف العلاج في الخارج، ومنه تهيئة قاعدة صلبة لاسترجاع الكفاءات الجزائرية من المهجر في مجال الطب، وتحقيق فكرة السياحة العلاجية في الجزائر، من خلال إنشاء مراكز وأقطاب علاجية نوعية، تسمح بالتكفل المثالي بمرضى الشلل الدماغي، والأمراض السرطانية، وبالتالي بلوغ مستوى عال من تكافؤ الفرص العلاجية داخل الوطن، ووقف استنزاف الأموال الجزائرية في مستشفيات الخارج.