انتصـار جديـد لنضـال ومساعـي الديبلوماسيـة الجزائريـة دوليـا
قرر وزراء الخارجية العرب المجتمعون بالقاهرة، حسب مصادر مطلعة، اتخاذ خطوة تاريخية في اتجاه السعي نحو تجميد مشاركة الكيان الصهيوني في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يأتي هذا القرار، بعد عدم التزام الكيان الصهيوني بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وتهديده للأمن والسلم الدوليين، فضلاً عن استمراره في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني. وفي هذا الإطار، تم تكليف مجموعة السفراء العرب بنيويورك، بتقديم الطلب إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، والعمل على حشد الدعم الدولي لتجسيد هذا القرار، استناداً إلى الرأي الاستشاري التاريخي لمحكمة العدل الدولية الصادر في جويلية 2024.
ويعتبر هذا القرار تبنّيًا لتوجه طالما دعت إليه الجزائر، وعبر عنه وزير الخارجية أحمد عطاف، إذ شدد على ضرورة تشديد الخناق على الاحتلال الصهيوني في مختلف المحافل الدولية لثنيه على التوقف عن جرائم الإبادة في حق الفلسطينيين.
وتأتي هذه الخطوة، في ظل تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يستمر الكيان الصهيوني في ارتكاب المجازر، خاصة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2022، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 35 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة الى تدمير البنية التحتية في القطاع لاسيما المستشفيات والمدارس.
وسعت الجزائر، منذ بداية عضويتها في مجلس الأمن، جانفي الماضي، إلى حشد الدعم الدولي لإدانة الكيان الصهيوني داخل المجلس، حيث قدمت العديد من مشاريع القرارات التي تدين الانتهاكات الصهيونية وتدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلا أن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض حال دون تمرير تلك القرارات في عدة مناسبات.
وتتماشى هذه الجهود مع التعهدات التي أطلقها رئيس الجمهورية خلال حملته الانتخابية، إذ أكد أن دعم القضايا العادلة يشكل أحد ركائز الدبلوماسية الجزائرية، خاصة ما يتعلق بالقضيتين الفلسطينية والصحراء الغربية.
وتتمسك الجزائر بمواقفها الثابتة، في مقدمتها دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف. وهذا ما أكد عليه الرئيس عبد المجيد تبون خلال خطابه التاريخي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر من العام الماضي.
شروط قانونية ومعضلات سياسية
في السياق، تخضع عملية تجميد عضوية دولة ما في الأمم المتحدة لتحقيق عدة شروط قانونية صارمة، فبموجب المادة 5 من ميثاق الأمم المتحدة، يمكن تعليق حقوق وامتيازات أي عضو يتعرض لعقوبات من مجلس الأمن بسبب تهديده للسلم والأمن الدوليين.
ويتطلب الأمر موافقة أغلبية ثلثي أعضاء الجمعية العامة، بناءً على توصية من مجلس الأمن. بجانب ذلك، يتعين على الدول الأعضاء تقديم حجج قانونية قوية تدعم انتهاكات الصهاينة المتكررة لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالاحتلال والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي يطالب المجتمع الدولي باتخاذ تدابير ملموسة ضد الانتهاكات الصهيونية.
كذلك يمكن للدول العربية الاستناد إلى قرارات سابقة للأمم المتحدة، مثل القرار 242 و338 اللذين يدعوان إلى انسحاب الكيان الصهيوني من الأراضي المحتلة.
علاوة على ذلك، فإن السعي نحو تجميد مشاركة الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، يمثل خطوة جريئة من قبل الدول العربية. ويعتمد نجاح هذا المسعى بشكل كبير، على قدرة الدبلوماسية العربية على حشد دعم دولي كافٍ. ويبقى الأهم هو أن هذه الخطوة تعكس إصرار الدول العربية على مواجهة الاحتلال الصهيوني، من أجل تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ويهدف القرار إلى عزل الكيان الصهيوني دوليًا، وتقويض مكانته في المجتمع الدولي، بالإضافة إلى زيادة الضغط عليه للالتزام بقرارات الشرعية الدولية ووقف انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، كما ستعزز الخطوة من مكانة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، ويدفع المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاهها.